«الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    اختتام اعمال الدورة 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في البحرين    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماغ المدمن الحالي مدمرة.. يستحيل استعادة عافيته
المشرف العام على مستشفى الأمل بالدمام محذرا في حواره ل « اليوم »:
نشر في اليوم يوم 11 - 06 - 2015

في الوقت الذي يضيف مجرمو العصابات مواد خطرة عند تصنيع المخدرات تدمر خلايا الجسم وتتلف الدماغ، قال مسؤول في إدارة الصحة النفسية بصحة الشرقية إن المدمن الحالي مهما عالجته يستحيل عودته لوضعه السابق، لأن خلايا الدماغ تلفت.
وأوضح الدكتور محمد الزهراني المشرف العام على مجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام ومدير إدارة الصحة النفسية والاجتماعية بصحة الشرقية رئيس اللجنة النفسية للطوارئ بصحة الشرقية، في حديثه ل «اليوم» ضمن ملفها الشهري العاشر «خطر المخدرات.. ليس الإرهاب وحده يخطف شبابنا»، أن آفة المخدرات للأسف في ازدياد، وذلك لعدة عوامل أبرزها ما أثبتته الإحصاءات أنه كل 5 سنوات، تظهر لنا مواد مخدرة جديدة تنتشر بين المتعاطين.
وتسجل المملكة اسمها في سجل الشرف العالمي في مجال مكافحة المخدرات، حيث تنفق المملكة مليارات الريالات سنوياً في مجال مكافحة تهريب وترويج المخدرات في المملكة، وكذلك في تطوير أدوات علاج الإدمان ممن وقعوا في براثن الإدمان. ولأن مرحلة العلاج مهمة للمتعاطين، وهي تمثل طوق الخلاص من منحدر الموت الذي ما زالوا ينحدرون فيه بسرعة للنهاية، فقد أنشأت الدولة مراكز الأمل في المملكة لتكون الذراع التي تنتشل المدمن من مهالك الادمان إلى الحياة السوية.
وتحدث الدكتور الزهراني بإسهاب عن المخدرات والإدمان ومخاطره وصولاً للعلاج وكيفية الوفاء بمتطلباته لكيلا يتعرض المدمن بعد شفائه لما يعرف علمياً ب «الانتكاسة» ثم العودة من الباب الكبير للتعاطي، مبينا أن الدراسات أثبتت أن كلمة «أحبك» أو الكلام الطيب والجميل من الأب لابنه وابنته يقلل من انجرافهما لآفة المخدرات.
ويؤكد الدكتور محمد الزهراني أن آفة المخدرات للأسف في ازدياد، وذلك لعدة عوامل أبرزها ما أثبتته الإحصاءات أنه كل 5 سنوات تظهر لنا مواد مخدرة جديدة تنتشر بين المتعاطين، والذين لا يقتصر تأثرهم بالجانب الصحي خلاف مريض السرطان على سبيل المثل أو أي من الأمراض المستعصية، فإنها تؤثر بشكل خاص على المصاب وصحته بينما تظل بقية جوانب حياته طبيعية، أما المدمن فإن الخلل يصل إلى مختلف جوانب حياته سواء الصحية أو الأسرية أو المهنية أو الاجتماعية، وقد يمتد ليصل إلى الدينية والأخلاقية.. وهذا للأسف يكون سبب الانتكاسة في الحالات التي تخضع للعلاج وتتعافى من الإدمان، لأننا عالجنا الجزء الصغير وتبقى الجزء الأكبر، الذي اشبهه بجبل الجليد، فما يظهر منه، لا يشكل سوى جزء بسيط مما يختفي بالأسفل، لذلك برامج الإدمان مكلفة ومتعبة وتحتاج للصبر من العاملين عليها ومن المنفق كذلك.
