الكثير منا يفاجأ يومياً بانحراف سيارة وتمايل أخرى أمامه، وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب! فما أن تجد فرصة لتجاوز هذه السيارة أو تلك إلا وتجد السائق مبتسماً وهو لا يجد الوقت حتى للاعتذار عن انحرافه، وأقصد هنا انحراف مركبته تجاهك؛ لأنه منشغل «عالوتس» ونحوه، إما بقراءة نكتة أو قصة أو لعله يكون حديثا ساخنا بإحدى مجموعات الدردشة أو مايعرف ب"الجروبات"، والتي هو عضو فعال فيها، وقد يكون هو منشئ المجموعة أو مايعرف ب"أدمِن الجروب"، مما يستوجب عليه المتابعة اللصيقة لهذا "الجروب" وفعالياته! والسؤال المهم هنا -وهناك أسئلة كثيرة مهمة ولكن قد يكون الأهم- هو "هل تعتقد أنك موهوب لدرجة أنك تستطيع أن تقود مركبتك وتستخدم جوالك بنفس الوقت دون أن يؤثر ذلك على تركيزك؟!"، وهو سؤال مبدأي وجوهري بنفس الوقت وقد يمثّل قناعة راسخة لدى بعضنا أو حتى أغلبيتنا! هل تريد الدليل على ذلك ومن الدراسات العلمية حتى تقتنع؟ سأبدأ أولاً بالقناعات، وهناك دراسة أجريت بالولايات المتحدةالأمريكية، حيث يعتقد 77 % من البالغين الشباب أنهم واثقون إلى حد كبير من قدرتهم على إرسال رسائل نصية أثناء القيادة من دون أن يسبب لهم حوادث، بينما يعتقد 55 % بأنها عملية سهلة! ولكن ما لوحظ أن الشباب الذين يقومون بذلك يقضون 10 % من قيادتهم خارج المسار المخصص بهم! أيضاً 13 % من الشباب الذين وقعوا بحوادث مروعة اعترفوا أنهم كانوا إما يتكلمون أو يستخدمون المحادثة النصية أثناء وقوع الحادث. وبعيداً عن القناعات غير الصحيحة والاعتباطية، هناك حقيقة علمية دامغة أثبتتها الدراسات العلمية، وهي أن عملية إرسال رسالة نصية ونحوها من الانشغال بمتابعة أنشطة الأجهزة الخلوية أو الذكية يقوم ذلك بغيابك عن الوعي أو عدم رؤية الأشياء من حولك لمدة 5 ثوان على الأقل؛ مما يكفي لوقوع كارثة حقيقية وخصوصاً بالطرقات السريعة وفي أماكن الزحام! هناك مشروع ودراسة عملية ووهمية بنفس الوقت أجريت في بلجيكا لمشاهدة ردة الفعل عند الشباب، وذلك بإخبارهم أنهم يجب أن يستطيعوا القيادة جيداً بينما يقومون بإرسال رسائل نصية وذلك بمضمار مغلق، وأنه شرط لاستخراج رخصة القيادة، وطبعاً لم يستطع أحد اجتياز الاختبار والتحكم بالمركبة، وقد نشرت مقاطع هذا الفيديو على اليوتيوب؛ لتصور فظاعة وأحياناً ظرافة المواقف وردود أفعال هؤلاء الشباب، ومن ضمن التعليقات العفوية التي صدرت منهم خلال التجربة "لو كان هذا النظام فعلاً فسأتوقف عن السواقة" و"الناس سيقتلون" و"أحس أني أحمق لا يستطيع القيادة" و"ما تطلبونه خطير" و"هذا مستحيل"!!. وسأختتم الآن بما بدأت به وهي القناعات! إذاً لماذا أصبحت قناعات الشباب هنا مختلفة عندما أوهموا بأن ذلك لازم لاجتياز اختبار السواقة؟!