بدأت اسرائيل امس بالبوح بأسرار عدوانها على غزة بعد عام عليه، لتخرج وزارة الدفاع لتعلن أن اسرائيليين اثنين احدهما عربي مفقودان في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، وفي بيان قالت الوزارة "وفقا لمعلومات استخباراتية موثوقة" فإن الاسرائيلي الاثيوبي افراهام مينجيستو "تحتجزه حركة حماس رغم ارادته في غزة"، وأضاف البيان: "علاوة على ذلك فإن المؤسسة العسكرية تتعامل حاليا مع قضية اضافية تتعلق بعربي اسرائيلي محتجز في غزة". وعندما انتهى العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة ظلت الحكومة والجيش الإسرائيلي يؤكدان أنه لا يوجد أسرى لدى حماس، وهناك فقط جثة وأشلاء لضابط وجندي، لكنهم اعترفوا لأول مرة أن حماس أسرت جنديين ولديها أيضًا جثتا جندي وضابط. فيما رأى مراقبون فلسطينيون في تصريحات أطلقها مصدر مسؤول في حركة "حماس" طالب فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتفقد جنوده في قطاع غزة جيدًا أنها مؤشر على صدق ما تقوله حماس لتل أبيب حول الأسرى، ومؤشر على قرب البدء في مفاوضات تبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل. ونقلت قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة حماس، الاثنين عن مصدر مسؤول في حركة حماس لم يكشف عن هويته أنّه على نتنياهو أن يتفقد جنوده جيدًا، ويكف عن تضليل أهالي المفقودين من شعبه "في إشارة لمصير الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة" ما اعتبر إشارة لاعتراف تل أبيب رسميًا بفقدان 4 جنود، اثنان منهم أحياء. وكان القيادي في حركة حماس خليل الحية قال في وقت سابق بشأن ما تردد عن أسرى إسرائيليين لدى الحركة: إن المقاومة الفلسطينية "لن تفصح عما في يدها"، مشددًا في الوقت ذاته على أن كتائب القسام الجناح العسكري لحركته قادرة على تحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية. ولم تنف حماس ما تناقلته صحف عربية وإسرائيلية مؤخرًا عن مصادر دبلوماسية من أن إسرائيل طلبت من وسطاء أوروبيين التواصل مع حركة حماس لمعرفة مصير جنودها المفقودين في غزة ولرعاية صفقة تبادل أسرى جديدة، وقالت إن أطرافًا أوروبية "من بينها ألمانيا" تحاول معرفة مصير جنودها في قطاع غزة. وتقول هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن السلطات الإسرائيلية اعتقلت 70 أسيرًا ممن تحرروا بموجب صفقة "شاليط"، وأعادت أحكام 34 أسيرًا. وتمت صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل في أكتوبر 2011 برعاية مصرية، أُفرج خلالها عن 1027 من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته حركة حماس عام 2006. قرب المفاوضات ويقول رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، ردا، على الطلب الإسرائيلي إن حركة حماس لن تقدم أية معلومة في هذا الخصوص أو بشأن عددهم وأحوالهم، موتى أو أحياء، قبل أن تفرج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين تحتجزهم، بعد أن تم الإفراج عنهم بموجب صفقة التبادل مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. ورفض مشعل الإفصاح عن أي تفاصيل أخرى بشأن هذا الملف الذي يتطرق إليه إعلاميًا لأول مرة، إذ تلتزم حركة حماس الصمت تجاه "الجنود الإسرائيليين المفقودين" في غزة. ومما يشير أيضا إلى قرب هذه المفاوضات لتحرير الأسرى، طالب عضو الكنيست والوزير السابق يوسي بيلين، في مقال كتبه في صحيفة "إسرائيل هيوم"، أن تجري المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية بهدف تثبيت وقف إطلاق النار. وقال بلين: إن اتفاق هدنة لفترة طويلة مع حماس لقاء إعادة إعمار القطاع وتطويره هو الفكرة الأكثر منطقية في الظروف الصعبة الراهنة، زاعمًا أن السلام في الفترة الحالية غير ممكن من ناحية حماس؛ لأن الحركة غير مستعدة من حيث المبدأ للتنازل عن استخدام السلاح من أجل تحقيق أهدافها. خطأ شارون وقال: بالنسبة لإسرائيل، فإن مثل هذا الوضع يتيح فرصة هدوء في الجنوب يمكن أن تستمر لعدة سنوات، وإذا لم تحترم حماس تعهداتها تستطيع إسرائيل التراجع عن الخطوات التي اتخذتها بالاستناد إلى اتفاق الهدنة، لكن، إذا لم تتم معالجة مشكلة الضفة الغربية فإن وقف النار هذا سيزيد من العنف "الحمساوي" في الضفة، وسيضر بالتعاون الأمني مع السلطة الفلسطيني. وقال بيلين: إن نتنياهو يكرر خطأ رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون عندما اكتفى بالانسحاب من غزة، وبخطوة رمزية فقط في الضفة الغربية، وتجاهل السلطة الجديدة للرئيس محمود عباس، حيث يقوم بنيامين نتنياهو بخطوة مشابهة قد تؤدي إلى أن "ما نربحه في غزة قد نخسره في الضفة الغربية". وأضاف: إذا صح أن هناك محادثات غير مباشرة تجري مع حماس على وقف النار وعلى التطبيع، فإنه من الضروري إجراء حوار مقابل مع السلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى اعتبار السلطة هذا تجاهلًا لها وتطبيقًا لسياسة "فرق تسد"، وإعطاء ما أسماها "جائزة للإرهاب"، وتجاهلًا للطرف الفلسطيني الشرعي الذي يواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل. ويقول بلين: إنه يجب إطْلاع منظمة التحرير على تقدم المحادثات مع حماس، وإذا كان ممكنًا، فمن الأفضل التوصل إلى وقف للنار بواسطة السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير "الشريك الرسمي في الاتفاقات السياسية مع الفلسطينيين". ويبرر هذا بأن اتفاقًا سياسيًا -ولو جزئيًا- مع منظمة التحرير ضروري بحد ذاته؛ لضمان نجاح العملية السياسية في غزة، فيما يكوِّن اتفاقا ثنائيا مع حماس مريحًا لحكومة إسرائيل الحالية، والدليل على ذلك إعراب أطراف في اليمين عن تأييدهم خطوات ليبرالية حيال قطاع غزة.