بعد أسابيع من التخطيط والمراقبة التي تركزت على مجمع قرب حقول النفط بشرق سوريا حصلت القوات الخاصة الأمريكية أخيرًا على الضوء الأخضر للانقضاض على هدفها وهو قائد بتنظيم داعش يعتبر «المسؤول المالي للجماعة»، لكن لم يتضح إن كانت مثل تلك العمليات الخاصة الخطرة تمثل نهجًا جديدًا في محاربة التنظيم المتشدد. ووصلت قوات من الوحدة التي تعرف باسم (دلتا) من العراق تحت جنح الظلام في الساعات الأولى من صباح السبت في طائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك وطائرات أوسبري لتشن هجوما نادرا في بلد يمزقه الحرب ويحجم الرئيس الأمريكي باراك أوباما منذ فترة طويلة عن إرسال قوات برية للمشاركة فيه. وقال مسؤولون أمريكيون: إن هدف القوة كان إلقاء القبض على القيادي المتطرف التونسي المولد أبو سياف حيا والذي يعتقد أنه مسؤول عن الإشراف على مبيعات النفط والغاز في السوق السوداء لحساب داعش وعن عمليات مالية أخرى للمساعدة في تمويل حملة المتشددين الذين سيطروا على أجزاء كبيرة من الأراضي في سورياوالعراق. وحين هاجمت قوات العمليات الخاصة الأمريكية المجمع الذي توجد به قيادة داعش في بلدة العمر تصدى لهم المسلحون المتطرفون، وتبادل الجانبان اطلاق النار بضراوة مما اأثار مشاهد من الفوضى. وقال مسؤول أمريكي: «كانوا على مسافة قريبة من بعضهم البعض. كان قتالًا مباشرًا». وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون): إن أبو سياف «اشتبك» مع مهاجميه الأمريكيين ولقي حتفه مع نحو 12 متشددًا، وألقي القبض على زوجته أم سياف التي قال مسؤولون: إنها ضالعة أيضًا في «أنشطة إرهابية» لتنظيم داعش ونقلت إلى العراق لاستجوابها. وتأمل السلطات الأمريكية أن تتمكن من الحصول على معلومات مفيدة منها ومن أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف النقالة التي ضبطتها، وقالت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض: «نعمل أيضًا على تحديد أي معلومات ربما تكون لديها بخصوص رهائن». وربما يكون المسؤولون الأمريكيون قد عقدوا العزم على الحصول على أي معلومات ممكنة بشأن ما حدث لعاملة الإغاثة الأمريكية كايلا مولر التي لقيت حتفها في وقت سابق من العام الحالي حين كان التنظيم يحتجزها رهينة في سوريا. ووصف البيت الأبيض استهداف أبو سياف بأنه «ضربة كبيرة» لتعطيل تمويل تنظيم داعش وإن كان الهجوم ربما يظهر أن لدى أوباما استعدادًا اكبر للمجازفة بعمليات برية محدودة في سوريا بعد الاعتماد على الضربات الجوية إلى حد بعيد. وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه: «اعتبره المسؤول المالي لتنظيم داعش». وقال مسؤولون أمريكيون: إنه تم التخطيط للعملية بعناية وإن أفراد القوات الخاصة الأمريكية أمضوا أسابيع في العراق بين التدريب ودراسة مقاطع الفيديو التي تسجلها طائرات استطلاع بلا طيار. وكانت واشنطن تأمل في عدم تكرار العملية الفاشلة التي قامت بها القوات الخاصة في شمال شرق سوريا العام الماضي لإنقاذ رهائن أمريكيين وأجانب احتجزهم التنظيم المتشدد. وقال مسؤول أمريكي: إن أوباما وافق على تنفيذ العملية حين توفرت «معلومات موثوقة» عن وجود الهدف. ومع بدء الهجوم نحو الساعة الرابعة صباحًا حين حلقت الطائرات الحربية الأمريكية فوق الموقع سادت حالة من الهرج والمرج في المجمع الأشبه بالقرية والذي يضم حوضًا للسباحة وملاعب تنس. وكان داعش قد طرد بعض عمال النفط السوريين من أجل إقامة قياديي التنظيم الدموي وعائلاتهم. وقالت مصادر سورية: إن القوات الخاصة استعانت بكلاب مدربة في العملية وإن هذه الكلاب عضت امرأة بينما أصيبت أخرى برصاصة في كفها وهو ما تطلب علاجًا بالمستشفى. وقال مسؤولون أمريكيون: إن العملية لم تسفر عن إصابات بين المدنيين لكنهم قالوا: إنه تم انقاذ امرأة من الطائفة اليزيدية كان أبو سياف وزوجته يحتجزانها. وقال مجاهد الشامي وهو ممثل جماعة مناهضة لداعش تلقى تقارير من أشخاص كانوا داخل المجمع: إن التنظيم حاول إرسال تعزيزات شملت مقاتلين في عدة شاحنات لكن حين وصلوا كان قد فات الأوان. وقالت مصادر محلية: إن المتطرفين بدوا مذهولين من مدى معرفة القوات الأمريكية الجيدة بالمكان بحيث تمكنت من تحديد موقع ابو سياف بدقة. وقال الشامي: إن التنظيم أجلى فيما بعد كل المدنيين من المباني وأقام نقاط تفتيش. وأضاف إن المجمع يتكون من نحو 50 مبنى كان يعيش فيها نحو ألف شخص. وكانت الحكومة السورية أقامت المجمع من أجل عائلات الموظفين بحقل العمر النفطي القريب في محافظة دير الزور وهي معقل لداعش وتربط بين أراض يسيطر عليها التنظيم في سورياوالعراق. وقد أشاد مشرعون امريكيون بالغارة الأمريكية على داعش. ووصفها النائب ادام شيف ابرز ديمقراطي في لجنة المخابرات بمجلس النواب بأنها «نجاح مدهش وخطر» في قلب أرض داعش، وأضاف إن السلطات الأمريكية سيكون عليها أن تدرس مخاطر مثل هذه الغارات مثل الخسائر البشرية المدنية أو قتل جنود امريكيين أو وقوعهم في الأسر بالمقارنة مع قيمة المعلومات المحتمل الحصول عليها. وقال لشبكة (سي.ان.ان) التلفزيونية: «لا أعتقد أنها تشير إلى جهد شامل لتنفيذ كثير من العمليات الخاصة مثلما يحدث في افغانستانوالعراق، المخاطر تزيد. كلما نفذت المزيد من العمليات من هذه النوعية كلما زاد احتمال ان يتم سحبك». وتعتمد الولاياتالمتحدة بصورة أساسية على الضربات الجوية لمحاربة تنظيم داعش الذي استولى على مساحات واسعة من الأراضي في سورياوالعراق. وتعهد الرئيس باراك اوباما بعدم ارسال قوات برية كبيرة. وترك اوباما الاحتمال مفتوحًا لتنفيذ غارات بالقوات الخاصة وهي اداة وافقت عليها اليوم السناتور ديان فينستاين ابرز ديمقراطية في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ والتي وصفت غارة ابو سياف بأنها «المثال الكامل». وأضافت لمحطة (ايه.بي.سي) التلفزيونية «إنه نوع من الضربات السريعة التي يجب ان نفعل المزيد منها»، وتابعت «أعتقد اننا اذا لم نرسل قوات برية سيكون علينا استخدام قوات العمليات الخاصة للتدخل وجمع المعلومات». واعترفت بفشل الغارة الأمريكية الأولى في الأراضي السورية لانقاذ الصحفي جيمس فولي من ايدي تنظيم داعش الذي ذبح فولي في وقت لاحق. وقال النائب الجمهوري ريان زينك: إن العملية لم تخفف القلق بشأن السياسة الأمريكية في المنطقة. واضاف «نواجه تحديًا صعبًا في العراقوسوريا»، وتابع إن «هذه العملية الخاصة لن تغير الإطار. الإطار أننا نحتاج خطة في سوريا».