يتكون العنوان الرئيس لهذا المقال من أربع كلمات جميلة مشعة نظرة شاعرية ترتاح الأذن لسماعها منفردة، ومجتمعة. والعنوان إلى جانب ما يحمله من فكرة رائعة وجديدة إلى حد كبير هو اسم المهرجان الذي ينطلق مساء اليوم الخميس 21 مايو، والذي أدرجته الأممالمتحدة في أيامها ليكون يوما عالميا باسم (اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية)، وذلك في مدينتي الرّّباط وسَلا بالمملكة المغربية الشقيقة، في دورته الثالثة وتنظمه (الجامعة المغربية للشعر) وهي منظمة ثقافية أهلية يرأسها الشاعر والفنان المغربي الأستاذ أحمد التاغي، ويستمر هذا المهرجان ثلاثة ايام، وقد حَظِيَ بتوجيه من جلالة ملك المغرب محمد السادس، ودعم عدد من الوزارات والهيئات الرسمية والأهلية المغربية، وسيحضره جمع من الشخصيات السياسية والدبلوماسية، وبمشاركة مثقفين وأدباء وفنانين وصحفيين وإعلاميين ونقاد وأكاديميين من داخل المغرب وخارجه، يمثلون أكثر من 16 دولة عربية وأجنبية، ومن المتوقع أن يكون سفير خادم الحرمين الشريفين بالمغرب سعادة الشاعر الدكتور عبد الرحمن الجديع، وكذلك سعادة الملحق الثقافي الدكتور خالد المطلق من الحاضرين، وسيشارك فيه أيضا خلال أيامه الثلاثة عدد من الشعراء السعوديين والخليجيين، كما سيتم في هذا المهرجان الاحتفاء بمدينة (نزوى) العُمانية التي تحمل اسم: عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2015 م، كما سيتم تكريم وزير الثقافي المغربي السابق الأستاذ بنسالم حميش وعدد من الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة، وزيارة لمدينة سلا التاريخية. حسنا.. لقد شطح بنا القلم في سرد بعض أشغال المهرجان، وكلمة (أشغال) هي من الكلمات التي يستخدمها أحبتنا المغاربة مقابل استخدامنا لكلمة (أعمال المهرجان). وحقيقة فإن الأفكار تتداعى وتتوالى أثناء الكتابة في هذا، فبِأيِّها يمكن الاسترسال؟ أبالكلمات الأربع الجميلة التي شَكّلَتْ عنوان المهرجان والمقال، والتي تستحق كل كلمة منها مقالا خاصا؟، أم عن هذا الحشد المميز الذي يحمل كل شخص منه كنزا وخبرة من المعرفة والمعلومات؟، أم عن الدولة المضيفة نفسها وتراثها العميق ومعالمها السياحية الفاتنة؟، أم عن المدينتين اللتين تحتضنان هذا المهرجان؟. إن انطلاق مهرجان شعاره (نحو ترسيخ ثقافة كونية للحوار والتنمية)، وبهذا المفهوم والمسمى هو بلا شك تكريس لثقافة قوامها الأسلوب الدبلوماسي، والكلمة الطيبة الموشاة بالحب، والعبارة الشاعرة المجنحة. لكن لا بد من ذكر معلومة سياحية مهمة هنا، ومعلم من المعالم المغربية المهمة، التي قد لا يعرفها الكثير من القراء الكرام، ألا وهي الخاصة ب(موكب الشمع) الفني الفولكلوري الذي يقام سنويا في مدينة (سلا)، وهو مهرجان ذو عمق تاريخي عمره يربو على ألف عام، ويكون في الأسبوع الثاني من شهر ربيع الأول، ويسمونه(دور الشمع)، وذلك لقيام عدد من المختصين بهذا الفلكلور الذين يحملون فوق رؤوسهم شمعدانات كبيرة محاطة بمحامل وصناديق، وشمعدانات يزن كل واحدة منها نحو 15 كغم، توضع على شكل هياكل من الخشب القوي المغلف بالورق الأبيض، والمزركش بالأزهار الملونة، ويطوفون بهذه المحامل في شوارع وأزقة وحارات مدينة سلا، وبمصاحبة فرقة موسيقية خاصة، وهم ينشدون الأهازيج الدينية والوطنية والاجتماعية التي تحاكي السلوك والعادات والمهن المحلية، وقد انتقلت هذه التقاليد إلى سائر المدن المغربية حيث تقام في التوقيت الزمني نفسه. وعلى ذكر سلا -ولأن المهرجان عن الشعر- فلا بأس أن نختم المقال بأبيات شعرية كتبت في مدينة سلا.. نقتبسها من قصيدة للشاعرة السعودية الدكتورة أشجان هندي بعد إذنها: فتنَ الصبَّ غزالٌ (بِسَلا) مغرِبيُّ الحُسنِ شرقيُّ الحَلى يا (سلا) إنّا فُتنَا ها هُنا ما على المفتونِ لومٌ يا (سَلا) كيف لا يهوى وقد ذوبّهُ من بعينيهِ يُذيبُ الجَبَلا؟