في الغالب، في رحلة أزمنتنا، وصراعاتنا مع الحياة، والعيش، والطموحات، والآمال، ومحاولات تحقيق أحلامنا الطفولية منها، والناضجة إلى حد التعاسة والحزن، في مسيرة كل هذه الدروب، تتلبسنا حالة العظيم أبي الطيب المتنبي. "على قلق كأن الريح تحتي تسيّرني، يميناً أو شمالاً". مسكونون دائماً وأبداً بحالة القلق، قلق المكان والزمان، اليوم، والغد، المستقبل، والماضي، الغائب، والحاضر. الذي أتى، والذي لم يأت من المفاجآت، والظروف، والمصائر، والأقدار، الحياة، والموت، علائقنا، وصلاتنا، وصداقاتنا، هل سنلقي عليهم تحايا الصباح، ووداعات المساء، ونلتقي بهم لنكمل رحلة المتعة، والسعادة، والوفاء، والنبل، والذكريات، وعذوبة اللحظات، أم أن شيئاً سيباعدنا، ويغتال كل تجليات الفرح في داخلنا، ويقضي على كل ما امتلكناه من ثراء روحي، وفكري، وعاطفي، ومخزون توحد مع ذواتنا، وأرواحنا، وأفكارنا. قلق دائم يجعلنا نستدعي صورة أحمد عبدالمعطي حجازي. "أليمة"، إلى اللقاء. وتصبحوا بخير. وكل ألوان الوداع مُرة. والموت مُر. وكل ما يسرق، الإنسان. من إنسان". ويمتد بنا القلق، ويعيش في نسغنا حالة خبز يومي، وحالة تفكير وهاجس مستمرين يثيران في الوجدان ثقوباً من الحزن، وجراحات كفوهات البراكين، وعذابات مفتوحة بشهية الوحوش الأسطورية لتدمير الذات، والفكر، والعطاء، والخلق، والوعي، سيما في مواجهاتنا اليومية مع صراعات الآخرين، وسوء الفهم، والظن، ومحاولات إسالة الدماء، واغتيال الجمال في الحياة، وتحويلها إلى حالة بؤس، وتعاسة، واقتتالات شرسة، وتكهف، وعذابات. أفهم جيداً أن السلام مع النفس، والتصالح مع الذات والآخرين من أجمل، وأنبل، وأروع المسلكيات، والتعاملات. فإذا ما كنا في قدرة على تحقيق نوايا الخير لنا، وللناس، وللحياة التي نعيشها، والظروف، والمناخات التي تتهيأ لعلائقنا الاجتماعية، والحياتية فإنه يجب علينا أن نزرع ثقافة السلام مع النفس كجزء من مكوّن حياتنا، وعنصر من عناصر فهمنا الحقيقي، ووعينا، ومعرفتنا، السلام مع النفس. التصالح مع الذات. حب الآخرين، وحب الحياة. كل ذلك من أجل حياة سعيدة غير قلقة، ولا مؤلمة.