دخول السوبر ماركت ليس كخروجه، فقد تلجه بتصور معين وتغادره بآخر مختلف، والحقيقة أنه تجمع أممي تلتقي فيه الحضارات وتتمازج وربما تأتلف وقد تختلف وإن كان في صمت وما تغير عاداتنا في الأكل والشرب والملبس إلا نتاج وحصاد هذا النوع من التقارب بعيدا عن موضوع الكنتكة والمكدنة (كنتاكي وماكدونالد) فذاك شأن آخر. وهو في النهاية وأعنى التسوق متعة عند البعض وتغيير مزاجي عند آخرين، ولكن اللقاء لن يكون عابرا كما يتصور البعض ولابد من التأثر ولو قليلا والنسبة التراكمية حتما ستؤصل المسألة لتصبح حقيقة وواقعا وسيكون واقعا مشتتا وربما متناقضا في بعض جوانبه كحالنا الآن بوجود مختلف الديانات والجنسيات والثقافات عندما يجمعها سقف واحد في ذاك اللقاء العابر وللحظة خاطفة. يستمتع البعض بلحظات التسوق ومشاهدة آخر ما تنتجه المصانع والعروض والتنزيلات والهدايا، مكان اللقاء يظهر كمشهد لحالة مجتمعية لها سلبيات وايجابيات ويتوقف طغيان أحدهما على الآخر على أمور كثيرة منها الجنس (ذكر أو أنثى) والجنسية والديانة ومستوى التعليم والثقافة وحتى الأعراف، وهناك من يبالي وآخر لا تهمه غير أخذ حاجته المحددة مسبقا ومغادرة المكان سريعا دون تسكع. وإذا صنفنا المتواجدين في المشهد وهم ارتال عديدة ستجد نوعيات مندسة كمن له موعد في مكان ما وتبقى مع بعض الوقت ساعة كانت أو دقائق معدودة ولكسر الزمن يدلف إلى الماركت. وهناك الممارس للرياضة وتحديدا رياضة المشي وبعيدا عن الحرارة الشديدة بالشارع أو الشاطئ يلجأ إلى الماركت وتراه يمشى بخطى موزونة يتهادى بين الأرفف ولا يحمل شيئا ولا يدفع عربة أمامه وغالبا ما يرتدى ملابس رياضة ولو جزئيا وسماعات على الأذن لزوم الموسيقى والخوجنة، وبعد ساعة أو ساعتين يغادر الجم المجاني دون إن يفيد صاحبه بهللة واحدة وغير عابئ بكل ما صادفه بالداخل. بعض الأسر التي لديها أطفال لها رؤية مشابهة للبطل السابق، فهي تأخذ أطفالها إلى السوبر ماركت والهايبرماركت ليلعبوا ويتقافزوا هنا وهناك ويتسلوا بل ليأكلوا ما طاب لهم حتى يتعبوا ثم يعودوا إلى بيوتهم بعد أن امضوا وقتا جميلا حسب فهمهم دون أن يشعروا أو يلحظوا كمية الضوضاء والضغط الذي نثروه من حولهم والحق مش عليهم؟ سلبيات كثيرة لا مجال غير تصنيفها كالأخلاقية عند بعض المتسوقين وتتجسد في مشاهدة بعض العبوات الغذائية الجاهزة للأكل كالحلويات وقد أفرغت وأكلت أو شربت ثم أعيدت إلى مكانها على الرف دون استحياء وقد يكونون صغارا أو كبارا فهم سواء وشركاء جريمة وحتى النوع الساذج الذي يفتح أي منتج ليرى اللون أو يتأكد من الرائحة أو يتذوق وعندما تحصل القناعة ليشترى ببساطة شديدة يعيد ما قام بفتحه أو إخراجه من مغلفه أو التأثير عليه باللمس أو الضغط ليختار آخر سليما إذن فهو تافه أكثر من انه ساذج. كنت أقول مسكين الماركت يعتدي عليه الكثيرون بالتخريب ولا أقول السرقة أحيانا، المهم بضاعة معروضة وسليمة تم التعدي عليها تعتبر خسارة على السوبر ماركت وربما تستغل بعض العمالة التابعة للمتجر وتأكل وتشرب وتختار خاصة وإنها تعرف مواقع ساهر في أرجاء المحل وكيفية التخفي عن كل الكاميرات. ولكن وعند المحاسبة أيقنت أن الكل لا يبالي بالكل وبالمقابل عند الكاشير يكتمل الطرف الآخر من المعادلة وهو اختلاس ما يتبقى لك من هللات عند الدفع تصل أحيانا إلى ثمانين هللة كانت سابقا تسحب بحجة عدم وجود (خردة) والآن أصبح عرفا لأنك لو سألت عن حقك فستجابه بكل أنواع الاحتقار والازدراء. وبحساب بسيط تجد أن المتحصل بهذا الامتهان آلاف الريالات والعملات الأجنبية وهذه ثقافة استعباطية كالتي تروج لسلع في العرض بمبلغ 99 ريالا ويبقى قابلني إذا استلمت الريال الذي يطير منك بقدرة قادر لأنه مافيش صرف، والله يا مدام ونحن نفطيين لا يهمنا الريال والهلل، والأبشع زيادة قيمة السلعة المقدم معها هدية مجانية عينة من المصنع كيف تضاف للسعر العادي أو تجدها أحيانا تباع منفردة وقبل أن تخرج مع العامل الذي يجبرك وبإصرار على ان يوصل لك العربة ويكلفك ريالين إلى خمسة والله يرزقنا ويرزق منا. ولكن أن يعمل الكاشير لحساب جهة أخرى رسمية أو غير رسمية ويحاول إحراجك بكل ما أوتي من فراسة وخبرة لتتبرع بباقي المبلغ لكذا أو كذا وهذا واضح في بعض الهايبرات يعني مشغلين الكاشيرات جامعي ضرائب وأقول ضرائب لأنها تأتي بالحرج وليس بنية الصدقة أو الزكاة . يستفز المتسوق رغي الكاشيرات مع بعضهم البعض مهما بعدت المسافة بينهم والزبون ماثل أمامهم يفرض عليه سماع سوالف أم هلال (الله يذكرها بالخير) وبس. مهتمة بالشأن الاجتماعي