إن أحدث محاضر البنك المركزي الأوروبي تقدم قرائن حول توقعات التضخم والتزام صناع السياسة ببرنامج التسهيل الكمي، رغم أن هذا الحساب يبدو قديما إلى حد ما بسبب عمليات البيع المكثف في سوق السندات التي بدأت بعد الاجتماع بحوالي أسبوع. إن ربط آراء الأعضاء المتعلقة بضغوطات الأسعار مع بيانات التضخم الأخيرة في منطقة اليورو والارتفاع في النفط يشير إلى أننا سوف نشهد تعديلا تصاعديا في توقعات البنك المركزي الأوروبي الرسمية للتضخم في الثالث من يونيو. مع ذلك، لن يكون هذا كافيا لتغيير مسار برنامج التسهيل الكمي. لقد كان صناع السياسة سعداء بشكل حذر في الأسابيع الأولى لعمليات شراء الأصول ولم يروا أي سبب للتشكيك في تصميم البرنامج. يعد هذا مكسبا هاما لكن غير مفاجئ من حساب اجتماع البنك المركزي الأوروبي الذي نشر أمس، والذي كان للمرة الثالثة. كان هنالك أيضا نقاش موسع حول الحاجة إلى إصلاحات هيكلية وتمويلات عامة سليمة - وقد تناول البنك المركزي الأوروبي تلك القضية من قبل. خلال وقت عقد الاجتماع، كانت عائدات السندات الأوروبية واليورو في اتجاه هبوطي. أظهر التقييم التمهيدي الذي أجراه عضو المجلس التنفيذي بينوا كوير أنه منذ أن بدأ برنامج التسهيل الكمي، «انخفضت عائدات السندات السيادية بشكل أكبر، ووصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية الجديدة في جميع مناطق الاختصاص في منطقة اليورو تقريبا». هذا أدى إلى إثارة التكهنات بين المشاركين في السوق حول تخفيف تدريجي ممكن لبرنامج التسهيل الكمي، الأمر الذي تناوله رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي خلال المؤتمر الذي عقد في شهر إبريل. وقال: «أنا مندهش تماما، بصراحة، من الاهتمام الذي يتلقاه الخروج المبكر المحتمل من البرنامج، ونحن لم نبدأ هذا البرنامج إلا قبل شهر، وكما قال زميل لنا اليوم، خلال النقاش الذي دار في مجلس الإدارة، قائلا، كما تعلمون، لقد خاض عدة سباقات للماراثون، وكأنك تسأل نفسك، بعد 1 كيلومتر، هل نحن على وشك الانتهاء من هذا السباق؟» تؤكد المحاضر على أن الأعضاء لم تكن لديهم أي نية للتوقف في منتصف السباق. تعد محاضر البنوك المركزية دائما ذات تطلع خلفي- وهذا صحيح خاصة لمحاضر البنك المركزي الأوروبي، التي تصدر بعد انتهاء الاجتماع بأربعة أسابيع، مقارنة مع أسابيع ثلاثة في الولاياتالمتحدة. مع ذلك، تبدو تلك مغبرة بشكل خاص، ولسبب وجيه: أن عمليات بيع السندات بدأت بعد الاجتماع بستة أيام. تبلغ نسبة العائدات السيادية الألمانية لأجل عشرة أعوام 0.65%، بالمقارنة مع ما يقرب من 0.07% في العشرين من إبريل. لذلك، تبدو عملية تقييم برنامج التسهيل الكمي وكأنها خارجة عن السياق إلى حد ما. ربما يتعين علينا الانتظار حتى يحين موعد الاجتماع القادم في الثالث من يونيو للاستماع إلى ما يفكر به دراجي حول التطورات المالية الأخيرة. أن تفترض بأن تقلبات السوق لن تغير رأي البنك المركزي الأوروبي حيال برنامجه الخاص بشراء الأصول يعد رهانا عادلا. في حال حدوث أي شيء، فإن الأثر الفوري قد يكون في تعزيز رغبة محافظي البنوك المركزية الاستمرار على الأقل حتى شهر سبتمبر من العام 2016. قد تشير تحركات السوق جزئيا إلى تجارة الانتعاش الناجمة عن برنامج التسهيل الكمي، المتماشية مع حدوث تحول تصاعدي في توقعات التضخم والذي يعكس تعزيزا لانتعاش منطقة اليورو. في الولاياتالمتحدة واليابان، ارتفعت العائدات أيضا بعد وقت قصير من إطلاق برنامج التسهيل الكمي. تشير المحاضر إلى أن مسؤولي البنك المركزي يرون تحسنا في توقعات التضخم. لا يوجد هنالك «أي علامات على السلوك الانكماشي بين المستهلكين» و «السياسة الحاسمة التي يتخذها البنك المركزي الأوروبي بددت مخاوف السوق من الانكماش». هذا يتناقض بشكل صارخ مع صياغة محاضر الاجتماعات الخاصة باجتماع الثاني والعشرين من يناير، عندما لاحظ الاعضاء أن «خطر تأثيرات الجولة الثانية قد زادت كذلك ومعها، زاد الخطر من فترة طويلة جدا من التضخم المنخفض بشكل كبير»، والذي «أثار إمكانية حلول القوى الانكماشية». هنالك فقط ثلاثة أشهر تفصل بين هذين المسارين. وفي غضون ذلك، قام البنك المركزي الأوروبي بمراجعة وتنقيح توقعاته المتعلقة بالتضخم إلى مستوى صفر بالمائة لهذا العام. منذ إصدار تلك التقديرات في الخامس من مارس، وصل معدل التضخم في منطقة اليورو من سنة لسنة إلى مستوى الصفر في أبريل في الوقت الذي تلاشت فيه الآثار الاحصائية المترتبة على انخفاضات أسعار النفط. على النقيض من ذلك، كانت توقعات شهر مارس للبنك المركزي الأوروبي في عودة التضخم إلى الصفر فقط خلال الفصل الثالث. انحدر أيضا منحنى النفط قصير الأجل في الوقت نفسه، ما يوحي بأن النفط سوف يستمر في فقدان وزنه شيئا فشيئا في قراءات التضخم. فيما لو كان هنالك تنقيح أو مراجعة، ينبغي أن لا يكون لها قدر كبير من التأثير على تنفيذ برنامج التسهيل الكمي، نظرا لأنها قد تعكس التأثير الخارجي لأسعار الطاقة أكثر من تعزيز ضغوطات الأسعار المولدة داخليا. مع ذلك، أخفق تضخم الخدمات في الارتفاع خلال الشهرين الماضيين. قال دراجي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في شهر أبريل: «المقصود من عمليات شراء الأصول هو أن تستمر حتى نهاية سبتمبر من عام 2016، وفي أية حال، حتى نرى حدوث تكيف مستمر في مسار التضخم يتسق مع هدفنا في تحقيق معدلات تضخم دون، ولكن قريبة من، نسبة 2 بالمائة على المدى المتوسط».