■■ أرى الإسلام دعوة تغيير مستدامة. دعوة تغيير نحو الأفضل. هذا ما سيتم طرحة في ثلاثة مقالات. هناك آيات قرآنية تسند هذا الرأي. ماذا تعني؟! آيات تفرض علينا كمسلمين مبدأ التّدبّر والتّفكر والتّأمل كمنهج لحياتنا. ثلاث كلمات تحمل لغز مفاتيح التغيير المستدام الذي أزعم. لماذا يتأمّل الإنسان ويتفكّر ويتدبّر؟! الهدف البحث عن الأفضل. هدف لا يتوقف أمام البشرية قاطبة. الهدف فضيلة وإنجاز من يحققه. الهدف من المنظور العملي هو الغايات التي توجه إليها جهودنا. ويجب أن تكون الأهداف والجهود مشروعة. ■■ إن البحث عن المعرفة أحد المتطلبات الإنسانية الأساسية والضرورية. تأتي المعرفة بعد اكتفاء الإنسان وتشبعه من متطلبات الغذاء والكساء والأمن والأمان. أي سيادة الرخاء. البحث عن المعرفة إحدى ثمار الرخاء. تحقق الرخاء للمسلمين في فترة زمنية محددة لم تتجاوز ثلاثة قرون. وصلوا معها مرحلة البحث عن المعرفة وتحقيقها بجدارة. أسسوا لها، واستثمروها، ونفعوا بخيراتها البشرية إلى اليوم. كل ذلك تحقق بفعل التّدبر والتّفكر والتّأمل. استوعبوا فلسفة نصوص إسلامهم قولا وفعلا وفكرا. كنتيجة ساد علمهم ومعرفتهم في عهد الرخاء. ■■ علماء مسلمون عاشوا تلك المرحلة. علماء ما زال عطاؤهم مؤثرا. علماء يجهلهم المسلمون. يتجاهلون مدلول كونهم كانوا من نسيج الأمّة، كيف وصلوا؟! ماذا تغيّر؟! الأمّة التي تعطي في مرحلة، قادرة على العطاء المستدام وبتفوق. ■■ بدأ المسلمون إبداعهم بعد حوالي (200) سنة من بداية الإسلام. وهي سنين تأسيس ساحات الرخاء. استمر العطاء والإنتاج الفكري في كل مجالات الحياة إلى سنة (500) هجرية. في هذه المرحلة برعوا وأبدعوا، خاصة في مجال الطب والجبر والهندسة والكيمياء والرياضيات والفلك والفيزياء. ثم بدأ الانحدار عندما أصبح هناك رجال دين ورجال دنيا. عندما أصبح الإسلام تخصصا دينيا مستقلا عن بقية العلوم والمعارف. وقد كانوا جميعا مسلمين دون تصنيف. الإسلام أساسهم ومنهجهم. استوعبوه جميعا. كانوا جميعا رجال دين ودنيا. الخليفة، والقائد العسكري، والجندي، والإداري، وعالم الطب والفيزياء وبقية العلوم الأخرى، كل في موقعه بنفس المسئولية والدرجة من الإسلام ومنهجه وفلسفته. ■■ ثم جاء من نادى بأن يكون هناك مرجع لتفسير الإسلام وإعطاء فتوى وإصدار أحكام. وكان لهم الحق المطلق في الاستنتاج والاجتهاد. وعندما ساد عقل الاستبداد الديني تم تغييب البقية واتهامهم بالزندقة. حرموا ما حلل الله في مجال الكيمياء وبقية العلوم الأخرى. عطل رجال الدين بفهمهم القاصر عجلة التقدم الفكري للمسلمين. وهكذا كان الإسلام السبب في التقدم العلمي، وكان رجال التدين السبب في التخلف العلمي للمسلمين. ساد الفهم الصحيح للإسلام ثم ساد بعده الفهم الخاطئ. هكذا توقف مبدأ التغيير المستدام في الاسلام. جردوا الإسلام من فلسفته في الحياة كنظام. ■■ المسلمون يعانون التخلف بسبب قصور الفهم للإسلام. قصور بدأ قبل حوالي (700) عام. وما زال، وبشكل أسوأ من كل العصور السابقة، والسبب تعدد رجال الدين والتدين. هكذا خسرت البشرية الكثير من العقول المسلمة المبدعة، وستظل في ظل المؤشرات القائمة. أكبر دليل على ذلك حقيقة أن العقول المسلمة اليوم مبدعة في الغرب وقاصرة في بلادها. ■■ البحث عن الأفضل هدف أساسي للاختراعات البشرية وابتكاراتها. بجانب حل مشاكل النّاس وتلبية حاجاتهم. وعلى مر العصور ما زال العلماء يحاكون خلق الله في الطبيعة. كل الإنجازات البشرية كانت نتيجة لتمازج نتاج خلطة التّدبّر والتّفكر والتّأمل في عهود الرخاء. جاء الإسلام ليعزز هذه الخلطة بكلمات ونصوص قرآنية. كنتيجة كان يجب أن يكون المسلم رائدا في هذا المجال. هي جزء من عبادته. يتخذها كصدقة جارية. يتخذها نهجا ومنهجا لحياته. ابتكاره وإبداعه عبادة لتحقيق هدف الدنيا والآخرة. هدف بناء الأرض وتطويرها وتنميتها بما يخدم البشرية. وبهدف تحقيق الأجر والثواب. النيّة هي كل ما يحتاجه المسلم. هذه خاصية تعزز المسلمين. فهل يتحقق هذا في واقعنا اليوم؟!. ■■ في حياة العرب توظيف بسيط للأشياء بمؤشرات عظيمة. يقولون: البعرة تدل على البعير. هذا نداء واستنتاج بيئي لتحفيز صيانة الحاضر من أجل تحقيق المستقبل الأفضل. الحضارة أن تعيش اليوم أفضل من الأمس، وأن تعيش الغد أفضل من اليوم. فهل تعيش الأمتان العربية والإسلامية هذا التعريف؟! تم تغييب الإسلام كنظام حياة. جاء من اختزله في طقوس أشعلت الفتن والتناحر والتكفير. جاء من يحتكر الاسلام. حولوه إلى قشور. لننظر إلى واقعكم كمسلمين. * أكاديمي - جامعة الملك فيصل