فيما ألقت مروحيات النظام السوري أكثر من 20 برميلا متفجرا على مدينة داريا في ريف دمشق، في ظل تزايد هجمات قوات النظام على الغوطتين الشرقية والغربية لدمشق بشكل غير مسبوق، قدم المبعوث الأممي إلى سوريا "ستافان دي ميستورا" وثيقتين لحل الازمة السورية، لم تتطرقا إلى رحيل بشار الأسد عن السلطة، وفي وقت أعلن فيه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن اوبراين أن أكثر من 250 ألف شخص قتلوا منذ اندلاع الأزمة في سوريا، حددت الأممالمتحدة مقاييس التحقيق في هجمات كيماوية في سوريا، وقتل ضابط إيراني من الحرس الثوري و17 من المرتزقة الافغان من ميليشيات "فاطميون" الذين يقاتلون إلى جانب جيش النظام السوري خلال معارك شهر أغسطس الحالي في سوريا ضد فصائل المعارضة، وأحرزت جبهة النصرة وحلفاؤها امس تقدما في اتجاه مطار ابو الظهور العسكري، آخر نقطة عسكرية تابعة لقوات النظام في محافظة ادلب، وحددت الأممالمتحدة مقاييس التحقيق في هجمات كيماوية في سوريا. براميل الموت وتتسع دائرة معاناة السوريين في الداخل مع مواصلة قوات النظام حملاتها العسكرية، فقد تحول جهد قوات النظام من الزبداني بعد الهدنة إلى مدينة داريا، حيث أمطرت المروحيات المدينة بعشرات البراميل المتفجرة، بالإضافة إلى القصف الصاروخي والمدفعي من جبال المعظمية التي تسيطر عليها الفرقة الرابعة. وتحاصر قوات الأسد داريا محاولة استعادة نقاط فقدتها لصالح الثوار مثل قطاع الجمعيات المشرف على مطار المزة العسكري. وفي حرستا قصفت قوات النظام المناطق المحيطة بإدارة المركبات بالقرب من المدينة، وتزامن ذلك مع قصف جوي مكثف. وخلّف القصف العنيف بكل أنواع الأسلحة من جانب قوات النظام خلال سنوات الأزمة، أعدادا ضخمة من القتلى والنازحين، بحسب الأممالمتحدة. وحول ضحايا الثورة السورية، قال ستيفن أوبراين، وكيل أمين عام الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية إن ما يربو على 250 ألف شخص قتلوا في سوريا منذ اندلاع النزاع، فضلا عن إصابة نحو مليون، ونزوح 7.6 مليون شخص داخل البلاد، ولجوء 4 ملايين إلى خارج البلاد، ما يضع الدول المضيفة والمجتمع الدولي تحت ضغط كبير. وتابع: "وباسم الإنسانية والأمن، علينا أن نبحث عن وسيلة مستدامة وأفضل لمشاطرة المجتمع الدولي هذا العبء الخاص باستضافة اللاجئين السوريين. النصرة تتقدم ميدانيا، احرزت جبهة النصرة ومقاتلون اسلاميون امس تقدما في اتجاه مطار ابو الظهور العسكري، آخر نقطة عسكرية تابعة لقوات النظام في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس "تشن جبهة النصرة ومقاتلون من فصائل إسلامية منذ مساء الخميس هجوما عنيفا على مطار ابو الظهور العسكري المحاصر منذ اكثر من عامين، وقد تمكن المهاجمون من السيطرة على البوابة الرئيسية للمطار من الجهة الشمالية وعلى نقاط عدة عند أطرافه". وأوضح المرصد أن "أعدادا كبيرة من المقاتلين هاجموا المطار تتقدمهم مجموعات "انغماسية" (انتحارية) اقتحمت بوابة المطار الرئيسية بواسطة دراجات نارية". وتترافق المعارك مع غارات جوية مكثفة ينفذها الطيران التابع للنظام على محيط المطار الواقع في جنوب شرق مدينة ادلب، ومع قصف عنيف لمواقع المقاتلين. وتسببت المعارك والتفجيرات