بعد مرور 100 يوم على تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم في المملكة، ظهرت ملامح عهده بكل حزم وقوة، بداية من ترتيب بيت الحكم السعودي والتغيير في مجلس الوزراء وضخ الدماء الشابة في الكثير من الوزارات الحساسة، كوزارة الدفاع ووزارة التعليم، بالإضافة إلى وزارة الصحة. التغييرات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تجاوزت الكثير من الملفات الساخنة، بدءا بقيادة التحالف العربي لعاصفة الحزم. وظهر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز موجها رسالته في بداية عهده الميمون للشعب السعودي بأول كلمة متلفزة منذ توليه السلطة في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث وجه عدة رسائل للمواطنين بأنه "لا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى"، مشيرا إلى أن "أبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات"، ووجه رسالة للمسئولين قائلا: "لن نقبل أي تهاون". خارطة طريق لحكم رشيد وبالعودة لمضامين الخطاب التاريخي للملك سلمان، نجد أننا كما لو كنا أمام خارطة طريق لحكمه الرشيد وسقف طموحه وغايته ورؤيته، وهو في تفاصيل كل ذلك يرسم حضوره التنموي المستدام في جميع المناطق، وتطبيق العدالة بين جميع المواطنين، وأنه لا فرق بين مواطن وآخر، كما يحذّر من أسباب الاختلاف والفرقة وتصنيف المجتمع، ويضع وسائل الإعلام أمام مسؤولياتها في التخلي عن الإثارة والتشكيك والتأزيم، والتأكيد على قيم وشرف الكلمة وصونها من العبث، كما يشيد برجال الأمن البواسل وتضحياتهم، ويؤكد أن اقتصاد البلاد قوي رغم انخفاض أسعار البترول. هذه اللغة الفريدة في الخطاب وجزالة المعاني ومستوى الطرح والأفكار والتوجهات، تبعث رسالة اطمئنان للشعب والعالم أجمع أن المملكة ماضية إلى خير ومستقبل زاهر، ومقومات ذلك حاضرة في وحدة الصف والكلمة والأمن والاستقرار ومواجهة التحديات، ونتاج ذلك سيحصده المواطن واقعاً ملموساً حين تكون الاحتياجات على سلم الأولويات، والطموحات أكبر مما تحقق، ليدرك المواطن أنه أمام مرحلة جديدة من التخطيط والعمل وروح الشباب التي تنبعث من كل مكان لتجدد العهد وتمضي إلى حيث الإنجاز. أوامر ملكية تجسد الحزم أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أكثر من 65 أمرا ملكيا في أول 100 يوم منذ توليه مقاليد الحكم، بدأت بإصدار 6 أوامر ملكية بعد ساعات من توليه الحكم في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، تضمنت تعيين الأمير محمد بن نايف (56 عاما) وليا لولي العهد ووزيرا للداخلية، ليكون بذلك صاحب قرار إدخال أول أحفاد الملك عبدالعزيز، مؤسس السعودية، في هرم السلطة، وتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان (30 عاما) وزيرا للدفاع، كأول حفيد للملك عبدالعزيز يتولى المنصب. وإلى جانب ذلك الحزم، صدرت قرارات ملكية منفردة، ظهرت منها ملامح فكر جديد يقود المملكة، حسب مراقبين، كان أبرزها إيقاف أمير "رياضيا وإعلاميا" على خلفية تصريحات عنصرية، وإعفاء وزير على خلفية مشادة مع مواطن، أيضا شهدت تلك الفترة التحقيق مع جندي هدد الشيعة في المملكة بالقتل. وبعد أقل من 97 يوما، أصدر 25 أمرا ملكيا فجر يوم 29 أبريل/ الماضي، شملت إعفاء الأمير مقرن بن عبدالعزيز من منصب ولي العهد، وتعيين الأمير محمد بن نايف (56 عاما) محله، وتعيين نجل الملك، الأمير محمد بن سلمان (30 عاما)، وليا لولي العهد، وبذلك يكون رسخ أقدام الجيل الثاني من نسل الملك عبدالعزيز في هرم السلطة، وضخ دماء جديدة في شرايين السلطة، من شأنها أن ترسم ملامح المستقبل. مكافحة الإرهاب تعرضت المملكة خلال ال100 يوم لعدة حوادث أمنية استهدفت رجال شرطة، وأعلنت السلطات السعودية اعتقال منفذي عدد منها، كما أعلنت في 28 أبريل/ الماضي، أنها أحبطت "محاولة انتحارية" كانت تستهدف سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالرياض، بواسطة سيارة محملة بالمتفجرات في مارس/ آذار الماضي. وأعلنت اعتقال 93 شخصاً (من بينهم 81 ينتمون لتنظيم داعش)، على مدار الأشهر الأربعة الماضية، الأمر الذي أدى إلى "إحباط مخططاتهم الإجرامية"، وكان من بينها "استهداف مقرات أمنية ومجمعات سكنية، واغتيال عسكريين من مختلف القطاعات، واستهداف مجمعات سكنية، وتنفيذ عمليات لإثارة الفتنة الطائفية، وكذلك استهداف رجال الأمن ومهاجمة سجون المباحث العامة". الأزمة اليمنية في بداية الأسبوع السابع من توليه الحكم، أعطى الملك سلمان إشارة البدء لأول حرب يقودها أحد أنجال