قدَّم الرئيس السابق علي عبدالله صالح خدمة كبيرة للرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي بحشد أنصاره في المؤتمر الشعبي العام «الحزب الحاكم» قبل اتخاذ القرار بعزل الرئيس الحالي من مناصبه في الحزب؛ إذ كان يشغل نائب رئيس الحزب والأمين العام؛ وبالتالي حرره من القيود الحزبية، وجعل منه رئيساً لكل اليمنيين، مثلما يتطلب منصبه الذي انتُخب من أجله رئيساً للجمهورية اليمنية، كما جرد حزب المؤتمر الشعبي من صفة الحزب الحاكم التي أصبحت بلا معنى؛ لأن الحزب لا يدين بالولاء إلا لرئيسه السابق علي عبدالله صالح؛ وبالتالي فإن الخطوة التي اتخذها الحزب بطلب من رئيسه الرئيس السابق تخدم غريمه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، وتخدم المسار السياسي في اليمن، على عكس ما كان يريده الرئيس السابق. وقد جاءت هذه الخطوة متوافقة مع إعلان تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة المهندس خالد بحاح، التي ترجمت الواقع الجديد لليمن؛ فقد أظهرت بوضوح عدم وجود حزب حاكم، وعدم وجود قوة سياسية مهيمنة، تتغول على العمل الحكومي والسياسي في البلد. فقد جاء تشكيل الحكومة ليلغي إلى حدٍ كبير أساليب المحاصصة السياسية والمناطقية التي كانت متبعة قبل تشكيل هذه الحكومة، التي اتجهت إلى الاعتماد على الكفاءات المهنية، وإن طُعّمت بشخصيات سياسية لها علاقة بالأحزاب والجماعات الفاعلة على الساحة اليمنية، إلا أن الصفة الغالبة على الحكومة هي صفة التخصص والكفاءة. وبالرغم من تخلف ستة وزراء محسوبين على الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي إلا أن عملية بدء عمل الحكومة سارت كما هو مرسوم لها، وأدى باقي الوزراء القسم بانتظار أن يلتحق باقي الوزراء الستة، ومنهم ثلاثة خارج البلاد، إلا أن الأوساط السياسية اليمنية لا تجد تأثيراً حتى وإن ابتعد الوزراء عن التشكيلة إذا ما أصروا على الاستجابة إلى أوامر الرئيس السابق والحوثي، وعندها فإن استبدالهم لن يتأخر كثيراً، خاصة بعد أن لمس الرئيس عبدربه منصور ورئيس حكومته خالد بحاح التأييد الكبير من قِبل اليمنيين لهذه الحكومة. ومع أن الحكومة الجديدة تواجه معضلة الحصول على الثقة من البرلمان اليمني، الذي يسيطر عليه مؤيدو الرئيس عبدالله علي صالح، الذين يشكلون ثلاثة أرباع الأعضاء، وهي إمكانية قد تحصل «نظرياً»، خاصة بعد الإعلان رسمياً عن التحالف بين الرئيس علي عبدالله صالح «حزب المؤتمر الشعبي» والحوثيين، وهو التحالف الذي كان قائماً عملياً وإن لم يتحدث عنه الطرفان، لكن عرقلة منح الحكومة الثقة من قِبل البرلمان تجعل من البرلمان طرفاً متهماً في عرقلة مخرجات الحوار الوطني، وتعرض مسيرة السلام والتفاهم في اليمن للخطر؛ ما يجعل البرلمان في وجه العاصفة، التي قد تهدده بالحل والمسارعة بإجراء انتخابات برلمانية جديدة، تُضعف الوجود السياسي للرئيس علي عبدالله صالح بعد تآكل نفوذه بعد فقدانه السلطة ومحاصرته محلياً وإقليمياً ودولياً.