يتوقع أن يرتفع الطلب العالمى على المواد البلاستيكية بدرجة كبيرة مدعوماً بارتفاع الطلب من آسيا، ولاسيما مع ارتفاع مستوى المعيشة وعدد السكان. وهذا ما شجع العديد من الشركات العالمية على الاستثمار فى آسيا وإنتاج المزيد من المشتقات النفطية والمواد البتروكيماوية. ولأن معظم الدول فى آسيا لا تملك احتياطيات من الغاز وسوائل الغاز الطبيعى اللقيم المثالى للبتروكيماويات، فلقد توجب على الدول الآسيوية ان تبني مصافي لإنتاج الوقود والبتروكيماويات فى نفس الوقت، وبذلك فهى تجسد ما يعرف بتكامل صناعة التكرير والبتروكيماويات. وعلى صعيد متصل، تشهد امريكا حالياً نهضة كبيرة بإنتاج مادتي الايثان والبروبان اللقيم الافضل لصناعة البتروكيماويات، حيث ارتفع إنتاجهما فى الاربع السنوات الاخيرة بأكثر من 50%. وجعلت هذه الطفرة الكبيرة في الإنتاج امريكا مركزاً مهماً لإنتاج المواد البتروكيماوية. وهذا ما عقد وضع صناعة البتروكيماويات فى آسيا واوروبا واصبحت لا تستطيع منافسة امريكا ودول الخليج. واتجهت الدول الآسيوية لإنشاء مجمعات تكاملية لصناعة التكرير والبتروكيماويات؛ فى محاولة لإيجاد موقع تنافسي فى هذه الصناعة شديدة التغير. وبحسب مؤتمر البتروكيماويات الآسيوية المنعقد فى سنغافورة قبل عدة اشهر فإن اهم مشاريع التكرير والبتروكيماويات فى آسيا يمكن تصنيفها كالتالي: المشروع الاكبر فى آسيا (لعام 2014م) هو مجمع نهون هوى المتكامل للتكرير والبتروكيماويات فى فيتنام والذى سينتج عنه حوالى 5 ملايين طن سنوياً من المواد البتروكيماوية، ولقد بلغت قيمة الاستثمار حوالي 28 مليار دولار. ويقع فى فيتنام ايضاً سادس اكبر مشروع تكرير وبتروكيماويات وهو مجمع ناى سن بقدرة 200 الف طن بالسنة وبقيمة استثمارية تقدر بحوالى 8 مليارات دولار. وضمن هذا المشروع سيتم انشاء مجمع تكرير وبتروكيماويات، بحيث تكون المصفاة مصدرا لوقود الديزل والجازولين وايضاً مصدراً للعطريات والاولفينات والتى تستخدم فى صناعة البتروكيماويات. ويعد مشروع (RAPID) فى ماليزيا لإنشاء مجمع متكامل لتكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات ثاني اكبر مشروع فى آسيا. وسينتج هذا المجمع كميات كبيرة من المواد البتروكيماوية بالإضافة الى وقود الديزل والجازولين. وتعد شركة بتروناس اللاعب الرئيس فى هذا المشروع ولقد قامت بتوقيع العديد من الشراكات مع شركات عالمية مثل باسف وايفونك لإنتاج الكيماويات المتخصصة. وتقدر قيمة انشاء هذا المشروع بحوالى 20 مليار دولار. واما بالهند فيجرى التركيز على صناعة التكرير التى تتطور بوتيرة متسارعة، وتصنف الهند حالياً إحدى اهم الدول المصدرة للمشتقات النفطية من جازولين وديزل وزيت وقود. لا شك ان موقع الهند الجغرافى وقربها من مصدر النفط فى دول الخليج بالاضافة الى رخص الايدى العاملة وعدم التشدد فى القوانين البيئية يعتبر من اهم الاسباب لتطور صناعة التكرير فيها. ويعد مشروع توسعة مصفاة جامنغار بالهند لتصبح طاقتها التكريرية حوالى 1.24 مليون برميل