أكد سياسيون يمنيون ل "اليوم" أن مؤتمر الرياض للحوار الذي يهدف إلى دعم شرعية المؤسسات اليمنية بمشاركة كافة الأطياف وممثلين عن المقاومة الشعبية والحراك الجنوبي وحزب المؤتمر، سيرسم معالم الطريق لليمن الجديد بمشاركة سياسية لكافة الأطراف، مؤكدين بأن أمام الأطراف المتحاورة فرصة تاريخية لقلب التوقعات والخروج بحلول وقرارات حاسمة تعيد البلاد إلى مسار البناء والتنمية وتجنبها الصراعات. وعقدت اللجنة المنظمة لمؤتمر الرياض، أمس، مؤتمرا صحفيا، في مقر السفارة اليمنية في الرياض. هذا وستنطلق فعاليات مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية في الفترة من 17 وحتى 19 من مايو. وقال عبدالعزيز الجباري، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن المؤتمر يهدف إلى التوصل لقرارات وليس للحوار، وإن ما سيتم في الرياض هو إعلان مشروع مشترك ملزم لكل الأطراف الموجودة في الرياض. ويلتئم شمل القوى الوطنية اليمنية في حوار الرياض بمشاركة واسعة تصل إلى 250 شخصية تمثل مختلف الأطراف والقوى السياسية اليمنية. مع غياب المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح، رغم تواجد عدد كبير من قيادات حزبه المؤتمر الشعبي العام. ويبدو أن جميع الأحزاب اليمنية لم تشأ تفويت فرصة الحوار والمشاركة في رسم مستقبل البلاد، خاصة بعد أن كانت قد شاركت في مؤتمر الحوار الوطني، كما تتسع دائرة المشاركة لتضم عدداً من الوزراء والمسؤولين السابقين ورموزاً قبلية وشخصيات سياسية وشبابية، وهو ما يعد مؤشراً مهما لنجاح المؤتمر. وقال المحلل السياسي اليمني الدكتور فارس البيل: "يأتي مؤتمر الرياض كالتزام سياسي من المملكة العربية السعودية والتحالف تجاه اليمن، لإخراجه من أزمته عبر مسارات مختلفة ومتوازية، فبعد العمليات العسكرية وتسوية المشهد السياسي ينبغي الانخراط في العملية السياسية، إذ بها الحل النهائي للمشكلة اليمنية عبر التفاوض الحريص ودرس المشكلات اليمنية بعمق، والبحث في جذور المشكلة لا مظاهرها، والخروج بحلول قريبة وطويلة الأمد حتى لا تتكرر المأساة كل حين". وأضاف البيل: "ما ينبغي لمؤتمر الرياض باعتباره خطوة لاحقة للعمل العسكري ونزع القوة من المليشيات، لكن جراء تعثر حضور كل الأطراف المتنازعة أو الممثلة للمشهد السياسي اليمني، إذ يرفض الحوثي الحضور فهنا يجب أن يغدو المؤتمر حلقة مهمة لإرساء التفاوض السياسي المعمق بين الأطراف الحاضرة، أي أن يكون هذا المؤتمر - وإن خلا من التفاوض الندي- يكون أشبه بتكتل سياسي مهم يضع المشكلة اليمنية قيد البحث والتحليل ويفترض الحلول والمعالجات بعيدا عن فكرة التقاسم في الرؤى التي كانت ستتم لو حضر الحوثي مثلا، لكنه بهذا الشكل سيمثل فرصة مهمة للحاضرين لقراءة المشكلة بتأن بعيدا عن تمثيل الأطراف، ويتحول المؤتمر أو يفترص به لورشة عمل نظرية واستراتيجية لتفكيك الأزمة من مسبباتها، وهذا ما نأمله، أو سيتحول المؤتمر في حالة عدم جدية المشاركين لمهرجان سياسي لا أكثر". وأشار البيل إلى أن المملكة برعايتها لهذا المؤتمر تقدم يديها لليمنيين، فقد وقفت عسكريا ولم تكتف بهذا بل لضروراته، والآن