بَكَتْ عَينِي غَدَاة البَيْنِ دَمْعاً وأُخْرَى بِالبُكَا بَخِلَتْ عَلَينَا فَعَاقَبتُ التِي بِالدَّمْعِ ضَنَّتْ بَأنْ أغْمَضْتُهَا يَومَ التَقَينَا ليلة البارحة كنت قد عقدت العزم على الكتابة عن الدموع فقد حضرت في قصائد شعراء العرب بشكل يدعو إلى الدهشة، لكن ما إن قرأت للشاعر السعدي الشيرازي الفارسي بعض قصائده باللغة العربية التي يحبها كونه يحب العرب ويفضلهم على جميع الأمم بما فيهم قومه، حتى عدلت عن رأيي وآثرت أن أزفَّ إليكم بعضاً من أبياته الرائعة، وهو الذي تميزت كتاباته بأسلوبها الجزل الواضح، والقيم الأخلاقية الرفيعة التي لا يختلف عليها اثنان، مما جعله يصبح أكثر كتاب الفُرس شعبية، وتتخطَّى سمعته حدود بلاد فارس إلى عدد من الأقاليم الإسلامية في القرن السابع الهجري. وأترككم مع جماليات القصيدة التي وُجدت مكتوبة على لوحة في هيئة الأممالمتحدة بنيويورك، وقد ترجمت إلى اللغة الإنجليزية لما فيها من دعوة إلى الإخاء و الألفة والاتحاد. قال لي المحبوب لمّا زرته من ببابي قُلت بالباب أنَا قال لي أخطأت تعريف الهوى حينما فرَّقت فيه بينَنا ومضى عامٌ فلما جئتُه أطرق الباب عليه مُوهِنا قال لي من أنت قلت انظر فما ثَمّ إلا أنت بالباب هُنا قال لي أحسنت تعريف الهوى وعَرَفت الحب فادخل يا أنَا والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم في عالم طَغَت فيه الماديات حتى سيطرت على كل شيء، وتعاظمت فيه «الأنا» بشراسة، وتفشى قانون الغاب فصارت الغلبة للأقوى لا لصاحب الحق: أحقاً لا يزال هناك حُبٌ بهذا المفهوم الذي لا يتغير؟!، حبٌ لا يتأثر بالظروف، ولا تُوهنه الخلافات، حبُ لا تشوبه قسوة ولا جفاء، حبٌ يدوم بنقاء لأنه لله وفي الله، سواء أكان بين أخوين أو زوجين أو صديقين، أو زميلي مهنة واحدة، أو رفيقي سفر، وكلنا في هذه الدنيا مسافرون، ولكل منا رحلة لن تطول. أحقاً لا يزال بيننا مَن يشعر بمعاناة أخيه دون أن يُفصح أو يبوح، فيُشاركه دمعته قبل ضحكته، و أتراحه قبل أفراحه، وضيقه قبل سعته، فيكون له سنداً ويشدُّ من أزره حتى يتجاوز محنته بسلام؟! أحقاً لم نفقد بعد مَنْ يلتزم بتطبيق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». وقد قال شاعرٌ فَذ لم أتعرف على اسمه وهويته: ولَيسَ أخِي مَنْ وَدَّنِي بِلِسَانِهِ وَلَكِنَّ أخي مَنْ وَدَّني وهو غَائبُ وَمَنْ مَالَهُ مَالِي إذَا كُنْتُ مُعْدَمَا وَمَالِي لَهُ إنْ أَعْوَزَتْهُ النَّوَائِبُ قبل الوداع: سألتني: أيُجدي البكاء على ما فات؟ فقلت: بل هو مجرد سلوى يُواسي بها المحزون نفسه، ويُسلِّي خاطره، ليُزيل بعضاً من توتره، ويتخلص من الشحنات السلبية التي تلاطمت أمواجها بداخله فأرهقته، وكم راقت لي قصيدة لأبي الوليد حسَّان بن ثابت رضي الله عنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء فيها: فابْكِ ما شِئْتَ على ما انْقَضَى كلُّ وصلٍ منقضٍ ذاهبُ لَوْ يَرُدّ الدّمْعُ شَيْئاً لَقَد ردّ شيئاً دمعكَ الساكبُ رئيسة قسم الإعلام الاجتماعي النسائي بالمنطقة الشرقية