الاتفاق النووي.. لا غرابة فيه. فأين تكون المصلحة تكون التمثيليات.. لذلك اتفقوا أو لم يتفقوا نوويا فهذا لا يقدم ولا يؤخر لأنهما متفقان على كل المصالح، والمنافع، والتخادم قبل أن يتفقوا على هوامش نووية أمام العالم. لا يمكن أن نجعل أمريكا أو إيران تفكر بعقليتنا وتمشي خلف ما نريد.. ببساطة لأنهما لا يبحثان عن سلام، أو استقرار ولا يباليان بذلك، كما أن أمريكا دولة مصالح.. وإيران دولة مطامع.. أما نحن فنبحث عن السلام، والأمن، والاستقرار ولكن لا نتخلى عن مصالحنا ولكننا راشدون سياسيا فوجدنا البعض بطيئو المبادرة، ومتباطئو ردة الفعل.. السياسيون والمتابعون يعلمون أن فوق الطاولة أوراقا، اتفاقات، وثرثرة.. وتحت الطاولة شيء آخر من الاتفاقات والتصالحات ومعلوم أن سياسة تجتمع فيها أمريكا، وإيران، وإسرائيل هي سياسة مبنية على قاعدتين مكشوفتين «قل شيئا للإعلام والدول وافعل شيئا آخر» و «تباكى أمام أولئك واضحك مع هؤلاء». فقط انتظروا جون كيري ليكتب مذكراته في المستقبل لتعرفوا تفاصيل مرعبة، واتفاقات خطيرة أكبر من «شوية» نووي، المفاوض الإيراني مفاوض بارع في شراء الذمم ومميز في «التمطيط» وفنان في التمسك وتأملوا فترة المفاوضات الطويلة والممطوطة وتذكروا كم تتغافل عنها أمريكا لفترات طويلة ثم تعود لها فجأة وتابعوا مواقف أمريكا الايجابية والداعمة للتوجه الإيراني في القضايا المختلفة فهو توجه داعم بشدة ومتناغم مع كل إجراء إيراني تجاه أي حدث. في حقيقة الأمر.. أمريكا لم تكن محادثاتها لتلك السنوات لأجل النووي وما يتعلق به، بل كانت «ممطوطة» المدى كي تصنع بين منطقتنا وحولها أحداثا سياسية منوعة ومضطربة تضع أمريكا في خانة الكسب الدائم وتصريف السلاح.. ولكي تجعل إيران أقوى إقليميا بالتغاضي عن كل تدخلاتها، وتخريبها، وتطفلها، وأطماعها، كما أنها تتفاوض حول مكاسبها هي من إيران مقابل كل ما يحدث من غض البصر عنها. كشف كثير من المصادر الإعلامية حول لقاءات متعددة بين الإيرانيين واليهود كما أن التاريخ يعيد نفسه بفضيحة «إيران غيت» في عهد ريغان التي كشفت عن ان أمريكا تصدم العالم بأقاويل وبيانات وإدانات وفي الخفاء تعمل لمصالحها وبعكس ما تردده. كما أن اسطوانة إيران عن الشيطان الأكبر كانت اسطوانة مشروخة، فإيران تطلق النعوت بلسانها الإعلامي وهي تمد يدها وتفتح صدرها وقلبها لهذا الشيطان المزعوم مع العفريت الإسرائيلي بكل الود.. ونكتة الموت لأمريكا وإسرائيل التي تكررها الآلة الإيرانية هي نكتة كشفت عن أن إيران وضعت نفسها إكسيرا لحياتهما. أتصور أن الثقة، والمناشدات، والمطالبات الإعلامية اللينة ولى زمنها ولا قيمة لها؛ لان الدول ذات المصالح هي دول صماء عن ذلك.. ولم يعد لبناء سياسة دولة على سياسة أخرى له جدوى لأن الظاهر السياسي مختل ومختلف عن باطنه المريب فكان أن نعمل لأنفسنا ومصالحنا وإعداد قوتنا بعيدا عن الثقة بالشيطان الأكبر وفراخه في المنطقة وبعيدا عن أي عفاريت حولنا. أوباما يطمئن ويطلب من العالم الثقة بأمريكا وهو بذلك يؤكد الشكوك حول هذا الاتفاق النووي، وكيري يقول الثقة ستقوى بعد حين وتذكرت كيري ماذا قدم في مفاوضات الملف الفلسطيني الإسرائيلي حيث لم يعد يره أحد.. متى كانت أمريكا موثوقة للعالم وهي لوحدها فما بالك بفلسفة الثقة في قضية فيها طرف آخر «كإيران» ليس في قاموسه الصدق ولا الثقة فاجتمع المفلوت مع المربوط وتحدثا أن ثقة واطمئنان واستقرار السعادة والاحتفال الذي يعيشه الجانب الإيراني هو مشهد معنوي يمثل مكسبا من مكاسب هذا الاتفاق ليس بإلغاء العقوبات وفك تجميد الأموال، بل لأجل أن الشيطان الأكبر المزعوم رضخ لعفرتة إيران. ختاما.. بعد هذا الاتفاق النووي المزعوم.. تدرك السياسة السعودية أن الخرائط الذهنية المتعلقة بهذا الاتفاق المتوقع وأطرافه لابد أن تتبدل جذريا وتتغير كلية وتتشكل في أبعاد ممتدة لخيارات أخرى واستعدادات مميزة مع أطراف جديدة.. تجعل المملكة العربية السعودية في واقع سياسي مطمئن ولعل أول ذلك هو السعودية النووية.