اكتشف «الجروب» عدد من مستخدمي «الانترنت». الكثير منهم لم تعجبه فكرة قبول الأعضاء يوم الجمعة فقط. لماذا الجمعة وهو يوم للعبادة؟ لماذا الجمعة وهو عادة اليوم الذي تكون البيوت مقلوبة وفوضى؟ هو اليوم الذي اعتادت فيه الزوجات ترتيب البيت وتنظيفه من جديد. وإذا كان ذلك لأنه يوم إجازة فلا يزال في البلاد من يأخذ إجازته الأحد، خصوصاً من أصحاب المحلات، وهناك أيضاً من يأخذ إجازته الاثنين كالحلاقين والمصوراتية، صاحبة «الجروب» إذن غير جادة وهناك أيضاً من ضايقه أن لا ينضم أحد إلى «الجروب» من خارج البلاد. يمكن أن يسري ذلك على الدول العربية، إذا اعتبرنا النساء في مصر أجمل. لكن هل هناك شك في جمال نساء لبنان أو المغرب؟ والرجال من الخليج يفتحون باب العمل، بعد التعارف، لبعض أعضاء «الجروب». الأمر نفسه ينطبق على نساء أوروبا وأميركا، وإن لم يتزوج منهن أحد أعضاء «الجروب» فهن على الأقل أكثر جرأة، يمكن أن يرسلن صوراً وتحتها كلمات مبهجة من نوع have a nice day أو حتى حرف O، أو شفتين مضمومتين وتحتهما كلمات من نوع take a kiss في أبسط الأحوال، ثم أن هناك الآن عدداً كبيراً من جيل الشباب الأرستقراط يفضل أن يتحدث أو يكتب بالإنكليزية فقط، ولن يجدوا الفرصة لذلك إلا مع نساء أو رجال أجانب. هذا الموقع سيفشل. هكذا رأى الكثيرون ببساطة وقالوا يوم الجمعة فقط أمر غريب وربما مريب؟ تستطيع صاحبة الموقع أن تمد يدها في أي يوم وأي وقت وتضغط على «كونفيرم» وتنتهي القصة. هذا كسل غير مفهوم، وتحكم غير مبرر، والحكاية مش ناقصة تحكم. كفاية التحكم اللي احنا فيه! لكن هناك من وافق، وبرغبة حقيقية وأرسلوا بياناتهم وما كتبوه وانتظروا يوم الجمعة. الاسم: خميس جمعة. تاريخ الميلاد: 1/1/1955. محل الميلاد: القاهرة. الديانة: مسلم. التعليم: دبلوم تجارة. العمل: سائق. النشاط: ....... الايميل: Khamees gomaa @yahoo.com «ابني أغراني أن يكون لي ايميل، على رغم أنني لا أعرف أحداً يمكن أن يراسلني. قلت له ذلك وأنا أضحك، قال ستجد من يراسلك. وكان هو أيضاً يضحك. دفعت مكافأتي بعد المعاش المبكر من الحكومة وتحويشة عمري وثمن ذهب زوجتي مقدمة لثمن ميكروباص. أنا كنت مدير مالية صغير في فرع صغير في وزارة المال. طول عمري وأنا موظف الصبح وسواق تاكسي بعد الظهر. لم أمتلك تاكسي أبداً. الآن والحمدلله أمتلك الميكروباص. هل أنا مبسوط؟ لا. ابني الذي أقنعني بالايميل سافر إلى السعودية. قال لي إن الايميل أسرع وأسهل وأرخص طريقة للمراسلة. لكن منذ سافر لا يرسل لي شيئاً، ولا يرد على رسائلي ولم يشيت معي ولو مرة. كلمنا مرة بالتلفون بعد سفره وقال إنه سعيد. - طيب هل ده رقم تلفونك؟ - لا لا دا سنترال. - طيب ادينا رقم موبايلك. - حاضر مش معايا دلوقت ومش حافضه. أمه أنهت المكالمة قائلة له: - يا بني نفسي ما دام ربنا فتح عليك تبعت لنا نحج أنا وأبوك. - إن شاء الله. وكلمنا مرة تانية بعد ثلاثة أشهر. - دا تلفونك؟ - لا دا سنترال. - طب ادينا رقم موبايلك. - مش حافضه والله يا بابا. ثم طلب يسمع صوت أمه وقال: - يا ماما أنا سألت واحد شيخ هنا قالي إن ممكن أحج ليكي ولبابا ولأي حد خليكم انتوا مرتاحين في مصر وأنا بس ادوني فرصة أحج أنا الأول علشان حجتكم تبقي مقبولة. دانا كمان حاحج لأخويا الكبير لأنه عيان أوي زي مانتي عارفة. ولو عايزني أحج لمراته ححج. متتعبوش نفسكم. بعدها لم يتكلم معنا مرة أخرى. كذلك أخته، التوأم، التي تزوجت أخيراً والحمدلله. من ابن خالتها الذي يعمل في شركة أغذية في دبي. هي أيضاً لا تراسلنا ولا تكلمنا منذ سافرت قبل أشهر. كل يوم أفتح الايميل فأجد رسائل كثيرة جداً باللغة الإنكليزية التي لا أعرفها. لكن من كلمات قليلة ما زلت احتفظ بها مما تعلمته زمان في المدرسة، أفهم أنها كلها رسائل من شركات سياحية أو شركات أغذية أو أدوية والأفضل أن أمسحها. «أدلتها» يعني. كلمة «ديليت» سهلة. لم أكن في حاجة أن أعرفها من أحد أو أبحث عنها في قاموس. فهمت معناها من قبل من حديث فتاة عصبية كانت تركب معي الميكروباص آخر الليل. لم يكن غيرها معي، أنا في مقعد القيادة وهي آخر مقعد في الخلف. قالت لي فجأة: - خلي بالك أنا مش سهلة. يعني ما تفكرش تعمل حاجة غلط. اندهشت جداً. قلت لها: - يابنتي أنا في مقام والدك وح أوصلك مدينة نصر ومش حاركب كمان حد غيرك في السكة علشان تطمني. صرخت وقالت: - لا ركب اللي تقابله. ركوب غيرها فيه حماية لها. هكذا كانت تفكر. لا بد. على رغم أن حوادث الاغتصاب من سائقي الميكروباصات غالباً تتم آخر الليل، عندما يكون الميكروباص خالياً إلا من السائق وامرأة واحدة أو فتاة أو حتى اثنتين، يقف السائق لشاب أو شابين، ويذهب بالجميع إلى مكان بعيد خالٍ، فيتضح أن الشاب أو الشابين صديقان للسائق، ويهجم الجميع على المرأة أو الفتاة أو الاثنتين. كل الحوادث التي تنشرها الصحف تكون على هذه الصورة. أساء هؤلاء السائقون إلى المهنة كلها. لا يفكر أحد في الحقيقة، أن ذلك يحدث من سائقين غير محترمين. عادة خريجي سجون أو هاربين من أحكام، ويعملون في أماكن بعيدة، عشوائية، صفط اللبن مثلاً والمريوطية والوراق والحوامدية في الجيزة، وعزبة النخل والخصوص في عين شمس، والسيدة عيشة ومنشية ناصر والمقطم. في كل مصر الحقيقة. الواحد مبقاش عارف البعيد من القريب. المهم كيف عرفت معنى delete، سامحوني أكتبها كما هي بالإنكليزية حتى تصدقوني. رنّ جرس موبايل الفتاة فجأة بصوت وموسيقى أغنية حلوة أوي. «أنا لك على طول خليك ليا» لعبد الحليم حافظ. قلت أكيد ذوقها حلو. لكن سمعتها تصرخ: «أنا خلاص دلت كل رسايلك. مسحتها يا وسخ. وحا غير الايميل بتاعي كمان ورقم الموبايل». كانت جميلة والله هذه الفتاة. المهم عرفت أن delete يعني يمسح. وبعدها بدأت أدلت الرسائل الإنكليزية. لكن كلمة forward وجدتها صعبة. أعرف أن معناها للأمام. لاعبو الكرة مثلاً فيهم «فراودة» و «باكات». الفراودة دائماً قدام. لكن ما معنى قدام هنا. لم تركب معي فتاة أخرى تتحدث في الموبايل وتذكر كلمة فوروارد، بكلام حلو أو لا مؤاخذة... مش حلو. سألت ابن الجيران أفهمني أنها تعني تحويل الرسالة القادمة من شخص إلى شخص آخر. يعني أدوس كليك على forward تذهب الرسالة إلى شخص، أو حتى أشخاص، يكون عندي ايميلاتهم. وعلمني الشاب كيف احتفظ بايميلات الآخرين الذين يمكن أن يراسلوني أو أي ايميلات أو مواقع أراها مهمة. مثل موقع إدارة المرور والرخص لأعرف ما يجب أن أدفعه من غرامات ورسوم في حال تجديد رخصتي أو رخصة الميكروباص. وطبعاً لم أحتفظ بهذا الموقع، جربت مرة أن أدخل عليه فوجدته معطلاً وجربته مرة أخرى فوجدته معطلاً ثم قلت لنفسي حتى وإن عرفت هل سيغنيني ذلك عن دفع الإتاوات هناك لمن سيكشف على الميكروباص أو من يجلس وراء أي شباك... لا داعي. وجربت أن أحتفظ بموقع إدارة السجل المدني لاستخراج شهادات الميلاد، أو البطاقات ووجدته أيضاً معطلاً، ثم إنني لن أستخرج شهادة ميلاد مرة أخرى. لم أحتفظ بعنوان أي موقع مهم ولا ايميل أي مكان مهم. حكومتنا لا يمكن أن تسهل علينا الحياة إلى هذا الحد. وإلا ما كانت الطوابير أمام مكاتب السجل المدني وإدارات المرور. لكني أيضاً لم أحتفظ بعنوان أحد من شركات الدعاية التي تراسلني، ولا أي شخص، لأنه لا يوجد من يراسلني. لذلك أطمع أن تقبلني الست روضة صاحبة الجروب. هي لم تقل لنا ما إذا كانت متزوجة أم بنت بنوت. شكلها في الصورة يقول إنها بنت بنوت ولو كانت متزوجة تكون متهنية جداً الله يبارك لها، ويبارك في كل من ينضم إلى الموقع. ولا تنتظروا مني أن أكتب شيئاً آخر، أنا كتبت لتعرفوا أني جاد فقط ومحترم. كذلك لا تنتظروا مني أن أراسلكم، ولا أريد أن أتعبكم وتراسلوني. أريدكم فقط أن تنقذوني من حالة «التدليت» وتنقلوني إلى حالة «الفوروارد». يعني كل من يريد أن يرسل رسالة مثلاً يرسلها لي أولاً ويحدد لي من أحولها إليه وأنا أقوم بذلك. أعذروني لأني لم أقرأ صفحات الذين تم قبولهم. لا تنتظروا مني رأياً في شيء. أنا خلاص الدنيا ورائي والدنيا أمامكم. أنا قرأت فقط صفحة الست رضوى وتعليماتها، وطالب الانضمام، وسأشعر بقيمتي جداً وأنا أقوم بالفوروارد، خصوصاً إذا انضم للجروب فعلاً خمسين عضواً. ح أكون فرحان قوي. ما فيش أحسن من أن حياة البني آدم كلها تكون كلها «فوروارد». وسأنسى ابني وبنتي. ابني ناضج؟ وبنتي متزوجة من ابن خالتها. فيه أضمن من كده؟ لا أظن... واعزروني لأني لم أستطع إضافة صورة لبياناتي، أنا سعيد لأني عرفت أكتب على الكومبيوتر. طول عمري أكتب على الآلة الكاتبة. ابني قال لي قبل ما يسافر أن «الكي بورد» زي الآلة الكاتبة... بصيت لاقيته فعلاً زيها وابن الجيران علمني ازاي لما أكتب أحفظ اللي كتبته أو أبعته لحد attachement ربنا يخليه. بصراحة سألت ازاي أضيف الصورة، قالوا لازم «اسكانر»، لقيتها كلمة صعبة قوي، قالولي أو تحولها من أي مكان انت مخزنها فيه في الكومبيوتر قلت مخزنتش صور قبل كده. قالولي يبقي لازم «اسكانر». قلت أحسن تتخيلوني... أكيد حتتخيلوني صح لأني بتكلم بصدق... * فصل من رواية تصدر قريباً