كان ضابطاً في القوات البحرية السعودية وبعد سنوات من عمله قدر الله إصابته بحادث ينقله إلى عالم الشلل الرباعي وبالطبع بعد هذا الشلل خسر وظيفته التي تتطلب جهدا ميدانياً كبيراً لا يتناسب مع حالته الصحية الجديدة. المراقب البسيط للموقف يرى أن الفرص قلت أمام فارس قصتنا وأن الضمان الاجتماعي وصدقات أهل الخير هي محطته القادمة، لكن الأمر لم يكن كذلك. قرر أن يسافر لجمهورية التشيك الشهيرة بفنون العلاج الطبيعي والتأهيلي، والجميل في الأمر انه لم يفكر كالكثير من الناس عندما تنال منهم ظروف الحياة وتكثُر عليهم ابتلاءاتها بمنطق الضحية ولم يعش حالة اليأس والانكسار، بل كان يلبس نظارة الفرص وسترة التفاؤل حتى وهو يسير على كرسيه المتحرك!! وكان الإيمان يحيط قلبه ويملأ روحه فرب خلقه لن ينساه، وكان يدرك أن بعض الفرص تأتي متوشحة رداء الأزمة. لقي في رحلته العلاجية الكثير من السعوديين، استشف رغبتهم بأن تكون هذه الخدمات العلاجية قريبة منهم ومتوفرة بدل السفر والمصاريف الكبيرة. أدرك صاحبنا أن أعظم الفرص والمشاريع هي ما ينسج من احتياجات الناس وفعلاً وهو على كرسيه المتحرك بدأ يعمل على نقل التجربة للمملكة فوجد فيها جدوى اقتصادية عالية وطلباً كبيراً وخدمة عظيمة للمجتمع. وبعد عودته بدأ يعمل على المشروع ونقل التجربة وكانت تكلفة المشروع 4 ملايين ريال وهذا كان تحديا كبيراً لشخص فقد عمله بعد حادث وأصيب بشلل رباعي، ولأن الله إذا رزق والعبد اتكل وأحسن الظن فتح له من الخير فوق ما يتمنى، قدم المشروع لبنك التسليف الذي وافق على تمويل المشروع وتحول الحلم إلى حقيقة، وبدأ العمل بالمركز التشيكي للعلاج الطبيعي. وبدأت ملامح النجاح تظهر وخلال أقل من 4 سنوات أصبحت القيمة السوقية للمشروع 40 مليون ريال أكثر 10 أضعاف رأس ماله وساهم في عودة أكثر من 1500 شخص لحياتهم الطبيعية بعد تجاوزهم الإعاقة، فتح هذا المشروع أكثر من 150 فرصة عمل لموظفيه، قدم العلاج لأكثر من مليون مريض منذ التأسيس بواقع 500 مريض يوميا، ويخطط هذا الفارس الهمام لنقل التقنية والمهارة كاملة لتكون بأيد سعودية. فاز المشروع بجائزة أحسن مشروع سعودي عام 2013، وفاز هذا الألمعي بجائزة فوربس الشرق الأوسط عام 2015 لرواد الأعمال الأكثر إبداعا. فارس قصتنا الملهمة هو الريادي سلمان الدعجاني الذي علمنا أن الإعاقة فكر قبل أن تكون حركة، وأن النجاح تضحية وعمل قبل أن يكون شعارات وأمنيات، وأن المبادرة والجدية تصنع المستحيلات، وأن الإنسان عليه أن لا يستسلم فكم من أزمة حملت فرصة وكم من ضعف جلب قوة وكم من هزيمة مرحلية جلبت نصراً استراتيجيا مدوياً. التغير الذي تفرضه ظروف الحياة يكون غالباً لصالحنا فالله سبحانه يريد منا إعادة تأمل المشهد وفهم أن هذه التحولات لصالحنا حيث نكتشف ذواتنا من جديد، فلا تحزن ومهما كان في حياتنا من مراحل وتحولات ومفاجأة ركز على الجزء المملوء من الكأس واعرف من أين البداية وسوف تكون النهاية في منصة التتويج قريبا .