في بهو فندق «قولدن توليب» في العاصمة التونسية تونس، أقبل عليّ شاب في نهاية العشرينيات أو بداية الثلاثينيات وسألني: هل أنت فلان؟ فقلت له: نعم.. حياك الله، فقال لي هل تسمح لي باحتضانك؟!، وأصابتني لحظات دهشة واستغراب وأجبت بالموافقة التي لم تكن تخلو من تردد، وكنت مرتبكاً قليلاً ولم أحضنه بحرارة كما فعل هو، واكتفيت بالحد المقبول من المجاملة، وقال لي بعدها: قد تستغرب من طلبي لكني وعدت نفسي أن أحضنك عندما أراك ولم أتوقع أن تجمعنا الصدفة هنا، فسألته عن السبب، فقال : لقد رأيت لك مقطعاً عن النجاح والأحلام في «تيدكس» وكان لهذا الفيديو أثر بالغ علي، فقد رجعت لحلمي الذي تخليت عنه بسبب المثبطين من حولي، واحتضنت حلمي من جديد، ولذلك قلت إن رأيتك سأحتضنك كما جعلتني أحتضن حلمي من جديد وفي عام 2020 سأتصل بك لأقول لك إن رؤوف التونسي حقق حلم حياته، فأعطيته رقم هاتفي وقلت له سأنتظرك في عام 2020 لنحتفل سوياً بحلم حياتك. هنا تذكرت قصة أخرى لشخص سكنت بجواره في سكن جامعة الملك سعود، وكان هو في السنة الأخيرة وأنا مستجد في سنتي الأولى، وكان هذا الشاب عنده قدرة مدمرة في تحطيم أحلام من حوله، وأذكر أنني كلما عرضت عليه فكرة أحلم بها بادر بقصفها والتسخيف منها. علينا أن نبتعد عن القتلة الذين يغتالون أحلامنا، وأن نبحر بقواربنا بعيداً عن أولئك الذين يحبون تكسير مجاديف الأحلام، وتأكد أنك ستكون ضحية عندما تسمح لأحدهم بقتل حلمك. "الحلم" طاقة تدفعنا إلى الأمام، ولذلك أحلامنا لاتقدر بثمن، والسير في طريقها هو أمر عظيم بحد ذاته بغض النظر عن تحقيقها، والذين يملكون أحلاما عظيمة يتحسن واقعهم لأن طاقة المستقبل الإيجابية تكسو حاضرهم، فموت "الحلم" يميتنا، وحياة الحلم تبقينا أحياء، وكما يقول نورمان كوزسنس: (ليس الموت هو أعظم خسارة في الحياة.. أعظم خسارة في الحياة ما يموت في داخلنا بينما لانزال أحياء). "قتلة الأحلام" يزعجهم أن تنجح، وأحلامك العظيمة تذكرهم بكسلهم وعجزهم، وهم مسكونون بعقدة أن يتجاوزهم من حولهم. مشاركة الناس أحلامهم عمل عظيم، ومارك «توين كان» يقول: (العظماء يجعلونك تشعر بأنه يمكنك أن تكون عظيماً)، ومن أنبل الأعمال أن نساعد من نستطيع في إحياء "الحلم" داخله. وظاهرة المنتديات واللقاءات والتجمعات الريادية التي تحفز الشباب على الطموح وتدربهم على "خلق الحلم" في داخلهم هي ظاهرة إيجابية، وليس المهم هو شكل النجاح المحقق بقدر "روح الحلم" التي توقد شعلتها هذه الملتقيات. الاستثمار في "الحلم" صفقة ناجحة، ونحن نكون في منتهى السوء إذا اغتلنا أحلام من حولنا. أطلقوا الأحلام في داخلكم، وابتعدوا عن قتلة الأحلام..