شهدت مباحثات الملف النووي الإيراني، أمس، جهودا مكثفة مع عودة وزراء خارجية الدول الكبرى إلى فيينا لاستئناف المباحثات، التسارع في التحركات بعدما مدد المفاوضون مهلة التوصل إلى اتفاق حتى السابع من يوليو مع إمكانية إنهاء المفاوضات قبل هذه المهلة أو بعدها سواء باتفاق أو من دونه، بحسب مختلف الأطراف, فيما أكد مسؤول إيراني كبير مجددا، أمس، رغبة بلاده في التوصل إلى اتفاق نووي "عادل ومتوازن" مع القوى الكبرى وذلك خلال لقاء عقده في طهران مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو، وقال علي شمخاني أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أن هذا الاتفاق يجب أيضا "أن يحمي حقوق" البلاد في إطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإن "كل اتفاق يضمن فعليا مواصلة تقدم الصناعة النووية السلمية، وكذلك الرفع غير المشروط للعقوبات الظالمة وغير الشرعية سيعتبر إيجابيا"، وقال امانو، الذي يزور طهران للمرة الرابعة منذ 2012: إنه يتفهم "قلق وحساسية" الإيرانيين مؤكدا أنه "قدم اقتراحات لإزالة العراقيل القائمة وتسريع عملية التعاون" بين طهران والوكالة الذرية بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، وأعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، أن المفاوضات حول الملف النووي الإيراني لم تحرز "اختراقا"، مؤكدا في الوقت ذاته أن العمل مستمر للتوصل إلى اتفاق بعد تمديد المهلة حتى السابع من يوليو, وأن "العمل مستمر، سترون خلال الأيام القليلة المقبلة وزراء يأتون وآخرين يذهبون للحفاظ على زخم تلك المحادثات". محادثات مكثفة ومنذ استئناف المفاوضات رسميا، الجمعة الماضي، يقوم وزراء خارجية دول مجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا) برحلات متتالية ذهابا وإيابا إلى العاصمة النمساوية باستثناء وزير الخارجية الأميركي جون كيري الموجود في فيينا منذ أسبوع. والأربعاء، أصدر كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف تصريحات متشابهة رددا فيها ما بات لازمة تتكرر منذ بدء المحادثات قبل 20 شهرا عن "إحراز تقدم" مع وجود "مسائل يصعب" حلها. وتريد الأسرة الدولية فرض رقابة مشددة على البرنامج النووي الإيراني لضمان عدم امتلاك طهران القنبلة النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران. وقال مسؤول دبلوماسي غربي "إذا كان الإيرانيون دعوا امانو لزيارتهم، فمن الممكن أن نتخيل أن لديهم ما يريدون قوله". وبرغم نفي طهران، تشتبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أن طهران قامت بأبحاث حتى العام 2003 وربما بعد ذلك التاريخ من أجل امتلاك القنبلة الذرية وتسعى للقاء العلماء الضالعين في هذه الأنشطة والاطلاع أيضا على وثائق وزيارة مواقع قد تكون جرت فيها هذه الأبحاث. وهذه المطالب لاقت رفضا قاطعا من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الذي له الكلمة الفصل في الملف النووي. لكن وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية أفادت نقلا عن مصدر مقرب من المفاوضات أن إيران "ستعرض حلولا من أجل تسوية الخلافات". وبحسب كيلسي دافينبورت المدير المسؤول عن ملف منع انتشار الأسلحة النووية في جمعية الحد من الأسلحة التي تتخذ مقرا لها في الولاياتالمتحدة فإنه "من المهم جدا أن تتمكن الوكالة من الوصول إلى المواقع والمعلومات الضرورية لإنجاز تحقيقها مع احترام القلق الإيراني المشروع على أمن البلاد". وأعرب عن أمله في أن تتمكن زيارة امانو من فتح الطريق أمام حل لإحدى "المسائل الشائكة" في المفاوضات الجارية. والاتفاق الذي "أصبح في متناول اليد" بحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لا يزال يواجه عراقيل كبرى. والتوصل إلى اتفاق نهائي سيكون له انعكاسات دولية مهمة إذ سيفتح الطريق أمام تقارب قد بدأ فعلا بين الولاياتالمتحدةوإيران، كما أمام عودة إيران إلى الساحة الدولية . لكن الرئيس الأميركي باراك اوباما حذر، الثلاثاء، من أنه لن يوقع "اتفاقا سيئا". ورد نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخميس، بالقول، إن أحدا ليس مستعدا للتوصل إلى "اتفاق بأي ثمن". وبالإضافة إلى تفتيش المواقع الإيرانية، تبقى هناك مسائل أخرى عالقة مثل مدة الاتفاق. وتريد المجموعة الدولية أن تكبح البرنامج النووي الإيراني لعشر سنوات على الأقل، لكن خامنئي رفض الأسبوع الماضي، الحد من القدرات الإيرانية لفترة طويلة. كذلك يشكل رفع العقوبات عقدة بالغة الأهمية، لأن إيران تأمل في تدابير فورية، أما مجموعة 5+1 فتريد رفعا تدريجيا ومشروطا لهذه العقوبات.