لم يمر أكثر من شهر وعشرة أيام على تأسيس المملكة العربية السعودية حتى بادر الاتحاد السوفيتي الذي نعرفه اليوم بروسيا بالاعتراف بالمملكة دولة سيادية موحدة. وكانت روسيا أول دولة في العالم تعترف بالدولة الموحدة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، وذلك في التاسع عشر من فبراير من عام 1926، علما بأن هناك ثلاث سنوات تفصل ما بين تأسيس الاتحاد السوفيتي وتأسيس المملكة العربية السعودية، حيث تأسس الاتحاد السوفيتي في نهاية عام 1922 وبالتحديد في يوم 30 ديسمبر (كانون الأول) بينما كان قيام المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في الثامن من يناير (كانون الثاني) من عام 1926م. ولقد سجل التاريخ أن أول حمولة نفط نقلت إلى المملكة العربية السعودية وصلت من الاتحاد السوفيتي، حيث كانت محملة بالكيروسين. ولقد مرت العلاقات السعودية الروسية بتقلبات ومنعطفات وتحولات لأسباب عقدية وسياسية أدت إلى القطيعة لفترة طويلة. وكان للبلاشفة دور كبير في تدهور العلاقات السعودية الروسية تلاها التوسع الشيوعي والإلحاد المتمثل في محاربة الأديان السماوية وتقييد الحرية الدينية. وقد كان لغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان دور قوي في تدهور العلاقات بين الدولتين السعودية والروسية. بلا شك استغلت الولاياتالمتحدة الظروف لتوسيع الفجوة بين المملكة وروسيا وبالتالي جندت بعض العرب لمحاربة الشيوعية في افغانستان من منطلق سياسي لتحد من التوسع السوفيتي. وتؤكد زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حرص المملكة على توطيد العلاقات مع روسيا الصديق القديم في العهد الجديد. وتؤكد الزيارة على أهمية الدور الروسي في التعاون مع المملكة التي تعد أكبر منتج ومصدر للبترول في منظمة الدول المنتجة والمصدرة للبترول (أوبك)، وذلك لعمل ما يلزم لاستقرار سوق الطاقة كونها من أكبر الدول المنتجة للبترول خارج منظمة الاوبك. إن تطوير العلاقات الثنائية بين المملكة وروسيا ضرورة استراتيجية للبلدين على حد سواء فكلاهما يساهم في نمو واستقرار سوق الطاقة العالمية. ويعتمد كل منهما بنسبة عالية على ايرادات النفط في ميزانيتهما العامة. ولا يتوقف التعاون بين الدولتين على المجال النفطي فحسب، بل يمتد إلى التعاون في المجالات الاقتصادية والتقنية والعسكرية والاسكان. ومن الأهمية أن تنوع المملكة شراكات التعاون الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية مع العديد من الدول المتقدمة والنامية لما لذلك من فائدة استراتيجية كبيرة في التفاوض الناجح لمصلحة كل طرف. وبالطبع تحدد وترسم المصالح المشتركة بين الدول علاقاتها ببعضها فكلما ضعفت المصالح المشتركة ضعفت معها العلاقة. ويبدو واضحاً ان العلاقة ببعض الدول الغربية بدأت تتراجع وبانت أنياب الأسد، لكن كانت الأسود المستهدفة فطينة وواعية بما يحاك لها. وهنا تأتي أهمية إستراتيجية التوازن من خلال التعاون المشترك للتقليل من شأن الأسود الضارية. الخلاصة تخطو حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- خطوات حثيثة ومدروسة لبناء دولة عصرية قوية. وتدرك القيادة أهمية تنويع وتوازن التعاون بين المملكة والعديد من الدول المتقدمة والنامية، لذلك رأت أهمية وضرورة التعاون مع الصديق الروسي القديم في العهد الجديد.