قالت تقارير محلية: إن استمرار النمط الاستهلاكي المحلي المرتفع للطاقة يؤدي إلى هدر كبير في موارد المملكة الطبيعية الناضبة، وعدم الاستفادة منها بأقصى قدر ممكن، ويؤدي أيضًا إلى تخفيض دخل المملكة نظرًا لفقدان الفرص البديلة في زيادة التصدير عما هو عليه حاليًا نتيجة زيادة الطلب العالمي على البترول، وخصوصًا إذا ما لوحظ الفرق الشاسع بين الدخل المتحقق محليًا ودخل الصادرات. وإضافةً إلى ارتفاع معدلات استهلاك مصادر الطاقة الأولية فإن معدلات استهلاك الطاقة النهائية «الكهرباء» والمياه تتزايد باضطراد نتيجة النمو الاقتصادي والسكاني، إضافةً إلى اتساع أنماط الاستهلاك وطبيعة البنية الأساسية «المباني والطرق وشبكات المياه وغيرها»، ولما لهذه الأنماط المتصاعدة من الاستهلاك للطاقة الأولية والنهائية من آثار بيئية وخيمة، عدا آثارها الاقتصادية والاجتماعية. ويستدي الأمر بالضرورة القصوى أن تولي المملكة جُل اهتمامها وحرصها تجاه ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، والعمل الدؤوب على وضع التشريعات والأطر الكفيلة بالمتابعة والرقابة والتحكّم التي تحقق أهداف ترشيد الاستهلاك، كما تتجلّى أهميتها القصوى على كافّة المستويات الحيوية، في مقدّمتها ما يرتبط مباشرة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية وسلامة البيئة والصحة العامة. وحظيت المملكة بنمو سكاني وازدهار اقتصادي وتطور صناعي انعكس على حياة المواطن من ناحية، وعلى تطورها صناعيًا واقتصاديًا من ناحية أخرى، ما أسهم في نمو استهلاك الطاقة وهدر مفرط لثرواتنا الطبيعية، وارتفع الاستهلاك اليومي للطاقة من أقل من مليون برميل نفط مكافئ في عام 1980م، إلى نحو 4.2 مليون برميل نفط مكافئ حاليًا. ويتوقع أن يرتفع هذا الاستهلاك إلى نحو 8 ملايين برميل نفط مكافئ يوميًا في عام 2030م، وصاحب ارتفاع استهلاك الطاقة في المملكة نموًا مطردًا في كثافة استهلاك الطاقة بنحو 50٪ منذ عام 1985م، كما أن معدل استهلاك الطاقة في المملكة يزيد عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، على عكس ما يحدث في الدول المتقدمة. وتعد المصادر الأولية للطاقة «بترول خام، ومشتقات بترولية، وغاز، وسوائل غاز» ثروة وطنية ثمينة ينبغي المحافظة عليها واستغلالها بكفاءة من أجل تحقيق استمرار الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية عبر الأجيال. وتشهد المملكة في الوقت الراهن نموًا كبيرًا في استهلاك الطاقة على المستوى المحلي بمعدل يبلغ حوالي 4-5٪ سنويًا، وهذا النمو في الاستهلاك المحلي للطاقة «البترول الخام، والمشتقات البترولية، والغاز، وسوائل الغاز» يعد أعلى من معدل النمو الاقتصادي في المملكة، في حين أن معدلات نمو الاستهلاك في الدول الصناعية تأتي أقل من نصف معدلات نموها الاقتصادي، ويتبيّن أيضًا أن تلك المعدلات في الدول النامية، خاصة في الصين، لم تتجاوز معدلات نموها الاقتصادي. كما أدّتْ سياسات وبرامج رفع كفاءة استهلاك الطاقة في الدول الصناعية خلال العقود الثلاثة الماضية إلى تخفيض كثافة استهلاك الطاقة «الطاقة المستهلكة بالنسبة للناتج القومي» بنسبة 51٪، ما يُشير، في دلالةٍ بارزة، إلى أن تلك الدول تمكنّت من استغلال الطاقة المتاحة لديها بكفاءةٍ أكبر في جميع نشاطاتها الاقتصادية. وسجّل مؤشر كفاءة استهلاكها للطاقة نمواً مستمراً بمعدل 1.7٪ سنوياً على مدى الثلاثين سنة الماضية، في حين ارتفع مؤشر كثافة استهلاك الطاقة في المملكة بنسبة 30٪ خلال العشرين سنة الماضية، ما يُشير إلى أن كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة قد انخفضت بشكل مستمر بمعدل 1.8٪ سنوياً.