الانتكاسة
ويضيف الدكتور الزهراني: وللأسف الصدمة التي يتلقاها المتعافي، وذلك من عدم احتواء ذويه وأقربائه أو أصحابه له، يكون لها الأثر السلبي الذي يدفعه للعودة للمخدرات ومن ثم «الانتكاسة» من جديد؛ فعلاج الادمان الصحي يشكل الجزء البسيط فقط، وإن أكثر البرامج العلاجية والتأهيلية حول العالم لا تسجل نسبة نجاح في معالجة المرض إلا بنسبة 20% إلى 40% وهي نسبة تعتبر متدنية مقارنة بالتطور الذي وصل إليه الطب حول العالم، وعليه فالأمر صعب لكي يجعل المتعاطي مهما كانت دوافعه أن يدرك صعوبة العودة إلى واقعه الطبيعي الصحيح فوجب عليه تجنب فتح هذا الباب من الأساس وأن يحمي نفسه وأسرته من المروجين لهذه الشرور.
وتحدث الدكتور الزهراني عن دور المملكة في مكافحة المخدرات وعلاج المدمنين، حيث بين أنها تعتبر من أوائل الدول التي استجابت للمؤتمرات العالمية التي أوصت بإنشاء مستشفيات للرعاية النفسية ومعالجة الادمان، وتحديدا في عام 1962م أوصى المؤتمر الدولي للصحة النفسية ومكافحة الادمان بإنشاء مستشفيات متخصصة لهذه الحالات لتكون المملكة أول من طبق هذه التوصية على أرض الواقع حين تم في العام 1972م، إنشاء ثلاثة مستشفيات في كل من جدة والرياض والدمام.
وأخذ الدكتور الزهراني بتسليط الضوء على مستشفى الأمل في الدمام، حيث تم تشغيله بشكل تجريبي عام 1406ه وافتتح بشكل رسمي في عام 1407ه، وهو أول مستشفى لعلاج الإدمان في المملكة بسعة 300 سرير، ومر بمراحل تشغيل لتشرف عليه وزارة الصحة مطلع العام 1421ه، وحالياً يعمل بنظام التشغيل الذاتي على نظام التأمينات الاجتماعية، بعد دمج المستشفى مع الصحة النفسية.
ونعود إلى بداية مراحل التشغيل حين لوحظ أن المستشفى يعاني من نقص الخبرة اللازمة في معظم كوادره لندرة الاختصاص، وهو ما كان ينطبق على الكوادر الوطنية والعربية، وعليه تم الاستعانة بكوادر أجنبية من الولايات المتحدة الأمريكية، من احدى الشركات المتخصصة حول العالم، والتي ارتأت وقتها أن أهم مقومات تهيئة فريق طبي مثالي لعلاج الادمان والامراض النفسية هو تعزيز مبدأ عمل الفريق، حيث إن قلة الانسجام الناتجة عن اختلاف التخصصات ووجهات النظر، شكلت وقتها أبرز معوقات تطبيق الأساليب العلاجية الحديثة على أرض الواقع، فقاموا وقتها باقتراح برنامج «الفريق المعالج» لمدة عام والذي لم يكن واضح الأهداف في بدايته، فقد كان قائماً على فكرة ساعات محددة في اليوم، يجتمع بها الزملاء في مجموعات تضم تخصصات مختلفة، وتقوم ببرامج رياضية وثقافية؛ ولكن مع مرور الزمن اتضح مدى التأثير الإيجابي لهذا البرنامج فيما يخص الانسجام وبث روح الفريق بين كافة الكوادر، وأصبح هناك تبادل للآراء ووجهات النظر والخطط العلاجية المشتركة التي تؤدي بالنتيجة إلى مصلحة المريض؛ وهو ما لاحظته جلياً عند عودتي للمستشفى كمشرف عام سنة 1419ه، والذي شهد عملية دمج شملت مستشفى الامل ومستشفى الصحة النفسية، ليصبح مسماه في الموقع الجديد مجمع الأمل للصحة النفسية، مما أسهم في تطور الاساليب العلاجية وكذلك عملية الانسجام مع متطلبات الصحة العالمية للمنهجية المتعددة التخصصات.
