مبارك عليكم شهر رمضان الكريم، وأسأل الله -سبحانه- أن يعيننا وإياكم على سائر طاعاته، وأن يقبل منا صالح أعمالنا، ويجعلنا من عتقائه، ومن المغفور لهم وجميع المسلمين. الحمد لله الذي بلغنا هذا الشهر الكريم، ونسأله أن يبلغنا إياه أعواما عديدة وأزمنة مديدة، ونحن والمسلمون بخير ويسر وصحة وأمن، هلّ على أكثرنا هذا الشهر كما يهل كل عام، نفس العادات ونفس الانتقادات ونفس التناقضات، انتقادات لطوابير الشراء من البقالات؛ استعدادا لرمضان وأنواع متنوعة من المأكولات والمشروبات، ونوم بالنهار وسهر بالليل، حتى أنا في رمضان الماضي قد كتبت عن نفس هذه السلوكيات، ولكن لا شيء تغير، قبل رمضان بثلاثة أيام زرت أحد المجمعات التجارية فوجدته مكتظا بالسيارات في مواقفه. أوقفت سيارتي وصعدت مباشرة إلى الطابق الثاني فوجدته شبه خال، ثم الطابق الثالث فوجدته خاليا تماما، مع ان جميع المحلات مفتوحة، استغربت الأمر وبعد أن انتهيت من حاجتي مررت نزولا بالطابق الأول والذي كان به البقالة الرئيسية، والتي لم استطع رؤية ما بها من كثرة الناس وازدحامهم الشديد للغاية، فاكتشفت أن كل السيارات التي شاهدتها في المواقف تجمع أصحابها هنا، وعرفت الآن سبب خلو الطابقين الثاني والثالث، فقلت سبحان الله، في كل رمضان نفس العادات؟ ونفس التعليقات؟ هل العلة بي أنا أم بمن يسلك هذه الطريقة سنويا؟ سألت نفسي ما هو الطعام أو الشراب الذي لا آكله طيلة العام وآكله فقط في رمضان وباحصائية بسيطة وجدت أن أكثر من 90 مما نأكل ونشرب في غير رمضان هو نفسه في رمضان، إذاً ما هي المشكلة وأين تقع؟ لا أذكر يوما في حياتي ذهبت لأشتري "مقاضي رمضان" ولا حتى والدي، مع أننا ولله الحمد نأكل مثل ما يأكل الناس في رمضان، ولسنا مختلفين عنهم، لذلك قررت ألا أنجرف مع هذا التيار القوي، وأصر على موقفي على الأقل حتى توقيت كتابة هذه الكلمات، لم أشتر شيئا خاصا لرمضان، ولم أسئ في عاداتي الغذائية بحكم رمضان، ولم اتعذر لأي عذر في أداء عملي أو مسؤولياتي بسبب رمضان، فالبعض في رمضان يكون عذره عن أداء أي شيء لا يرغبه "ياخي رمضان" أو "تعرف عاد رمضان"، يا أخي ما أعرفه أن رمضان شهر كريم والكريم لا يأتي إلا من أشد الكريمين، رمضان شهر العدول عن كل ما هو سيء سلوكيا ولفظيا وفعليا وقبل ذلك عبادة وقربة إلى الله، رمضان شهر احساس بالفقراء والمساكين والمحتاجين وحوائجهم، لم يكن يوما من الأيام مفترضا أن يكون رمضان شهر متعة في الأكل والشرب والتبذير، بل سماحة في النفوس وخفة في الأكل من أجل الإعانة على العبادة والتقرب إلى الله -عز وجل-، وليس صيام من خلال النوم ثم أسوأ عادات غذائية خلال العام في أفضل شهر في العام. وإدراك للمسؤوليات في البيت والعمل. أتمنى أن أطل عليكم بإذن الله الأسبوع المقبل وأنا ما زلت على وعدي وعهدي بأن أتأثر ايجابا في رمضان وليس سلبا كما يفعل بعضنا، وألا تكون الليلة كالبارحة. بإذن الله ألقاكم السبت المقبل في أمان الله. * ماجستير إدارة أعمال - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن