أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة لكتاب "الحضارة الإسلامية" لشيخ العروبة أحمد زكي، وذلك في إطار مشروع «إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين - التاسع عشر والعشرين الميلاديين». ويعتبر كتاب "الحضارة الإسلامية"، من أهم آثار أحمد زكي التي تركها في موضوع تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، وطُبع لأول مرة عام (1327ه / 1909 م). ويكشف هذا الكتاب الذي يعتبر دراسة في الحضارة الإسلامية أكثر منه كتاباً عن باكورة الدراسات المصرية الحديثة عن الحضارة الإسلامية، والتي ألقيت على طلاب الجامعة الأهلية عام 1909م، وكانت ترمي إلى ضرورة إعمال العقل النقدي في الموروث الثقافي، لتخليصه من آفات التحريف والاختلاق والتزييف والقصص الخرافي، وإثبات الحقائق من الوقائع والواقعات، واستلهام الأسس والمناهج والآليات التي كانت وراء سطوع نجم الحضارة العربية الإسلامية. كما تُفصح الدراسة عن عبقرية أحمد زكي باشا، والذي لُقب بشيخ العروبة، ودوره الرائد في تحقيق التراث العربي الإسلامي، ومنهجه التوفيقي بين الأصالة والمعاصرة، والأنا والآخر، ودعوته الصادقة إلى تجديد الخطاب الإسلامي، وتحديث المشروع الحضاري للأمة العربية. ويشتمل الكتاب على تسعة مقالات، ألقاها المؤلف على طلاب الجامعة المصرية (الجامعة الأهلية)، ويعد في مجمله ملخصًا لرسالته في التجديد والتثقيف، وعرضاً موجزاً لنهجه في قراءة التاريخ. الكتاب من تقديم الباحث عصمت نصار، ويعد اختيار القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين على وجه الخصوص رغبةً من المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة ولم تتجاوزها، ولإثبات أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين. وهذا الكتاب يأتي ضمن المشروع -الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية، ونبعت فكرته من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري، وذلك كما أوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين في تقديمه لسلسلة إصدارات المشروع، حيث اضاف سراج الدين: "أملنا هو أن نسهم في إتاحة مصادر معرفية أصيلة وثرية لطلاب العلم والثقافة داخل أوطاننا وخارجها، وأن تستنهض هذه الإسهامات همم الأجيال الجديدة كي تقدم اجتهاداتها في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة".