إن كنت من الشخصيات الانفعالية العاجزة عن ضبط غضبها؛ فعليك أن تتوقع حدثا سيئا وربما سيئا جدا سيصادفك في أحد أيامك، قد يكون هذا الحدث؛ موقفا في الشارع أو أحد الأسواق أو المطاعم أو حتى في مكان عملك. الأشخاص ضعيفو السيطرة على انفعالاتهم يشكلون خطرا على أنفسهم في المقام الأول قبل الآخرين. لأن هياجهم العصبي العدائي في المواقف المثيرة لهم، يدفعهم للتلفظ ببذاءة وقلة احترام أمام الآخرين أو التصرف بسوء سلوك، وأحيانا يبلغ بهم الذروة فيدفعهم لاستخدام العنف الجسدي لتفريغ طاقة الغضب العدائية الكامنة بهم. ومعظم السائرين على هذا النهج السلوكي لم يدركوا بعد أن للكلمة البذيئة والتصرف المتهور ضريبة مرتفعة جدا قد تكلفهم حياتهم، أو خسارة عملهم. أما أقل الخسائر التي قد يتكبدونها فتتمثل في سوء سمعتهم ونفور الناس منهم. وبما أن النفس الإنسانية غالية على صاحبها وجب لفت الانتباه إلى قضية كيف يمكن للكلمة الغاضبة أو الفعل المتهور أن تودي بحياتك، أعتقد أن معظمنا سمع عن قصص القتل التي تحدث في موقف عراك عابر في أحد الشوارع لأسباب تافهة جدا، فإما أن يكون الشخص قد ألقى كلمة بذيئة على أحدهم بسبب مثير ما فتفاجأ به أكثر غضبا وجنونا منه فأوسعه ضربا حتى قتله، أو حتى أنك ترمي كلمة لا تلقي لها بالا فيتهجم عليك بسببها شخص ما فتدافع عن نفسك فترديه قتيلا بلا قصد فتذهب رقبتك خلفه قصاصا. لقد لفت نظري كثرة المواقف في الأماكن العامة التي تنم عن قلة الذوق والتهذيب في التعامل مع الآخرين، مع اعترافي أن معظم ما صادفته كان من مقيمين عرب وليس سعوديين فقط والسبب ببساطة أن القانون الذي يحكم سلوكيات الأفراد في الأماكن العامة لم يفعل بأبسط درجاته، فالسائد أنه عندما تكون للأسف -واعتذر عن هذا الوصف- «وقحا» فأنت من تغلب! فسياسة أخذ الحق باللسان وأحيانا باليد بلا محاسبة هي الطاغية على المشهد العام في أماكن التجمع البشري الكبيرة كالأسواق أو المنتزهات أو حتى المطاعم. صحيح أن من يسهم في تفشي ظاهرة «انحدار الذوق والتهذيب الأخلاقي» في المكان العام؛ هو ضعف القانون الذي يحكم تصرفات الأفراد تجاه بعضهم في الأماكن العامة، لكن انبعاثها الحقيقي مصدره سوء التربية، سواء كان بالتدليل الزائد أو افتقار التوجيه السليم. وأنا أثير هذا الموضوع لا أستطيع تخطي حادثة الفتاتين المتحرش بهما في أحد الأسواق والتي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، فرغم الخطأ الكبير الذي صدر من الشاب المتحرش بهما إلا أني لا أبرر بحال موقف إحداهن من ضرب الشاب، فهذا تصرف يضر بها في المقام الأول ولا أعتقد أنها ستخرج بوجه أو جسد سليم في المرة المقبلة في حال أعادت الكرة مع شاب آخر. الخلاصة أنه يجب عليك إعادة النظر في سلوكك إن كنت من الانفعاليين أو قليلي التهذيب، فأنت ربما تخسر مركزك أيضا عندما تتهور وتصفع أحدهم مثلا في مكان عملك لمجرد أنه دفعك قليلا للأمام أو داس مشلحك بدون قصد. فإذا كنت متعودا أن تقوم خطأ الآخرين بالصفع أو الشتم اعلم أن هذا تصرف لا يصلح لكل المواقف. اعلم أيضا أنها ليست شطارة أن يتقيك الناس لطول لسانك وقلة تهذيبك. يجدر بك أن تتعلم من تلقاء نفسك بدون أن تضطر للتعرض لموقف قاس يلقنك الدرس. * إعلامية وباحثة اجتماعية