التعافي الآمن
وأضاف الزهراني: رغم أن برامج الرعاية المستمرة بهذا الاختصاص تعد قليلة حول العالم إلا اننا تعمدنا التركيز عليها لقناعتنا أنها أسلوب أثبت نتائجه الايجابية في التعافي الآمن الذي يحد من احتمالية العودة إلى ذات الطريق «الانتكاسة»، حيث تتوافر في المجمع مختلف الخدمات العلاجية الشاملة لجميع مرضى الإدمان، وذلك من خلال برنامج علاجي تكاملي يتناول الجوانب البيولوجية والنفسية، وفق برامج علاجية متعددة التخصصات مكونة من أطباء نفسيين وممرضين واختصاصيين حيث يقوم البرنامج على متابعة المرضى في مختلف مراحل تطور حالاتهم المرضية، حتى يصلوا إلى التعافي، ومن بعد ذلك مرحلة التقييم الشامل التي تهدف لوضع خطة علاجية تشتمل على التأهيل النفسي، وكذلك التأهيل الاجتماعي، بغرض الوقاية من الانتكاسة، واستكمال العلاج بعد خروج المريض من الأجنحة الداخلية، عن طريق المتابعة بالبرنامج المختص في الرعاية المستمرة من قبل الفريق المشرف على العلاج، وهنا تأتي فكرة الرعاية الطويلة الأمد «منزل المتعافين»، لبرامج قد تصل في مدتها من ثلاثة إلى ستة أشهر تحتوي على انظمة صارمة بما يتعلق بتعديل السلوك بعد الشفاء من الادمان، وتعتبر الدليل المرشد إلى حياة جديدة بأسلوب سليم وآمن يضمن للفرد عدم العودة إلى عالم الادمان، لأن عدم ترتيب الحياة للفرد هو عامل اساس في وصول المريض إلى هذا الطريق، ورغم أن فكرة منزل المتعافين لم تجد ترحيبا كبيرا عند طرحها بسبب عدة مخاوف إلا أنه ولله الحمد وخلال 15عاماً من بداية تطبيقها لم يتم تسجيل أي ضرر من هذه الفكرة أو تلك المخاوف، ونحن لا نزال نبحث مع الجهة المختصة في الوزارة فكرة تطوير موقع البرنامج في المبنى الجديد، ليتسنى تطبيق مختلف الانشطة التي من شأنها الوصول به إلى أهدافه بصورة أكثر سلاسة وفاعلية، حيث يتم تفريغ المبنى القديم لبرامج إعادة التأهيل لهذه الشريحة لتتمكن من الاستمرار في مراحل العلاج للعودة إلى حياة المجتمع اليومية.
الإدمان
ويقول الدكتور الزهراني في جوابه عن سؤال كيف يكون الإنسان مدمناً: «أولا يمكننا تعريف الادمان بأنه تعاطي الانسان لمادة مبدلة للمزاج بشكل مستمر يصل به إلى مرحلة اعتياد نفسي وعضوي، بحيث إذا لم يأخذ المدمن هذه المادة تحصل عنده آلام حادة ناتجة عن تلف الخلايا الطبيعية، وعديد من الهرمونات في الجسم، وأعراض مؤلمة، ومعاناة تسمى بالأعراض الانسحابية، ومع مرور الوقت يزيد معدل الجرعة التي يحتاجها المدمن ليصل إلى ذات التأثير، ومع هذه المتغيرات التي يعاني منها المريض وارتفاع التكلفة التي قد تصل عند بعض الحالات إلى قرابة 250000 ريال شهرياً، «على سبيل المثال وليس التحديد» وهو ما يفسر انجراف العديد من المتعاطين ليتحولوا إلى مروجين ليتسنى لهم توفير المادة المتعاطاة بما يحسبونه بالمجاني، وفي الواقع هم مستخدمون من قبل المروج الرئيسي كفرائس سهلة إن وقعت يبقى هو بعيداً عن المشاكل، وكذلك تحاول تلك الفئة المدمنة أن توقع بغيرها كي تتمكن من بيع الكميات المطلوبة منها يومياً وبالتالي توفير جرعته اليومية من المخدرات، وهو ما يسهم في اتساع دائرة المشكلة؛ وباختصار إن الادمان هو سلوك قاهر يتمكن من الانسان رغم معرفته بتبعاته السلبية الصحية والاجتماعية