باليوم ثالث اكبر مشروع فى آسيا. وتبلغ قيمة هذه التوسعة حوالى 12 مليار دولار. وبهذا ستصبح هذه المصفاة الاكبر فى العالم وستتخطى مصفاة باراغونا فى فنزويلا. وفى الهند ايضاً سيجرى تطوير مصفاة كوشى لتصل طاقتها الإنتاجية الى حوالى 310 آلاف برميل باليوم بقيمة 2.5 مليار دولار، وهذا المشروع هو عاشر اكبر مشروع فى آسيا. وبهذا يستطيع المتابع ان يستنتج اهتمام الهند بصناعة التكرير والتركيز عليها كأحد اهم مصادر الدخل فى الهند. ويقع رابع اكبر مشروع متكامل للتكرير والبتروكيماويات فى الصين التى تقوم حالياً بانشاء مجمع سينو مع فنزويلا لتكرير 400 الف برميل باليوم من النفط الفنزويلى الثقيل وإنتاج ملايين الاطنان من البتروكيماويات سنوياً. وتبلغ قيمة هذا المجمع حوالى 9.5 مليار دولار. ويعتبر هذا المشروع شراكة بين (CNPC) الصينية (60%) وشركة PDVSA الفنزويلية (40%). وتحرص الصين على ان تكون منتجاتها من ديزل وجازولين وزيت وقود مطابقة للمواصفات الاوروبية من ناحية كميات الكبريت وغيره؛ وذلك بغية تسهيل عملية التصدير. وسيكون هنالك مجمع للبتروكيماويات لاستخدام الاولفينات والعطريات من هذه المصفاة لإنتاج المواد البتروكيماوية. وفى نفس المجال سوف تنشئ الصين مصفاة سينوبك بقدرة تكريرية تصل الى حوالى 240 الف برميل باليوم وباستثمار حوالى 9 مليارات دولار، وهذا هو خامس اكبر مشروع فى آسيا. وبذلك تسعى الصين جاهدة لتصبح قوة تكريرية عالمية لإنتاج الوقود والبتروكيماويات. واما سابع اكبر مشروع تكرير فى آسيا فهو تطوير مصفاة (S-OIL ) فى كوريا الجنوبية بالشراكة مع شركة ارامكو لتكرير حوالى 700 الف برميل باليوم لتصبح خامس اكبر مصفاة بالعالم. وتبلغ قيمة هذا المشروع حوالى 7.5 مليار دولار. ويوجد حالياً ثلاث مناطق اقليمية تتنافس فى صناعة التكرير والبتروكيماويات فى العالم: آسيا والخليج وامريكا الشمالية. تتفوق امريكا الشمالية والخليج بإنتاج الاولفينات بتكاليف اقل؛ وذلك لرخص الغاز الصخرى وغاز الايثان فى منطقة الخليج. ولكن تبقى العطريات وهى احد اهم مميزات استخدام السوائل النفطية كلقيم على استخدام الايثان وهذا قد يعطى مجالاً لآسيا لتنافس خاصة مع انخفاض اسعار النفط. وفى الختام تتجه آسيا وبقوة للاستفادة من صناعة التكرير والبتروكيماويات، ويبدو جلياً تفوق الهند فى صناعة التكرير ومضيها قدماً لتصبح احد اهم مصدري المشتقات النفطية فى العالم مستفيدة من موقعها الجغرافى بين المصدر والاسواق فى آسيا. ولكن ما يلفت الانتباه فى قائمة هذه المشاريع الآسيوية هو ظهور فيتنام كقوة محتملة وكبيرة فى تصنيع وتصدير المواد البتروكيماوية، وهذا جعل بعض الدول الخليجية تتسارع لتضع موطئ قدم لها هنالك. فقطر للبترول تملك 25% من مصفاة لونغ سن فى فيتنام. وفى مجمع نهون هوى المتكامل حيث يكرر 400 الف برميل باليوم لإنتاج ملايين الاطنان من المواد البتروكيماوية كل عام، تملك ارامكو (40%) من هذا المجمع فى خطوة ذكية تستحق الاشادة؛ لأن فى ذلك فتح لاسواق جديدة للنفط السعودي.