والقصف بمقتل 16 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها و18 عنصرا من جبهة النصرة وحلفائها. مقتل مرتزقة وقتل ضابط إيراني من الحرس الثوري و17 من المرتزقة الافغان من ميليشيات "فاطميون" الذين يقاتلون إلى جانب جيش النظام السوري خلال معارك شهر أغسطس الحالي في سوريا ضد فصائل المعارضة. ووفقا لوكالة "دفاع برس" التابعة للقوات المسلحة الإيرانية، فإن الضابط أحمد حياري، وهو برتبة نقيب في الحرس الثوري الإيراني، في معارك جبال اللاذقية، الاثنين الماضي. كما تعرض مراسل التلفزيون الإيراني "محمد حسن حسني" المرافق للحرس الثوري لإصابات بنفس المعارك بشظايا متعددة في الوجه والصدر والأطراف. من جهة أخرى، ذكرت صفحة "تقارير عن حرب سوريا والعراق" على موقع "فيسبوك"، والتي يديرها ناشطون إيرانيون معارضون للنظام الإيراني ومناصرون للثورة السورية، أن أكثر من 17 عنصرا من ميليشيات "فاطميون" الأفغانية سقطوا قتلى خلال شهر أغسطس الحالي في سوريا. وكانت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا"، قد كشفت في يونيو الماضي عن عدد قتلى الحرس الثوري الإيراني، بمن فيهم المنتسبون له من الميليشيات الأفغانية والباكستانية، وحددتهم ب400 عنصر منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. ويرى مراقبون أن عدد قتلى إيران في سوريا أكثر بكثير من هذا الرقم المعلن الذي يراد به تضليل أتباع إيران عن حجم الخسائر الفادحة التي تتعرض لها قوات الحرس الثوري والميليشيات المقاتلة تحت إمرته على يد فصائل المعارضة السورية. وذكرت وكالة الأنباء الافغانية "كاما" أن أحدث التقديرات تشير إلى أن 3500 أفغاني على الأقل يقاتلون في سوريا لدعم بشار الأسد، حيث يقوم الحرس الثوري بتجنيدهم من بين اللاجئين الأفغان في إيران براتب شهري 700 دولار وتصريح بإقامة إيرانية. ونقلت الوكالة عن فيليب سميث الخبير في شئون الجماعات المسلحة الشيعية قوله "هناك ما بين 2000 و3500 أفغاني يقاتلون حاليا في سوريا" مضيفا أن الكثير من المقاتلين الأفغان الشيعة يجري استخدامهم مثل وقود المدافع. ومضى سميث قائلا "يجبر البعض على القتال؛ ويتلقى بعضهم وعودا بتسلم أوراق إقامة لعائلاتهم وراتب صغير وذلك يدل على استغلال إيران للاجئين الأفغان الشيعة". مقاييس التحقيق بالكيماوي ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخميس رسالة الى مجلس الأمن الدولي يفصل فيها مقاييس وكيفية اجراء تحقيق بشأن الهجمات الكيماوية الأخيرة في سوريا خصوصا باستخدام الكلور. وطرح بان في رسالته الواقعة في سبع صفحات تكليف ثلاثة خبراء مستقلين بالتحقيق تدعمهم فرق متمركزة في لاهاي ونيويورك. وقال دبلوماسيون إن أمام المجلس خمسة أيام لتحديد موقفه من الرسالة. وفي حال عدم وجود أي اعتراض يبدأ حينها الأمين العام انتداب الخبراء "على قاعدة الخبرة المهنية" ومع احترام "قاعدة جغرافية تتسع دائرتها قدر الإمكان"، وفق ما جاء في الرسالة التي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها. وأحدث مجلس الأمن، بموجب قرار أمريكي في الاصل تبناه في 7 آب/ اغسطس "آلية تحقيق مشتركة" بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيماوية. ويهدف ذلك الى"تحديد