بعد دخول موسم الاعلانات النصفية واستمرار هبوط أسعار النفط أغلق سوق الأسهم السعودية تداولاته على تراجع طفيف بنحو 80 نقطة أي بنسبة 0.8% لكن ورغم ذلك إلا أن السوق لا يزال ضمن نطاق عرضي للأسبوع الخامس على التوالي وهذا في حد ذاته أمر إيجابي كون التماسك لا يزال هو السمة الظاهرة على المؤشر العام رغم الأحداث المتنوعة التي شهدتها الأسابيع الخمسة الماضية من تفجيرات داخل المملكة ومناوشات على حدود اليمن وتراجع لأسعار النفط وغير ذلك من الأمور التي كان من الطبيعي أن يتراجع السوق معها لكنه لم يفعل. أما من حيث السيولة المتداولة فقد بلغت خلال الأسبوع المنصرم حوالي 29.4 مليار ريال مقارنةً بنحو 37.3 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا التراجع في السيولة هو الأكبر من نوعه منذ عام فهل يكون ذلك مقدمة لتداولات ضعيفة قد يشهدها شهر رمضان المبارك كعادته؟ أتوقع أن ضعف السيولة خلال المسار العرضي هو أمر إيجابي، فحتى لو حدث تصحيح سعري لافت فلن يكون الهبوط قوياً على المدى المتوسط وذلك لأن السوق لم يشهد تداولات عالية خلال المسار العرضي الحالي لتدل على أن هناك تصريفا من قبل بعض المضاربين لكن يبدو لي أن هناك نوعاً من الضبابية لدى العديد من المستثمرين كون الأحداث المتوقعة القادمة لا يُعرف حتى الآن مدى تأثيرها على مجريات السوق من دخول للمستثمر الأجنبي ورسوم على الأراضي البيضاء ونهاية حرب اليمن وعدم استقرار لأسعار النفط بالإضافة إلى إعلانات النصف الأول من هذا العام لذا فمن الواضح لدي أن العديد من كبار المستثمرين يفضل الآن التخفيف من عملياته حتى تتضح الصورة ولو بشكل جزئي حتى يتمكن من رسم خططه المستقبلية المتعلقة بالاستثمار في سوق الأسهم. التحليل الفني مازال سوق الأسهم السعودية يسير في اتجاه أفقي لأكثر من شهر ليكرّس حالة النزاع بين قوى البيع وقوى الشراء والتي بلغت أوج مراحلها لتتساوى الكفة بين المتفائلين بموجة صعود قادمة وبين متشائمين بهبوط كبير سيتمكنون بعده من الحصول على أسعار مغرية للشراء، لكن بين هذا وذاك تبقى الحركة السعرية هي الفيصل في الموضوع فاختراق مقاومة 9,800 نقطة والثبات فوقها يعني أن الموجة الصاعدة قد تأكدت بالفعل وأن السوق بصدد تجاوز مقاومة 10,000 نقطة بكل يسر وسهولة، أما كسر دعم 9,600 نقطة فيعني أن المؤشر العام للسوق قد حسم أمره بالفعل بالاتجاه نزولاً نحو دعم 9,200 نقطة كمستهدف سعري أول مرور بالدعم الفرعي 9,360 نقطة. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية ورغم التراجع الطفيف الذي شاب أداءه خلال الأسبوعيَن الماضيَين إلا أنه تمكن حتى الآن من المحافظة على دعم 21,200 نقطة وهو أهم دعم في نظري خلال الفترة الراهنة لأن كسره يعني تأكيد الهبوط على القطاع حتى مستويات 20,500 نقطة وهذا يعني أن الترجعات ستكتسح كافة المصارف المدرجة في السوق مما سيشكل ضغطاً على أداء السوق بشكل عام، لكن البقاء فوق دعم 21,200 نقطة واختراق مقاومة 22,000 نقطة يعني أن المسار الصاعد على القطاع قد تأكد وأنه بصدد تحقيق قمة جديدة هذا العام. لكن في المقابل أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية كان هو الضاغط الأكبر على السوق خلال الفترة الماضية نتيجة التراجعات التي شابت أداءه متأثراً بتراجع أسعار النفط مما جعل الخسائر السعرية تتوالى على شركاته المدرجة لكن يبدو لي أن تلك التراجعات مقبولة لأن القطاع مازال محافظاً على الدعم الأهم وهو 6,600 نقطة والذي بكسره سيكون هناك تراجعات أكبر من الماضية لأنه حينها يتأكد التوجه السلبي على القطاع وهذا بلاشك سيؤثر سلباً على تحركات السوق المستقبلية. لكن في المقابل فإن اختراق مقاومة 6,900 نقطة سيلغي السيناريو السلبي السابق لأن المسار الصاعد حينها سيتأكد وسيتجه القطاع لملامسة مستوى 7,350 نقطة. أما من حيث القطاعات الإيجابية فهي قطاعات الزراعة والتطوير العقاري والنقل. من جهة أخرى أجد أن قائمة