منذ ليلة الأمس فإن العالم ومنطقة الشرق الأوسط بالذات سوف تواجه مرحلة جديدة من الفوضى وصناعة العدوانية التي ستتفنن إيران في ترويجها. إذ إن إيران لم تتغير وطموحاتها ومؤامراتها لإحداث فوضى في الشرق الأوسط لم تتغير، ما تغير هو أن إدارة الرئيس باراك أوباما باتفاقها مع إيران قدمت لها هدية تاريخية تدعم جهودها للتسليح النووي وتمنحها غطاء شرعية دولية. وفوق هذه الهدية التاريخية لإيران فإن الإدارة الأمريكية ستفرج عن عشرات المليارات من الدولارات تتلهف إيران لاستلامها ليس لتحسين الاقتصاد الإيراني المنهك، ولا لمساعدة الفقراء الإيرانيين ولا لبناء مستشفيات يحتاج إليها الإيرانيون الذين تستبد بهم الأمراض، وإنما سوف توزعها طهران على خلايا في العراقوسورياولبنان واليمن وفي افغانستان وباكستان وفي أفريقيا، بل حتى في الولاياتالمتحدةالامريكية وأوروبا، لتصعيد العنف ومد مساحة الإرهاب في الشرق الأوسط وفي العالم. فالنظام الإيراني بدد الأموال الطائلة على أعمال العدوان والعنف والإرهاب ورعاية منظمات مثل القاعدة وحزب الله والعصائب، لهذا فإن الاتفاق بين الغرب وإيران، ليس كما تحاول الدبلوماسية الأمريكية تصويره على أنه انتصار للسلام وجلب إيران إلى المجتمع الدولي، إنما هو في حقيقته تحصين المنشآت النووية الإيرانية وإعطاء طهران الوقت لتطوير أسلحتها النووية بلا إزعاج ورفع العقوبات الاقتصادية، وتمكينها من نشر ثقافة الكره والتحزب والطائفية والموت في كل البلدان المجاورة، ومد إيران بالأموال لتمويل هذه البرامج الهدامة ونشر الفتنة بين الناس. وإذا كان الغرب وإدارة الرئيس أوباما يحاولان الترويج للاتفاق على أنه قرب السلام وأبعد أشباح الحرب، فإن ذلك ليس سوى ضرب من الأوهام، لأن هذا الاتفاق أعطى لإيران الشرعية والقوة والأموال لتطوير أسلحة نووية، وهذا يعني أن الاتفاق جعل الحرب أكثر منالاً وجعل السلام مستحيلاً، لأن النظام الإيراني يوظف قواه وثرواته وعلاقاته في نشر الحروب والفتن والدمار. وواضح أن الدول التي تملك إيران فيها نفوذا أقوى تتدهور علاقات مكوناتها الاجتماعية وتتحول إلى ميادين للحروب الطائفية والعرقية والطبقية. وإذا كانت طهران قبل الاتفاق وهي تمر بحالة مزرية من التردي الاقتصادي والفقر وكانت تصرف الكثير من الثروات على خلايا الحروب الطائفية من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن البحرين، فكيف ستتصرف طهران وهي تتلقى هدية الإفراج عن عشرات من المليارات المحتجزة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب؟ والاتفاق بمجمله يصب في صالح إيران، فهو يجلب لها الأموال التي ستصرفها على الحروب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وأيضاً يمكنها ببساطة القفز على الاتفاق والتملص منه بألف سبب، وبدء مشوار جديد من المراوغات مع الغرب يمكن أن تستمر سنين أخرى، تستطيع خلالها طهران بناء اضخم المفاعلات لإنتاج الأسلحة النووية، خاصة أن لدى طهران مهارة المراوغة وإجادة اللعب مع الغرب واستخدام ميلشياتها وخلاياها للتأثير على القرارات الدولية. بالخلاصة فإن الاتفاق النووي الإيراني يجعل إيران أكثر جرأة على تدمير العالم ومفاعلاتها النووية العسكرية أكثر تحصيناً من الرقابة الدولية، وأن موجة جديدة من سباق التسلح ستكون وشيكة ولا يمكن تفاديها، ما دام أن الغرب قد أطلق يد إيران النووية وقدم لها كل التمكين وكل الهدايا كي تتقدم وتهدد المنطقة حتى العالم.