قتل نحو 76 شخصا وجرح اكثر من 200 الخميس في تفجير بشاحنة مفخخة استهدف سوقا في العاصمة بغداد، وتبناه تنظيم داعش، ويعد الهجوم الاكثر دموية في العاصمة منذ اشهر. ويشهد العراق موجات عنف وتفجيرات دورية منذ الاجتياح الأمريكي للبلاد في العام 2003. وساهمت اعمال العنف في زيادة التوتر المذهبي بين السنة والشيعة، وهو ما اعتبر رئيس اركان الجيش الأمريكي المحال الى التقاعد قريبا الجنرال رايموند اودييرنو الاربعاء انه قد يجعل تقسيم العراق "الحل الوحيد". وهز الانفجار منطقة مدينة الصدر في شمال بغداد في الصباح الباكر. وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن "شاحنة مفخخة انفجرت قرابة الساعة السادسة صباح الخميس في سوق شعبية للبيع بالجملة"، ما ادى الى مقتل 38 شخصا وجرح 80 على الاقل. وكانت حصيلة اولية للشرطة اشارت الى مقتل 33 شخصا وجرح 74. واكدت مصادر طبية في مستشفيات بغداد حصيلة التفجير الذي وقع في ساعة الذروة بالسوق التي تشهد تجمع العديد من تجار الخضار والفاكهة. ورأى مصور في وكالة فرانس برس مسعفين يجمعون اشلاء بشرية، بينما قام آخرون بنقل جرحى الى سيارات الاسعاف، او معالجة المصابين بشكل طفيف في المكان. وادى التفجير الى دمار كبير خصوصا في الشاحنات المبردة الناقلة للخضار. وأدى عصفه وسط السوق الى تناثر البضائع. مسؤولية داعش وتبنى تنظيم داعش الهجوم. وجاء في بيان تداولته حسابات مؤيدة للتنظيم على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي "تفجير شاحنة مفخخة مركونة وسط تجمع لعناصر من جيش الدجال والحشد الرافضي في احد اهم معاقلهم في مدينة الصدر". وعادة ما يقول التنظيم في بيانات تبني التفجيرات التي تستهدف مناطق يقطنها شيعة يشير اليهم بمصطلح "الرافضة"، انه استهدف الجيش وقوات الحشد الشعبي، المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية تقاتل الى جانب القوات الامنية، لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون منذ هجومهم الكاسح في العراق في يونيو 2014. وتخوض القوات العراقية بدعم من مسلحين غالبيتهم من فصائل شيعية مدعومة من ايران، وبمساندة طيران الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن، معارك لاستعادة بعض هذه المناطق. ويأتي تفجير بغداد بعد ايام من تبني التنظيم تفجيرين انتحاريين استهدفا مساء الاثنين مناطق ذات غالبية شيعية في محافظة ديالى شمال شرق العاصمة، ما ادى الى مقتل 30 شخصا على الاقل. والهجومان هما الاحدث في سلسلة تفجيرات تبناها التنظيم مؤخرا في المحافظة الحدودية مع ايران، كان اشدها تفجير انتحاري في سوق منطقة خان بني سعد في يوليو، ادى الى مقتل 120 شخصا على الاقل. وكانت السلطات العراقية اعلنت في يناير "تحرير" المحافظة المختلطة مذهبيا من تواجد التنظيم. الا ان المتطرفين عاودوا في الفترة الماضية اعتماد التكتيكات التي كانوا ينفذونها قبل سيطرتهم على مساحات واسعة من الاراضي، وابرزها الهجمات المباغتة والتفجيرات. وأدى تفجير خان بني سعد، الذي يعد الاكثر دموية منذ الاجتياح الأمريكي للبلاد في 2003، الى توتر بين البلدة ذات الغالبية الشيعية، والقرى ذات الغالبية السنية المحيطة