والأمنية، ولكن تحت ظل تأثر الجسم الكامل بهذه المواد والقضاء التدريجي على قدراته العقلية تجده بدلا من اختيار طريق الرجوع ينغمس في طرق التنازل عن الكثير من مبادئه وأخلاقياته في سبيل توفير المواد التي أدمن عليها، وهو ما ينطبق ليس على الهيروين أو غيره من الحبوب والبودرة المخدرة، أيضا الكحول ورغم أنها تصنع قانونيا في كثير من بلدان العالم لاختلاف الدين والثقافة، ولكنها أيضا ذات تأثير مماثل من حيث ذات الخطورة العالية، وتأثيرها المباشر على قدرات العقل عند الاصابة بالادمان عليها، والاعراض السلبية التي تصل بالمريض إلى النزعة العدوانية، وكذلك المشاكل الصحية والأخلاقية، كما هو حال مدمن الهيروين وإن كان إدمان الكحول يتطلب وقتاً أطول من إدمان المخدرات الاخرى إلا انها تصل بالحالة إلى ذات النتيجة التي تصنف أخطر وأصعب في العلاج في كثير من الحالات.
وبالعودة إلى مسألة التأثيرات السلبية للمخدرات على جسم الانسان، أكد الدكتور الزهراني أن الجهاز العصبي هو المستهدف الأول لها مهما اختلفت فهناك الكحول والهيروين التي يكون لها تأثير الخمول والكسل وكثرة النوم لمن أدمن عليها، وهناك أخرى ذات تأثير منشط وقلة للنوم مثل الشبو أو كريستال وهي مصنفة من أخطر انواع المخدرات في فئتها فهي تتسبب بأضرار مختلفة في الجسم خاصة الاوعية الدموية وآثارها المدمرة على خلايا الدماغ غير قابلة للعلاج بل تؤدي للوفاة في كثير من الحالات لذلك وجد انها خطر كبير.
وزاد: يمثل الحشيش خطرا كبيرا حيث انه يضرب الادراك مباشرة فيدخل متعاطيه في عالم الهلوسات، ويفقد الاحساس بالادراك بالزمان والمكان والمسافة فيكون عرضة للحوادث المرورية، وهناك حالات تعتقد انها انتحار لمصاب ألقى بنفسه من أعلى البناية، بينما هي بسبب تأثير الحشيش، الذي كما أسلفت له أثر على قدرته في إدراك المسافة، وفي مجمل ما ذكر أو غيره من أنواع المخدرات، فإن الادمان على هذه الآفات لا يتطلب الكثير فمرتان أو ثلاث فقط كافية لتصبح مدمناً عليها، وهناك الكثير من الحالات التي أدمنت من المرة الأولى فلا يجوز اختبار قدرة الجسم على مقاومة هذا الوحش الكاسر مهما كانت الظروف والمسببات.
الرجال %99
وأردف: المتعاطون يشكل الذكور نسبة 99% منهم مقارنة بالاناث ولعل هذا عائد إلى طبيعة حياة المرأة المحافظة في مجتمعنا ولله الحمد، تجدهم يبحثون عن مرحلة من الإشباع النفسي غير واقعي نتيجة ظروف معينة، فهناك مراكز للانتباه في الدماغ تكون مسؤولة عن ما يمكن تسميته باشباع اللذات، أو الرغبات مثل لذة الطعام والشراب والعيش الرغد وغيرها، ولكن لو فرضنا أن معدل الانسان الطبيعي هو 100 تقسيم واحد من الحد اللازم للوصول إلى هذه المرحلة من الرضا بالطرق المشروعة، فإن الادمان على المخدرات والذي ينتج غالباً عن ظروف معينة تؤدي إلى الارتباط العاطفي بالمخدر، اعتقاداً انه تجاوز معه مشكلة معينة في حياته، ليصل بالمريض إلى مرحلة تفوق هذا التصور وقد تصل إلى 1000 إلى واحد، كمجاراة للمثال السابق لاجل التبسيط ليس أكثر, وهو أبداً شعور غير واقعي وبعيدٌ عن معدل الرضا الطبيعي المطلوب للانسان، ويصل لحد الهلوسات بعيدة المدى عن أرض الواقع، ولن يجني منها سوى المؤثرات السلبية على صحته وحياته بشكل عام.
