يحفل برنامج الغاز في المملكة بتاريخٍ مليءٍ بالإنجازات والتطور منذ أربعين عاماً، حين شرعت أرامكو السعودية في عام 1975 في إنشاء شبكة الغاز الرئيسة والتي بدأت العمل بعد عامين من ذلك التاريخ، مع تشغيل معامل الغاز في البري وشدقم والعثمانية، وهي معامل تعالج الغاز المرافق والذي يوجد ذائباً على هيئة محلول مع الزيت أو على هيئة «قبة غاز» فوق الزيت في المكمن. وفي عام 1984م، رُفدت شبكة الغاز الرئيسة بالغاز غير المرافق من حقلي العثمانية وشدقم في مكمن خف. ويوجد الغاز غير المرافق في مكامن الغاز الطبيعية التي لا تحتوي على زيت خام، كما أنه يمكن أن يوجد في المكامن التي تحتوي على مكثفات على هيئة محلول. وفي عامي 2001م و2003م، بدأ تشغيل معملين جديدين في الحوية وحرض بكامل طاقتيهما لمعالجة الزيت غير المرافق. تلتهما توسعة لمعمل الغاز في الحوية إلى جانب معمل استخلاص سوائل الغاز الطبيعي هناك. وفي عام 2010م، بدأ تشغيل معمل الغاز في الخرسانية لمعالجة الغاز المرافق، وبعد ذلك بسنتين، بدأت أعمال توسعة مرافق معمل الغاز في الخرسانية لمعالجة الغاز غير المرافق من حقل كران في مكمن خف. وأصبح مستقبل برنامج الغاز مشرقاً بإضافة معملي غاز جديدين هما واسط والفاضلي، حيث يُتَوقَّع أن يبدأ تشغيلهما في عامي 2015م و2018م على التوالي، إلى جانب معملٍ جديدٍ آخر في بقيق لمعالجة الغاز من حقلي بقيق والبري في مكمن خف. وسترفع معامل الغاز الجديدة، بشكل عام، لقيم الغاز الخام في شبكة الغاز الرئيسة إلى 20 مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم تقريباً. ولكن هل تكفي التوسعات التي حققتها أرامكو السعودية في معامل الغاز لتلبية الطلب المحلي الحالي والمستقبلي على اللقيم الصناعي من الغاز الطبيعي، وكيف استطاعت الشركة تطوير إنتاج الغاز دون الحاجة إلى استثمارات كبيرة تؤثر سلباً في الجدوى الاقتصادية لأعمال الإنتاج. وتتناول صحيفة «اليوم» في هذا التقرير إجابات موسعة عن هذه التساؤلات من خبراء أرامكو السعودية ومهندسي البترول فيها. فإلى التفاصيل. قفزة في زيادة احتياطيات الغاز غير المرافق أكد مسؤولون في أرامكو السعودية ل «اليوم» أن أساليب التحديد والتعميق لآبار الغاز التي بادرت باعتمادها أرامكو السعودية، مؤخراً، بهدف التأكد من موارد الغاز التقليدي وغاز الطبقات قليلة المسامية والنفاذية في الحقول القائمة وما حولها، أدت إلى اكتشاف مكامن جديدة، وأضافت احتياطيات من خلال توسعة نطاق حدود الحقول. ولعل طريقة تعميق الآبار تتميز بكونها طريقة مقتصدة التكلفة وتعمل على تقييم التكوينات الجديدة في الحقول القائمة، وكذلك لتوسعة مجموعة الاحتياطيات. وقد أدَّت هذه الاستراتيجية، إلى جانب الاكتشافات الجديدة وتحسين الإنتاج باستخدام التقنية الحديثة، إلى زيادة احتياطيات الغاز غير المرافق بواقع 70% خلال السنوات العشر الماضية. ومع استمرار هذه الاستراتيجية، سترفُد الإضافة السنوية الحالية الإنتاج وستزيد الاحتياطيات على نحو مقتصد التكلفة