في ظل البرامج الكثيرة التي تذاع على القنوات الفضائية في شهر رمضان الكريم والتي تتكئ على الأفكار والقيم المجتمعية وتحاول أن تروّج لمفاهيم الخير والصلاح، يبدو برنامج «فرسان سلمان» هو الأكثر انسانية والأقوى تأثيراً، ومن وجهة نظري يظل هو الأجدر بالمشاهدة، رغم أن الكثيرين لم يعلموا عنه أو يتابعوه، البرنامج ينطلق من روح صافية ومن صميم العمل الانساني الخلاق، بعيداً عن التنظير المجاني الذي تمتهنه أغلب البرامج والذي لا يعود على ذوي الاعاقة أو غيرهم إلا بالكلام فقط. برنامج «فرسان سلمان» يقدّمه «سلمان الدعجاني» ويتكفل به أيضاً مادياً ومعنوياً، بحيث يعمل في كل حلقة على تغيير حياة فارس من ذوي الاعاقة، تغييراً يشمل تعديل مسكنه وتأهيل إعاقته وإيجاد وظيفة مناسبة له، بمعنى أنه يسلّم كل يوم أحد هؤلاء الأشخاص مفتاحاً يمكنه من العيش حياة جديدة يستغني بموجبها عن مد يده لليأس أو للفقر، أو وللآخرين. إن طريقة «سلمان» في زرع الأمل بشكل عملي تعتبر حالة نادرة في التعامل مع ذوي الاعاقة وكذلك في عرض معاناتهم من خلال برنامج تلفزيوني مؤثّر وملهم ومحرض على فعل الخير. ومن يطّلع على جانب من سيرة «سلمان» لن يستغرب أن يراه وهو يقوم بهذا الدور الإيجابي والفعّال، فهو عسكري سابق من ضباط القوات البحرية، انضم لفئة ذوي الاعاقة قبل 14 عاماً، بسبب حادث مروري أصيب بعده بشلل رباعي. مما دعاه لاحقاً إلى اللجوء لبنك التسليف واقتراض 4 ملايين ريال لانشاء المركز التشيكي للعلاج الطبيعي والتأهيلي بمدينة الرياض. «سلمان» ليس رجل أعمال أو ملياردير يملك المؤسسات أو الشركات ويتبرع بفتاتها على الفقراء، بل مواطن عادي يشبهنا تماماً، لكن الفرق الوحيد بيينا.. أنه استطاع وهو على كرسيه المتحرك أن يغير حياة 30 شخصاً من ذوي الاعاقة للأفضل، وبينما يمشي أغلبنا على قدمين.. إلّا أننا لم نتقدم بهما نحو من يحتاجنا. وهو الأمر الذي دعا العديد من المغردين إلى تشكيل حملة افتراضية على «تويتر» من أجل المطالبة بمنحه وسام الملك عبدالعزيز. أكتب عن «سلمان» اليوم ليس لأنه يستحق فقط، بل في محاولة للفت أنظار المسؤولين نحو حاجة هذه المبادرة الانسانية لأن يتم احتضانها من قبل جهة حكومية تدعمها حتى يتمكن البرنامج من الوصول لكل شخص من ذوي الاعاقة في جميع مناطق المملكة بشكل أكبر وأشمل كنوع من أنواع الاستثمار في الإنسان من أجل الانسان، مهما كانت درجة اعاقته ليصبح شريكاً فاعلاً في الإنتاجية والعطاء.