ويواصل الدكتور الزهراني حديثه قائلا: ما زلت أتذكر حادثة مؤسفة لاحدى الحالات شاب كان طالباً جامعياً من المتفوقين علمياً ودراسياً، دخل في عالم الادمان نتيجة تحدٍ مع زملائه بأنه قادر على أخذ حبة المخدر، وعدم الادمان عليها، اعتقاداً انها مرة واحدة لن تشكل خطورة ليصل به الامر إلى الإدمان، ومن ثم الانتكاسة بعد تلقي العلاج حيث توفي نتيجة جرعة زائدة.
وأبان: هناك تطور مستمر في سبل العلاج والتأهيل من آفة المخدرات ولكن يقابله وبشكل ملحوظ وخطير التطور الذي يطرأ على أنواع المخدرات، وهو ما لوحظ عند دراسة حالات الأعراض الانسحابية للمدمنين في السنوات الاخيرة، وكذلك مدة العلاج الأولية من الإدمان تضاعفت ايضا من 5 أيام إلى أسبوعين أو أكثر، وهذا يعني أن هناك تغيرات في تركيبات هذه المخدرات لتصبح أكثر شراسة وعدوانية أسرع في الإدمان والفتك، وهذا كله يصب في خدمة الاهداف العدوانية لمروجيها، الذين يسعون أيضا لتطوير مستمر في سبل تهريبها.
استحالة التعافي التام
وأشار إلى أنه في افتتاح المستشفى القديم بلغ سعة اسرته لاستقبال حالات الإدمان فقط 30 سريراً ومع مرور السنوات أصبح العدد غير كاف وعدد المدمنين أكبر، فاضطررنا أحيانا لتنويمه في المجلس الخاص بالنزلاء، أو الممرات!!، حتى عجلنا بالنقل للمبنى الجديد الذي يحتوي على 64 سريراً لفك تلك الأزمة ولكن للأسف أن المستشفى الجديد بلغت سعته السريرية في غضون شهر واحد فقط، حيث أصبح لدينا قائمة انتظار، وحالياً لا نقبل إلا من المنطقة الشرقية وفي السابق كنا نقبل من جميع أنحاء المملكة، والسبب هو تغير المادة المخدرة التي اصبحت أكثر وأقوى سمية.
ويروي الدكتور الزهراني قائلا: في العام 2007 كنا في الدمام أول من لاحظ زيادة في مدة علاج الإدمان، حيث لوحظ مدة علاج الادمان أطول لمادة «أم فيتامين» على سبيل المثال كذلك سلوكهم العدواني أصبح واضحا، حيث كان المدمن شخصاً غير مؤذ بالسابق وحالياً اختلف الوضع والأعراض.
حيث خاطبنا المختبر الاقليمي للتحليل، وتم الاتصال بالطبيب، وطلب منه أن يرى ما الذي يطرأ على تلك المواد، حيث كانوا في السابق يفحصون المضبوطات بالبحث عن المادة المخدرة فقط وليس التركيبة الكاملة.
ولما تم التحليل الكامل للمادة المخدرة وجد أن المادة الفعالة في المخدرة يضاف لها عدد من المواد الأخرى مثل الإفيدرين حيث عندما يضاف للإم فيتامين مثلا يحدث شعوراً مثل المتعاطين للمواد الطيارة كالبنزين، وتسبب تلفا عضويا ووظيفيا لخلايا المخ، وربما تسبب إعاقة عقلية، والفرق بينه وبين أي اصابة بالمخ كمرض أو تخلف أن جزيئات المخ تبقى مثلما هي في الحالة المرضية لكن عند المتعاطي تتلف حتى الخلية العصبية الموجودة في الدماغ، وهذا يعني أن المدمن الحالي مهما عالجته يستحيل عودته لوضعه السابق، لأن خلايا الدماغ تلفت.