بما يكفل تلبية متطلبات الطاقة المتزايدة في المملكة. الحفر بالأنابيب الملفوفة بمعزل عن أجهزة الحفر وبين مهندسو الحفر في الشركة أن الحفر بالأنابيب الملفوفة مع خفض ضغط فوّهة البئر عن ضغط المكمن بمعزل عن أجهزة الحفر يُعد من الأمثلة الفاعلة على تطبيق التقنية الجديدة في برنامج تطوير إنتاج الغاز، فقد زادت الإنتاجية الإجمالية للآبار المتصلة منخفضة الإنتاج بواقع 1.3 مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم إلى جانب تحديد المزيد من الآبار التي تقرَّر صيانتها بالأنابيب الملفوفة دون استخدام جهاز الحفر التقليدي. وقالوا إن الوحدة الصناعية، التي لا تضم جهاز حفر، تستخدم مجموعات حفر دقيقة تضع تفرعات بالغة الدقة في المكمن بحيث تتدفق البئر ويُنقل الغاز المنتَج إلى أقرب مرفق معالجة، طوال عملية الحفر، ما يكفل الحد من الحرق ويعزز حماية البيئة. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، جرت إعادة حفر العديد من آبار الغاز منخفضة الإنتاج بهذه الطريقة، مما أسهم في رفع معدلات إنتاج الغاز، وقلل من وقت الحفر، وخفض تكلفة تطوير الوحدة مقارنة مع الحفر التقليدي. تلبية الطلب المحلي على الغاز ومن المزمع أن تلبي خطة الإنتاج الاستراتيجية للذروة الموسمية متطلبات الطاقة من خلال إيجاد كميات إضافية من الغاز للسوق المحلية خلال فترات ذروة الطلب. وقد تحقق ذلك بنجاح عن طريق التركيز على المكامن الغزيرة، وتطبيق أفضل ممارسات إدارة المكامن، والترتيب الأمثل لأولويات إنتاج الغاز، وطاقة المعامل الاحتياطية. ويتمثل الهدف في توفير كميات إضافية من الغاز كلقيم للصناعات وللسوق في المنطقة الشرقية خلال السنوات المقبلة من خلال الاستفادة من الإنتاج المستمر الكامل من حقل كرّان، والتطويرات المستمرة في معامل الغاز في واسط والفاضلي ومعامل غاز وإضافات أخرى مخطط لها، وكذلك الاستفادة القصوى من الاستراتيجية المذكورة. تطوير حقول الغاز في البحر وتواصل أرامكو السعودية أعمال التنقيب والتطوير والإنتاج المرتبطة بالمواد الهيدروكربونية منذ ما يزيد على 80 عاماً، وقد بدأ حقل كران- أول حقل غاز غير مرافق في المناطق المغمورة- الإنتاج عام 2011م. وطوّرت أرامكو السعودية حقل غاز كران- الموجود في واحدة من أكثر المناطق ازدحاماً بأعمال الشحن بناقلات النفط في العالم- خلال وقت قياسي من التنقيب إلى الإنتاج. وفيما يتعلق بمشاريع زيادة إنتاج الغاز الجديدة من حقلي العربية وحصباء في مكمن خف المغمور بمياه الخليج العربي، فإنها تسير حسب جدولها الزمني المقرر لتوريد الغاز إلى معمل الغاز الجديد في واسط والذي من المقرر أن ينجز في العام الجاري. ويجري العمل على تطوير حقلي العربية وحصباء لإنجاز الآبار بأنابيب ذات فوّهة كبيرة قياسها 9 بوصات، وبضغط يبلغ 10000 رطل على البوصة المربعة، وذلك للمرة الأولى في العالم، لتوفير غاز للمملكة بما يلبي احتياجاتها المتواصلة من الطاقة. وقد أدى استخدام طريقة الفوّهة الكبيرة إلى تقليل عدد الآبار من 43 