الافراد والكيانات والمجموعات والحكومات" التي تنظم أو ترعى أو تنفذ هجمات بالاسلحة الكيماوية. وجاء في رسالة الأمين العام أن المهمة ستكون بقيادة ثلاثة خبراء مستقلين "يدعمهم فريق من المهنيين يتجمعون في ثلاثة مستويات": مكتب سياسي مقره نيويورك، ومكتب تحقيق مقره لاهاي مكلف التحاليل العلمية، وقسم للدعم اللوجستي مقره نيويورك. ولا تحدد الرسالة العدد الاجمالي لمن سيكلفون التحقيق ولا تاريخ بداية التحقيق الميداني. وسيكون امام الخبراء 90 يوما لتقديم تقريرهم الاول. وسيكون بامكانهم التحقيق في اماكن الهجمات المفترضة وايضا في المستشفيات التي عولج فيها الضحايا. وسيكون بالامكان مد التحقيق الى "اي مكان آخر" في سوريا بما فيها المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية وايضا الى الدول المجاورة عند الاقتضاء. وشدد بان على ضرورة "التعاون التام لكافة اطراف (النزاع) وضمنها الحكومة السورية وباقي الاطراف المعنية" خصوصا المعارضة المسلحة في التحقيق. وشدد على ضرورة ان يصل المحققون الى كافة الاماكن المشبوهة والشهود والمؤشرات المادية وعلى ضرورة ان تلتزم كافة الاطراف بهدنة في الاماكن التي يجري فيها التحقيق. كما دعا الدول المجاورة الى تسهيل عمل المحققين. وثيقتا ميستورا سياسيا، تحدثت وسائل إعلام عن مضمون وثيقتين قدمهما المبعوث الأممي إلى سوريا "ستافان دي ميستورا" بخصوص الحل، ولم تتطرق الوثيقتان إلى رحيل بشار الأسد عن السلطة مستقبلاً. ونقلت قناة "الميادين" المؤيدة لبشار الأسد وإيران وميليشيا "حزب الله" عن مصادر في جنيف، أن الوثيقتين تنصان على إيجاد مجموعات عمل مشتركة تتوصل إلى مسودة وثائق تمهد لعقد مؤتمر جنيف 3، على أن تسري المفاوضات بشكل تدريجي. وتحدد وثيقة "دي ميستورا" 3 أشهر لعمل مجموعات العمل (حددها دي ميستورا بأربع مجموعات) التي بدأت عملياً في 17 أغسطس/ آب الجاري، وتطلب الوثيقة من الأطراف السورية تزويد فريق المبعوث الأممي بأسماء للمشاركة في مجموعات العمل تمهيداً لعقد جنيف 3. وبحسب مصادر قناة "الميادين" فإن الوثيقة الثانية تنص على المضي في "مسار تفاوضي متدرج" يبدأ بالملفات السهلة غير المختلف عليها، على أن يأتي نقاش هيئة الحكم الانتقالية في الختام. وتمثل طبيعة هيئة الحكم الانتقالية وصلاحيتها جوهر الخلاف بين المعارضة ومقترح "دي ميستورا"، فبينما ترى المعارضة أن تشكيل هيئة الحكم الانتقالية أمر أساسي، وأن تكون ذات صلاحيات واسعة تنفيذية بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية، يعتبر المبعوث الأممي تشكيل الهيئة أمراً ثانوياً. واللافت في الوثيقة الثانية ل"دي ميستورا" وجود الكثير من المؤشرات التي ترسم غموضاً حول طبيعة هيئة الحكم الانتقالية، إذ تنص الوثيقة على منح هيئة الحكم صلاحيات تنفيذية دون أن تحددها بشكل واضح، كما أنها لم تحدد "صلاحيات الرئيس في المرحلة الانتقالية" بحسب تعبير الوثيقة. وفي السياق قال الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يحيى مكتبي في تصريح ل"السورية نت": إن "الائتلاف لا يريد أن تكون الخطة عبارة عن استغراق للوقت - فيما يتواصل سقوط الضحايا في سوريا - من دون التوصل إلى النتائج المتوخاة من العملية السياسية".