بها. وكانت ديالى واحدة من اكثر محافظاتالعراق توترا خلال الحرب المذهبية بين 2006 و2008. الحل الوحيد وفي ظل العلاقة الشائكة بين ابرز مكونين مذهبيين في العراق، اعتبر رئيس اركان الجيش الأمريكي الجنرال رايموند اودييرنو ان تحقيق المصالحة بينهما يزداد صعوبة، ما قد يجعل التقسيم "الحل الوحيد". وخلال مؤتمر صحافي وداعي قبل تقاعده الجمعة، قال ردا على سؤال عن فرص المصالحة بين الطرفين، ان الامر "يزداد صعوبة يوما بعد يوم". وتوقع الضابط الذي كان قائدا للقوات الأمريكية في العراق بين العامين 2008 و2010، ان مستقبل العراق "لن يشبه ما كان عليه في السابق". وردا على سؤال عن امكانية تقسيم البلاد، قال "اعتقد انه يعود الى المنطقة، وعلى الشخصيات السياسية والدبلوماسيين ان يروا كيف يمكن لهذا الامر ان يجري، ولكن هذا امر يمكن ان يحصل"، مضيفا "ربما يكون هذا الحل الوحيد ولكني لست مستعدا بعد لتأكيده". وشدد اودييرنو على ان الاولوية يجب ان تبقى قتال تنظيم داعش الذي تقود الولاياتالمتحدة منذ الصيف الماضي حملة جوية ضده في سورياوالعراق يشنها ائتلاف دولي، اضافة الى تواجد مستشارين عسكريين ومدربين في العراق لتدريب قواته على قتال المتطرفين. وقال اودييرنو "علينا اولا ان نعالج (مشكلة) تنظيم داعش وان نقرر ماذا سيكون عليه الامر لاحقا". واشار الى ان جهود مكافحة التنظيم والتي شملت تنفيذ اكثر من خمسة آلاف غارة جوية، ادت الى كبح التنظيم لا سيما في العراق وشمال سوريا. الا انه اعتبر ان ثمة "نوع من المراوحة" حاليا، رغم وجود "بعض التقدم". وأضاف: "استعدنا بعض الأراضي معظمها نتيجة عمل عظيم للأكراد وبعض جهود قوات الأمن العراقية". وأوضح ان مقاتلي البيشمركة الأكراد ما زالوا يحققون بعض التقدم. غاز سام وفي سياق متصل، ذكرت تقارير صحفية أن تنظيم داعش أطلق قنابل غاز سام على مقاتلي البيشمركة الأكراد شمالي العراق. وأوضحت صحيفة "بيلد" الألمانية في عددها الصادر الخميس مستندة إلى تقرير سري للجيش الألماني أنه ربما يكون تم استخدام غاز الكلور في مدينة مخمور العراقية. يشار إلى أن هناك 88 جنديا تابعين للجيش الألماني يقيمون حاليا في أربيل عاصمة الأكراد الواقعة على بعد 60 كيلومترا شمال شرق مدينة مخمور. ويقوم هؤلاء الجنود هناك بتدريب قوات البيشمركة وكذلك الإيزيديون العراقيون لمكافحة تنظيم داعش. ولا يرى الجيش الألماني خطرا كبيرا على جنوده في المنطقة الكردية. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية: "إن التعرض لتهديد في هذه الحالة الملموسة يعد أمرا مستبعدا تماما نظرا لبعد المسافة الكبيرة". ولا يتوقع الخبراء أن يقوم التنظيم بمزيد من الزحف باتجاه أربيل في الوقت الحالي. يذكر أن هناك تقارير تواردت بصورة متكررة خلال الأسابيع الماضية عن استخدام غاز الكلور في العراق، ولكن لم يتم تأكيدها حتى الآن. وفي حين تمكنت القوات العراقية من استعادة بعض المناطق التي سقطت بيد التنظيم العام الماضي، الا ان الاخير لا يزال يسيطر على مناطق رئيسية كالموصل مركز محافظة نينوى (شمال)، وتمكن في مايو الماضي من السيطرة على مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار (غرب).