العلاقات السعودية الروسية، بعد زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نهاية الأسبوع الماضي إلى روسيا يتوقع أن تواصل مساراتها الإيجابية التي قطعتها منذ عودة العلاقات بين البلدين. العلاقات القائمة على المصارحة والمشاركة الإيجابية بين البلدين، تتجاوز منافعها العلاقات الثنائية، فالتفاهم والتعاون وروح المبادرة الضرورية من الطرفين سوف تلمس آثارها الشعوب العربية والإسلامية. مكانة السعودية في العالمين العربي والإسلامي تفرض عليها اعتبارات سياسية واخلاقية ودينية لا يمكن الابتعاد والتهرب منها، وهذه المكانة تفرض حضورها في الملفات الساخنة في المنطقة. أيضا روسيا كدولة عظمى تتطلع إلى تأكيد مكانتها في خارطة السياسة العالمية، وهذا يفرض عليها مواقف وتساهم في مشاريع قد لا نتفق معها، أو تتعارض مع مصالحنا. العلاقات الثنائية بين البلدين، اذا ابتعدت عن الملفات الساخنة أمامها العديد من نقاط الالتقاء والتكامل، لدينا اهتمامات الطاقة المشتركة، فالبلدان يتصدران الدول المنتجة للبترول، والتعاون في هذا المجال ضروري للبلدين. كذلك لدينا علاقات واسعة مع العالم الإسلامي، وأيضا تربط روسيا بالدول الإسلامية علاقة شراكة حيث تقع العديد من الدول الإسلامية في محيطها الحيوي المباشر وتجمعها مع الشعوب الإسلامية مصالح اقتصادية ومشاركة في الثروات، وفرص التكامل الاقتصادي مع محيطها الإسلامي عديدة وواسعة. استثمار هذه الظروف الإيجابية لتنمية العلاقات بين البلدين سوف يتحقق في السنوات القادمة، وزيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وما تم فيها من توقيع لاتفاقيات في مجالات حيوية، وبما حظيت به الزيارة من اهتمام من القيادة الروسية، هذه الزيارة تطلق عملا سياسيا لأخذ العلاقة بين البلدين إلى آفاق جديدة، والمرحلة تتطلب بدون شك خطوات عملية لبناء الثقة والتحول الإيجابي إلى تقليل نقاط التوتر التي تؤثر على نقاء ووضوح وصراحة العلاقة بين البلدين. في منطقة ملتهبة تتصارع فيها مصالح القوى العظمى لن تكون المهمة سهلة للقيادة في البلدين للتحول السريع في العلاقات لكي تنطلق في مجالات عديدة، ولكن المهم أن النيات والتصورات والأفكار تنتقل إلى مسارات العمل الإيجابي الذي يجعل البلدين يتفقان على العمل لحل المشاكل وتجاوز الخلافات، وبالتأكيد كما ذكرت سابقا، سوف تستفيد المنطقة وشعوبها من العلاقات الإيجابية القوية بين المملكة وروسيا. لقد حملت زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى القيادة وإلى النخبة السياسية والاقتصادية الروسية ملامح المستقبل الواعد المتميز الذي ينتظر بلادنا مع التحول الذي حمله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومن مصلحة بلادنا معرفة العالم واقع القيادة الشابة المدركة للأوضاع العالمية، والمستعدة للتعلم والاستيعاب السريع لضرورات وأدبيات الحكم والسياسة، وهذا ما قدمه سمو ولي ولي العهد في زيارته الأخيرة، اننا في حقبة واعدة جديدة لبلادنا.