بئراً تقليدية بقياس 7 بوصات إلى 13 بئراً منجزة بفوّهة كبيرة، مما أسهم في توفير تكاليف تنقيب وإنتاج كبيرة، ورفع مرونة الإنتاج لتلبية الطلب على الغاز. تجدر الإشارة إلى أن معمل معالجة الغاز غير المرافق الجديد في الفاضلي والذي من المقرر أن ينجز في عام 2018م، مصمم لمعالجة إنتاج الغاز من حقل غاز الحصباء المغمور ومن حقل الخرسانية على اليابسة. إدارة مكامن الغاز وحول المزيد من المعلومات عن الآليات والأساليب والتقنيات التي تعتمدها أرامكو السعودية لبرنامج تطوير إنتاج الغاز، قال المهندس عدنان الكنعان مدير إدارة مكامن الغاز في أرامكو السعودية: «يشتمل برنامج تطوير إنتاج الغاز غير المرافق في أرامكو السعودية على 700 بئر تنتج 8 مليارات قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز الخام، و425000 برميل من المكثفات في اليوم. وبوجود العشرات من الكفاءات الوطنية ذات الخبرة الكبيرة في هذا المجال في أرامكو السعودية؛ نعمل على تطوير احتياطيات المملكة من الغاز غير المرافق. وقد استطعنا التقدم بخطى ثابتة ضمن بيئة إيجابية وإبداعية وفرناها لموظفينا، ومكناهم من اتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة التحديات وأعباء العمل اللازمة لتلبية احتياجات المملكة المستقبلية من الغاز». وأضاف الكنعان: «خُصِّصَت نسبة كبيرة من ميزانية التطوير خلال السنوات العشر المقبلة لبرنامج الغاز التقليدي لتلبية الطلب المتزايد على الغاز. ولتحقيق هذه الأهداف وضعنا برنامجاً قوياً لتطوير أعمال الغاز والاستعانة بالتقنيات الحديثة ومستويات التوظيف اللازمة». وأشار الكنعان إلى أنه نظراً لدور برنامج الغاز في تحديد موارد الغاز الإضافية ورفع مستوى توفير الغاز، فإن الشركة ملتزمة بمبادرة «طاقة المملكة» المنبثقة عن برنامج التحول الاستراتيجي المتسارع فيها. ولذلك فهي تواصل الاستفادة من التقنيات الحديثة في برنامج تطوير إنتاج الغاز من أجل تعزيز الإنتاج وزيادة الاحتياطيات». وتشمل التقنيات الجديدة التصوير السيزمي لتحديد «النقاط المثالية»، والآبار التي تحفر أفقياً لمسافات طويلة جداً لتحسين التماس مع المكمن، والتنشيط التكسيري متعدد المراحل من أجل تعزيز الإنتاج من التكوينات الأقل مسامية من غيرها، والحفر بالأنابيب الملفوفة مع خفض ضغط فوّهة البئر عن ضغط المكمن للوصول إلى الطبقات المنتجة، وتقييم جدوى استخدام الأنظمة منخفضة الضغط للحد بشكل كبير من الوصول إلى مستويات ضغط غير مجدية، وزيادة الإنتاج والاستخلاص الأمثل للغاز. وهذه التقنيات تُستخدم لإنتاج الغاز الذي لا يمكن استخلاصه بالطرق التقليدية. وأسهمت هذه الجهود إلى جانب الاختبار والتطبيق المستمرين للتقنيات المتطورة، في رفع مستوى النجاح وأثرت برنامج الغاز في أرامكو السعودية بدرجة لا يستهان بها. وقد ظفرت إدارة مكامن الغاز في أرامكو السعودية ممثلة في مديرها عدنان الكنعان بجائزة المدير العام في مجال الإنتاج المرموقة لعام 2014م في مؤتمر الشرق الأوسط للنفط والغاز. وفي هذا الشأن اعتبر الكنعان أن الجائزة تُعد تكريماً للفريق بأكمله، البالغ عددهم 150 خبيراً، والذين عملوا في مشروع الغاز وأسهموا فيه. وقد حقق أسلوب التنشيط التكسيري متعدد المراحل في الآبار الأفقية تطوراً كبيراً في برنامج الغاز في أرامكو السعودية، خاصة إذا ما قورن بطرق الآبار المحفزة أفقياً والمزدوجة الجانبية. ويشتمل هذا الأسلوب على حفر بئر عند أدنى ضغط أفقي موضعي وتركيب مجموعة إتمام تتألف من منافذ حقن وحواجز عزل مناطقية وتكسير البئر على عدة مراحل. مستقبل برنامج تطوير إنتاج الغاز من جانبه يقول المهندس حمود العنزي، المشرف العام على حقل الغوار: قررت أرامكو السعودية الاستثمار في الطرق التقليدية وغير التقليدية لرفع إمكانات الطاقة في المملكة. وسيتطلب برنامج الغاز مصروفات استثمارية كبيرة- خاصة في المناطق المغمورة والمياه العميقة والمناطق النائية- وقوى عاملة مؤهلة ومختصة لتكون المشاريع اقتصادية ولإنجازها ضمن النطاق المحدد لها وتسليمها في الوقت المطلوب. ويأتي تطبيق الأفكار الإبداعية عنصراً أساساً لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية في المملكة، والعمل جارٍ حالياً على تقييم مفاهيم وأفكار وخطط جديدة ونشرها على نطاق أعمال التنقيب والإنتاج ككل في أرامكو السعودية. فيما تخضع التقنيات التي أثبتت نجاحها والتقنيات الجديدة لعدة اختبارات بانتظام، وذلك لتحسين معدلات الإنتاج ورفع مستوى استخلاص الاحتياطيات. ويعمل جميع اختصاصيي هندسة البترول والجيولوجيا بروح الفريق الواحد لضمان التطبيق الفعّال ومتدني التكلفة لمجمل سلسلة الأعمال التي تشمل التنقيب والتحديد والتخطيط للتطوير وإنشاء المرافق والتركيب وبدء التشغيل والعمل والإنتاج. كما أسهم تطبيق التقنيات الحديثة والمبادرات الجديدة بشكلٍ كبير؛ في تسريع وتيرة برنامج تطوير إنتاج الغاز في المملكة. ولعل التاريخ العريق وسلسلة النجاحات التي تحققت طوال مدة تطوّر البرنامج وتوسعه أكسبت أرامكو السعودية الثقة بقدرتها على مساندة قطاعات الطاقة في المملكة، وتعزيز نموها الاقتصادي لسنوات عديدة مقبلة. من الذاكرة نشرت صحيفة "قافلة الزيت" الداخلية، التي تصدرها أرامكو السعودية قبل أكثر من أربعين عاماً، تقريراً عن توسعات مهمة في مرافق حقل البري لزيادة طاقة إنتاجه. وقد تلت تلك التوسعات أعمال صيانة وتفتيش واختبار، استمرت حتى يومنا هذا، وذلك للمحافظة على معدلات الإنتاج العالية ولمواجهة الطلب المحلي. تمثل شبكة الغاز الرئيسة رمزاً للسلامة عبر تاريخها العريق (ولله الحمد) من اليمين حمود العنزي وعدنان الكنعان وزيليور رحيم يراجعون سجل خصائص بئر غاز حفرت أخيراً في العثمانية لقطة لأحد معامل فرز الغاز من الزيت في حرض حيث يتم توظيف أفضل الكوادر السعودية المدربة واستخدام التقنيات صديقة البيئة في الإنتاج جانب من أعمال الاستكشاف والتنقيب باستخدام أحدث التقنيات التي تجوب صحاري المملكة عدنان الكنعان يتسلم جائزة المدير العام في مجال الإنتاج عن عام 2014