المخدرات المحلية
وقال: في دراستي للدكتوراة أثبت أن مادة الكحول المستخدمة من متعاطي المملكة تختلف عن الدول الأخرى، لأنها مصنعة بطريقة يرفع بها الكحول الإثيلي، وبالتالي فإن التصنيع المحلي يضاهي المخدرات ويسبب تلف المخ أيضا على المدى البعيد والجسد، فالادمان للخمور في الدول الغربية بالحد العادي كتعاطيها نهاية الأسبوع قد يصل للإدمان خلال 15 سنة، هنا يصل للإدمان خلال 5 سنوات فقط، لأن كمية السمية في الكحوليات عالية جداً كذلك تؤدي إلى تليف الكبد، بعد فترة بسيطة جداً. أما بالنسبة للحشيش، فكان سابقاً يصنع من نبات الخشخاش، الان يصنع بإضافة مواد منها الأدوية النفسية منتهية الصلاحية، أو إضافة الهيروين للحشيش، والتي تنتهي بالمخدرات بأن تكون أشد خطورة من السابق. ويؤكد الدكتور الزهراني ان المملكة بلد مستهدف بلا شك، ولكنه يعرج على أن أساليب الاستهداف أصبحت تتقصد موظفين من ذوي الرتب المتدنية ولكنهم يعملون في أماكن حساسة، حيث يستهدفونهم بالسهرات والدعوات، أو وضع ذلك لهم في الشاي أو غيره، حتى يدمنوا ويوفروا ما يريدون من معلومات لهم.
وأردف «المملكة ولله الحمد، تمتلك أحد أقوى الاجهزة في العالم في مجال مكافحة المخدرات، وتقوم بجهود كبيرة يحق لكل مواطن أن يفخر بها في سبيل محاربة تهريب وترويج المخدرات، بين أبناء المجتمع، ولكن الطرق الشيطانية التي يستمر المروجون في اتباعها لاستهداف بلاد ذات حدود واسعة، ناهيك عن التصنيع المحلي لهذه السموم تجعل المسؤولية مشتركة مع مختلف شرائح المجتمع في هذا الوطن العزيز، لسبيل محاربة المخدرات والحد من انتشارها، حماية لانفسنا وابنائنا، وذلك عن طريق التوعية المستمرة عن مخاطرها والتعامل السريع مع الحالات التي يكتشف وقوعها في هذا الطريق المظلم لمساعدتها على ايجاد طريق العلاج السليم ومن ثم ايضا العودة للحياة الطبيعية».
مسكنات
وعما يشاع أن أحد الطرق المستخدمة في العلاج للمخدرات، هي اعطاء المدمن جرعات متناقصة من نفس المخدر حتى يتمكن من الاقلاع عنه، أجاب الدكتور الزهراني، بأن هذا الاعتقاد غير صحيح بالمطلق، فالمركز للعلاج وليس للتعاطي إنما يعطى مسكنات للآلام حتى يتمكن المدمن من تحمل آلام عدم حصوله على الجرعات المخدرة، ومن ثم الاقلاع عنها، وعن مخاطر الانتكاسة التي يخافون منها قال: أشد ما نحذر منه المتعافي هو العودة للسلوك القديم وبالذات زيارة الأماكن أو الأصحاب والرفقة التي أدت به للإدمان، حيث يتم تحذيره من ذلك، لأن ذلك ممكن أن يعود به إلى طريق الإدمان من جديد ومن ثم الانتكاسة.
أحد ممرات مجمع الأمل مصمم بطريقة تراعي نفسية النزلاء
غرف استقبال فندقية لذوي المتعاطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.