القطاعات السلبية ستحتوي على قطاعات الاسمنت والتجزئة والطاقة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والاعلام والفنادق والسياحة. أسواق السلع الدولية رغم التراجع الملحوظ على خام برنت خلال الأسبوع الماضي والذي فقد بسببه نحو 8% تقريباً إلا أنه تمكن من الثبات فوق دعمه الأهم خلال المرحلة الحالية 61 دولارا للبرميل وهذ بحد ذاته أمر إيجابي لأن هذا الثبات سوف يدفعه للصعود من جديد ليعود إلى مشارف 68 دولارا، لكن لو تم كسر ذلك الدعم فإن الخام سيشهد موجة هبوط عنيفة قد يعود من خلالها إلى مستويات 48 دولارا للبرميل مجدداً وهذا في رأيي قد يكون بسبب حرب الأسعار المتوقع حدوثها بين أعضاء منظمة أوبك وبين المنتجين من خارج المنظمة والذين استغلوا تحسن الأسعار خلال الأشهر الستة الماضية وقاموا برفع مستويات إنتاجهم. أيضاً أجد أن أسعار الخام الأمريكي «وست تكساس» قد تمكن من الحفاظ على دعم 56 دولارا للبرميل وذلك بعد موجة من التراجعات بسبب ظهور تقارير دولية عن وصول سوق النفط إلى مرحلة من التشبع قد تنخفض معه الأسعار. ومع أن الأسعار قد تحسنت خلال الأشهر القليلة الماضية إلا أن عدد المنصات النفطية الأمريكية لا يزال يواصل انخفاضه بعد إغلاق 6 منصات خلال الأسبوع الماضي حسب تقارير شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية وهذا يعكس مدى فداحة الخسائر في القطاع النفطي الأمريكي رغم عودة الأسعار للارتفاع منذ بداية العام الحالي. من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب قد سجلت خلال الأسبوع المنصرم أكبر خسارة أسبوعية لها خلال شهرين حيث تراجعت الأسعار بنحو 21 دولارا أي بنسبة 1.7% لكن التغير الجوهري الذي حدث خلال الأسبوع الماضي هو فقدان المعدن النفيس لدعم 1,185 دولار وهو من الدعوم الرئيسة للمعدن ليتجه نحو المستوى الأهم 1,150 دولار للأوقية وكسر هذا الأخير يعني أن الأسعار ستتجه مستقبلاً لما دون مستوى 1,000 دولار للأوقية للمرة الأولى منذ 6 أعوام. أسواق الأسهم العالمية بعد أن فشل مؤشر نيكاي الياباني من الثبات فوق مقاومة 20,650 نقطة بدأت موجة تصحيحية على المؤشر ظهرت ملامحها بعد أن أغلق المؤشر بدون تغيير تقريباً وربما هذا الأمر يعود للضبابية التي شابت خطة التحفيز الحكومي وأثرها على اقتصاد البلاد لكن المهم هو عدم التراجع دون مستوى دعم 20,250 نقطة والذي يمثل مستوى الدعم الأول، لكن في المقابل فإن أي ثبات للمؤشر فوق مقاومة 20,650 نقطة فإنه يؤكد استمرار المسار الصاعد نحو مناطق 22,000 نقطة. في المقابل فإن مؤشر الفوتسي البريطاني قد سجّل أكبر خسارة أسبوعية له منذ بداية العام بعد أن فقد حوالي 210 نقاط أي بنسبة 3% تقريباً وذلك بعد قرار أثينا بتأجيل سداد أقساط ديونها المستحقة لشهر يونيو وذلك حتى نهاية الشهر مما أثار المخاوف من جديد بتعثر اليونان في سداد التزاماتها المالية وهذا من شأنه أن يضع قطاع المصارف الأوروبي بأكمله في مهب الريح. أما من الناحية الفنية فإن فقدان مستوى 6,950 نقطة خلال الأسبوع الماضي قد أكد توجه السوق الانجليزي نحو منطقة 6,650 نقطة. أيضاً أجد أن مؤشر داكس الألماني هو الآخر قد تأثر سلباً بسبب تأخر اليونان في سداد ديونها إلا أن التأثر لم يكن بنفس حدة سابقه وذلك لاحترام المؤشر الألماني لدعم 11,165 نقطة لكن لو تم كسر هذا الأخير خلال الأسبوع القادم سيكون هناك نزول قوي على السوق الأوروبي الأهم قد يقوده لمشارف 10,850 نقطة. أخيراً كان لصعود الدولار بعد بيانات البطالة الأمريكية والتي أشارت إلى انخفاض معدل البطالة بالإضافة إلى تأخر اليونان في سداد التزاماتها المالية تأثير سلبي على أداء مؤشر داو جونز والذي تراجع خلال الأسبوع الماضي بنحو 254 نقطة أي بنسبة 1.4% ليتجه بعد ذلك إلى قاع 17,580 نقطة والتي ستكون بمثابة صمام أمان الفترة الراهنة لأن كسرها سيدفع بالمؤشر نحو مناطق 16,800 نقطة والتي هي من أهم الدعوم التاريخية للمؤشر الأمريكي.