ترعى مراجعة سياسية بين اليمنيين، ولن تقف عند هذا الحد في تصوري، بل سيستمر دعمها في المستقبل اقتصادياً وتنموياً، فاليمن تمثل الكثير للمملكة، ويبقى العبء الأكبر بيد اليمنيين أنفسهم للخروج من أزماتهم إذا ما تحملوا المسئولية بصدق وتجرد ورؤى استراتيجية تبحث هم المواطن البسيط، لأهم القوى السياسية، وعندها سنشهد انفراجا كبيرا في اليمن، فالمملكة ودول التحالف يمدون اليمن بأشكال الدعم. واليمنيون يجب أن يوظفوا كل ذلك لصالح اليمن ونهوضه. عقد جديد من جهته، قال المحلل السياسي اليمني فتحي اليوسفي: "موعد انطلاق المؤتمر وانتهائه يحملان دلالات كبيرة فبداية المؤتمر بداية انتهاء موعد الهدنة الإنسانية والتي ستخضع للتقييم وستمدد حتى انتهاء المؤتمر باعتقادي الذي هو أيضا ذكري إعلان الوحدة بين الشطرين، وما سيخرج به من قرارات بالطبع لها أهميتها كونها ستعيد صياغة عقد جديد بين اليمنيين كون المؤتمر مناصفة بين الشمال والجنوب، لأول مرة منذ انطلاق الحوارات السياسية وكأنه تصحيح لمسار الوحدة التي أفسدها المخلوع صالح، كما أنه يضم شخصيات كبيرة لم تشارك في الحوار الوطني الشامل مثل القيادات الجنوبية أمثال البيض والعطاس والجفري، وتستثني قيادات شاركت في تدمير اليمن بعد المبادرة الخليجية مثل صالح والحوثي. وأضاف اليوسفي: "بأن مؤتمر الحوار في العاصمة السعودية الرياض، هو رسم معالم طريق جديد وعهد جديد وانطلاق للعملية السياسية، ستبنى عليه كثير من القرارات أهمها، القضية الجنوبية، وهي القضية الرئيسية، وكذلك شكل الدولة، ومصالحة وطنية لفصائل مهمة ظلت خارج العملية السياسية مثل الحراك الجنوبي بقيادة البيض، وكذلك قيادة المعارضة الجنوبية بالخارج والتي ستعزز الوحدة الداخلية لمواجهة مشروع صالح والحوثي، واستكمال عزلهم بعد محاولاتهم استمالة هذا الفصيل إلى جانبهم وزجهم في علاقات مشبوهة مع إيران، ولكن نواياهم تكشفت بعد معركتهم ضد الجنوب باسم محاربة التكفيريين. وتابع اليوسفي: "إن قرارات المؤتمر نجاح آخر للدبلوماسية السعودية، وخاصة الخليجية بشكل عام، في إعادة جمع اليمنيين واستعادة للعملية السياسية التي كانت قد احتكرتها قوى النفوذ صالح والحوثي، وهو ما سيعزز الدور الخليجي في اليمن وعودة اليمن إلى هويته في المحيط العربي الجار، بعيدا عن تجاذبات إقليمية لها أهدافها التدميرية لليمن والمنطقة". مخرجات قابلة للتطبيق من جانبه، قال الإعلامي اليمني بشير الضرعي: "الأنظار تتجه نحو مؤتمر الرياض الأحد، رغم مقاطعة مكونات تمثل طرفاً في الأزمة، لذلك الكل يعول أن تكون المخرجات بحجم المرحلة التي تعيشها اليمن، وأن تكون مخرجات قابلة للتطبيق بشكل فاعل على الأرض، مشيراً إلى أن اليمنيين سئموا الاتفاقات على ورق، فالإرث السياسي اليمني تسبب في فقدان الثقة بأي اتفاق بعد عدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذي استمر لعام تقريبا ومع ذلك بدأت الحرب والأزمات في البلاد معه. وأكد الضرعي، أن مؤتمر الرياض أمام فرصة تاريخية لقلب التوقعات والخروج بحلول وقرارات حاسمة تعيد البلاد إلى مسار البناء والتنمية وتجنبها الصراعات".