ما اتضح على أرض الواقع أن الحوادث الإرهابية التي وقعت على أرض المملكة، وآخرها الحادث الأثيم الذي دبر من قبل أولئك الإرهابيين الذين باعوا ضمائرهم لشياطينهم، بمسجد الحسين بحي العنود بالدمام، يتضح من تلك الحوادث الآثمة أنها بكل أشكالها وطرائق تنفيذها أدت -بحمد الله وفضله- إلى ترسيخ وتعميق التفاف المواطنين حول قيادتهم الرشيدة، وهي تضرب بيد من حديد على أولئك الخارجين عن القانون. اتضح ذلك بجلاء بعد حادث العنود، حيث أعرب المواطنون عن أن وحدة الشعب السعودي وتلاحم أبنائه مع قيادتهم هي السمة الواضحة، التي ظهرت في أعقاب الحادث، كما ظهرت في أعقاب سائر العمليات الإجرامية التي حدثت في فترات متباعدة في عدة مناطق ومحافظات بالمملكة. وهذا التلاحم الكبير بين الحاكم والمحكوم في هذه البلاد يؤكد دائما أنه أقوى بكثير مما يتخيله أولئك الإرهابيون ومن يقف وراءهم. خيالات أولئك المجرمين قادتهم إلى أن الإرهاب بكل أشكاله وطرقه قد يؤدي إلى انتشار الفتنة بين أبناء الشعب السعودي الكريم، وأنه قد ينشر بذور الكراهية بين صفوفهم، وأنه قد يؤجج عوامل الطائفية البغيضة بينهم، غير أن خيالاتهم شطحت بهم بعيدا عن الواقع، فتلك الحوادث لم تزد الشعب السعودي إلا التفافا حول قيادته، ولم تزد أفراده إلا تمسكا بالسياسة المنتهجة لاحتواء الإرهاب وتقليم أظافر الإرهابيين أينما وجدوا. أولئك الجناة مدفوعون بحقدهم المبيت ضد الأوضاع الأمنية بالمملكة، فارتأوا أنهم بأفاعيلهم الشيطانية تلك قد يمسون تلك الأوضاع التي تحولت إلى علامة فارقة عرفت بها المملكة بين أقطار وأمصار العالم، وأنهم بالإرهاب قد يصيبون تلك الأوضاع في مقتل، ولكنهم فشلوا في كل محاولاتهم الحاقدة، فقد اكتشفوا هم ومن يقف وراءهم أن المملكة محتفظة بتلك الأوضاع الأمنية الراسخة، وأنها متمسكة بها رغم ما حدث. إرادة الحياة هي التي انتصرت في نهاية المطاف على أولئك الخارجين عن العقيدة الإسلامية السمحة والخارجين عن القانون والخارجين عن العقل النير والخارجين عن كل الأعراف والتقاليد الدولية المرعية، انتصرت إرادة الحياة على إرادة الموت والقتل والعبث والتخريب، وهذا ما حدث في أعقاب جريمة مسجد الحسين وبقية الجرائم التي سبقتها، فقد أدى الحادث الأليم إلى تعميق قوة النسيج الاجتماعي والوطني بالمملكة. إنه نسيج ازداد ترسيخا وثباتا في أعقاب الحادث الأليم، ورسخ الحقيقة الظاهرة التي برزت خيوطها بوضوح بعد الحادث، وهي الالتفاف حول القيادة الرشيدة وزيادة التلاحم بين أفراد الشعب السعودي، الذي لا يزال عند مواقفه الثابتة لمكافحة الإرهاب واخماد فتائل الفتنة والطائفية والكراهية، على أرض تلفظ تلك الشرور ويلفظ أهلها سائر أشكال الجريمة والإرهاب، التي يريد أصحابها من خلال أفاعيلهم الشيطانية الاجهاز على أمن الوطن واستقراره ورفاهية أبنائه. إن مواساة أبناء المملكة وتعزيتهم لذوي الشهداء في أعقاب حادث مسجد الحسين بالدمام، تنم بوضوح عن كراهيتهم لكل أشكال الإرهاب وأهدافه الخبيثة واصرارهم على تقوية اللحمة الوطنية، وتعميق التلاحم الكبير بينهم وبين قيادتهم الرشيدة، وهي تمضي بثبات لمكافحة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين للقصاص منهم ومن أفاعيلهم الخبيثة؛ حفاظا على أمن هذا الوطن وأمن مواطنيه. لقد ثبت بما لا يقبل الشك أن أولئك الجناة بفعلتهم الأخيرة وبغيرها من الأفاعيل الشريرة، أرادوا بث الفرقة بين أبناء الشعب السعودي المتلاحم مع قيادته، وأنهم أرادوا زرع بذور الفتنة والكراهية والطائفية بين صفوفهم، غير أن ذلك الحادث وغيره من الحوادث الإرهابية لم تزد أفراد الشعب إلا قوة وتلاحما مع القيادة الواعية، للوقوف معا ضد العنف والإرهاب والجريمة، وأنهم جميعا يقفون وقفة رجل واحد ضد الإرهاب. إن شجب الإرهاب والتنديد بالإرهابيين والمطالبة بتشديد أقصى العقوبة ضدهم تؤكد من جديد على متانة اللحمة الوطنية وقوتها، وتؤكد من جانب آخر على أن الوحدة الوطنية الثابتة في المملكة لن تنال منها أو تخدش قوتها تلك التصرفات الشيطانية، التي تصدر من جناة يريدون العبث بمقدرات الأمة والتلاعب بوحدتها والتفافها حول قيادتها الرشيدة، فقد تكسرت أحلام أولئك الجناة على أرض الواقع وذهبت أحلامهم الشريرة أدراج الرياح.