ندرك بجانب عدم الشكر كما يجب أننا نعبث بنعمة الله الكريم الحليم وفضله علينا.. لا يوجد صغير أو كبير لا يفهم ماذا يعني الإسراف والبذخ والزيادة.. والكل يعلم أن الشرع يوصينا بالاتزان، والرشد، والاعتدال في كل أمور حياتنا.. أكل.. شرب.. عمل.. قول.. كل شأن. نعم هي القضية.. هي المشكلة.. هي المسألة العظيمة.. الإسراف في الطعام، والهدر المزعج.. خذوا: 30% من الأرز المستورد في المملكة يُهدر سنويًّا بواقع 1.1 مليون طن، فيما تمثل الأطعمة المهدرة أكثر نسب نفاياتنا. وفي إحصائية أن الفرد الخليجي يهدر 250 كجم من الطعام المنوع سنوياً.. وفقاً للإحصاءات الأخيرة ما زالت السعودية في مقدمة الدول الأكثر استهلاكاً للأغذية في المنطقة بنسبة 60% ويعتبر الخليج العربي من أكثر المناطق استهلاكاً بنسبة 3.1% سنوياً وهدراً للمواد الغذائية، مع توقع أن يصل معدل الاستهلاك إلى 49.1 مليون طن متري من المواد الغذائية، ويشكل الغذاء ما نسبته 35% من النفايات المنزلية، ونحو 13 مليون طن من المواد الغذائية وبقايا الأطعمة يتم التخلص منها في مكبات النفايات بالسعودية. فيما بلغ عدد الوجبات الغذائية التي تهدر بشكل يومي في المنطقة الشرقية وحدها 4 ملايين وجبة غذائية، حسبما ذكر مصدر في جمعية «إطعام».. تكون غالبيتها من قصور الأفراح، والعزائم، والفنادق، وكذلك هناك بقايا في المطاعم، وكثير من البيوت. معروف أن لدينا أنماطا استهلاكية مبنية على التفاخر، والتباهي والإسراف الطاغي، وتحديداً في الولائم، والاحتفالات وغيرها من المناسبات المختلفة حتى وصل إلى أن العزاء يهدر فيه الطعام كما يهدر في مناسبات أخرى.. «الزود ولا النقص» قاعدة فارغة من الرشد والعقل.. يضع أحدهم مائدة طويلة عريضة ويقول: «هذه أقل من حقكم».. «سامحونا على القصور» ولا يطلب العفو والسماح من الله على هذا الإسراف.. عند بعض الفئات الذين «يهايطون» بالموائد، والذبائح، والمفاطيح يدعو لوليمته شخصا، أو شخصين ويضع ما يكفي أربعين وخمسين.. فهو يقدم الفخر الاجتماعي على الدين وتعاليمه.. أين قول الجليل الكريم «ولا تسرفوا» أين حديث: «طعام الواحد يكفي اثنين والاثنين يكفي الأربعة، والأربعة يكفي الثمانية». وأما عند النساء فحدث ولا حرج.. خصوصا فيما يتعلق بمناسبات الزواجات ذات البطر والبذخ وتضخيم «الأنا».. حلويات.. شكولاتة.. معجنات.. عصائر بكميات تفوق الوصف ثم يتم الدخول على بوفيهات الإسراف والهدر.. ولا يؤكل منه ولا 10% ثم تخرج النساء وتخرج صاحبة المناسبة ولا تسأل ماذا يحدث بعد ذلك.. وماذا سيتم بما تبقى أو بقي على حاله لم يلمس؟ وفي مطاعم الوجبات السريعة تأملوا كثيرا من الأطفال والشباب وما يتبقى من طلبات وجباتهم.. وقلة من يكمل وجبته.. وأحيانا تحت أعين الوالدين اللذين يبقيان أكثر من أولادهما.. وتأملوا الطلاب في المدارس وحاويات حفظ الأطعمة المتبقية ماذا يتم بشأنها وكيف تمتلئ.. وبعض البيوت تجهز الطعام ونصف أفرادها يأتون بوجبات من المطاعم فيهدر المصنوع في البيت.. هناك أناسٌ يأكلون حتى التخمة وآخرون ينامون جياعاً، كم من موائد عامرةٍ زاخرة وأخرى خاوية، في الوقت الذي اجتاز فيه جياع العالم ال 870 مليون جائع، يهدر يومياً 1.3 مليار طن من المواد الغذائية في العالم تلقى في حاويات القمامة وعلى قارعة الطرقات، نتيجة لسلوك وعادات وتقاليد خاطئة تُتبع في غياب واضح لحملات التوعية للحفاظ على هذه النعمة التي من الله علينا بها. ختام القول: البعض تشعر انه لا يخاف من زوال النعمة، ولا يفكر إلا أن حاله دوما ستكون كذلك.. والبعض لا يستشعر أن بقايا طعامه المرمي هو أمنية لأحدهم.. وهي وجبة لذيذة يرجوها مسكين أو محتاج.. ومشكلتنا أننا نتعامل مع النتيجة «باقي الطعام» ولا نتعامل مع السبب «طلب أكثر من الحاجة» واستغرب ممن يحرص على تصريف المتبقي قبل أن يحرص على طلب ما يحتاجه وبالقدر الكافي الذي لا يضطره إلى تفكير أو تصريف.. تذكروا معلومة واحدة أسوقها لكم أن بقايا طعامنا تكفي وتغذي 15 دولة أفريقية مليئة بالجياع.. فهل هذا يعني شيئا لكم!؟. * مستشار إعلامي