مؤسس السعودية والتي حملت عنوان "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن، كان الهدف السعودي الاستراتيجي النهائي منها هو "دعم الشرعية" في اليمن، ومواجهة الحوثيين، و"ردع" إيران من خلال "إضعاف نفوذها الإقليمي" دون المواجهة المباشرة معها، وذلك من خلال ما سبق من تحركات وسياسات وترتيبات، كان من بينها العملية العسكرية في اليمن، التي أظهرت تحالفا عربيا واسلاميا. واستبق انطلاق "العاصفة"، بالسعي لبناء تحالف لمواجهة تحديات المرحلة والاطماع الخارجية لبعض الدول، وكان أبرز ملامحه الحفاظ على العلاقات مع مصر مع تحسين العلاقات مع تركيا، باعتبارها إحدى أهم ركائز القوة في المنطقة، من خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسعودية في مارس الماضي، حصل منها على ما يشبه التعهد التركي بدعم السعودية عسكريا ضد أي خطر إيراني داهم، بجانب الاتفاق على التنسيق المكثف في قضايا المنطقة وفي مقدمتها سوريا مع تنحية الخلاف حول مصر جانبا. ويعتبر البعض أن حرب "عاصفة الحزم" ومن بعدها عملية "إعادة الأمل" (أطلقت بعد نهاية عاصفة الحزم) نجحت في تقليم أظافر الحوثيين، وتوجيه رسالة قوية لإيران، إلا أنها لم تنجح في ردع الحوثيين بشكل كامل ودفعهم للرجوع إلى طاولة الحوار. وفي الملف الفلسطيني، كشف إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، لأول مرة عن مساعٍ تبذلها السعودية للتوصل إلى اتفاق جديد لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس». مجلسان سياسي واقتصادي أنشأ الملك سلمان في اطار ترتيب امور الحكم مجلسين يرتبطان تنظيميا بمجلس الوزراء، الأول هو مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، والثاني مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، مع إلغاء الكثير من اللجان والمجالس الفرعية التي كانت تعيق عمل الوزارات، وقد ألغى وفقا لهذا الأمر الملكي 12 لجنة ومجلسا، وهي كالتالي: اللجنة العليا لسياسة التعليم، واللجنة العليا للتنظيم الإداري، ومجلس الخدمة المدنية، والهيئة العليا لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومجلس التعليم العالي والجامعات، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، والمجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الأمن الوطني، والمجلس الأعلى لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى لشؤون المعاقين. ملامسة أشواق الشعب منذ بدء حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خرجت القرارات الملكية التي تمس احتياجات المواطنين، بدءا بمنح راتب شهرين لموظفي الدولة، وسارت على النهج ذاته، مؤسسات وشركات كثيرة في القطاع الخاص، إلى جانب تخصيص 20 مليار ريال لتسريع خدمات الكهرباء والمياه، والعفو عن سجناء الحق العام، ومنح إعانة شهرين للمعاقين، وتفعيل مشروعات الوزارات الخدمية، وصرف راتب شهرين للمتقاعدين والموظفين ومستفيدي الضمان الاجتماعي والطلاب والمبتعثين، واستمرار برنامج الابتعاث، وفرض رسوم على الأراضي البيضاء، ونقل اختصاص خمسة أجهزة حكومية من وزارة المالية إلى الوزارات المعنية. سلمان.. الأكثر تأثيرا بالعالم اختارت مجلة «التايم» الأميركية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أحد الزعماء الأكثر تأثيراً في العالم، من بين 11 زعيماً عالمياً، وذلك لاتخاذه ومنذ توليه مقاليد الحكم بالمملكة في ال23 من كانون الثاني (يناير) 2015، قرارات عدة ذات تأثير واضح في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي. فيما أكد عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، في مقالة تعريفية نشرتها المجلة أن «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يتمتع بحنكة استثنائية، تؤهله بشكل فريد لقيادة السعودية نحو المستقبل». وأشارت المجلة في أسباب اختيارها إلى أن «الملك سلمان بن عبدالعزيز عمل منذ سن مبكرة جنباً إلى جنب مع معظم ملوك المملكة العربية السعودية في بناء بلاده، ويعود الفضل له شخصياً - بعد الله - في بناء عاصمتها الرياض، لتكون مدينة عالمية حديثة». وأضافت: «كما تفانى الملك سلمان بن عبدالعزيز في خدمة وحماية الدين الذي يحمله في قلبه وواجباته تجاه الأمة الإسلامية». وقالت مجلة التايم: ان "خادم الحرمين الشريفين يطوع خبراته الواسعة وحكمته العميقة في هذه الأوقات الحرجة التي تمر بها المنطقة لرسم المسار إلى الأمام، ليس فقط بالنسبة للمملكة العربية السعودية وشعبها، ولكن أيضاً بالنسبة للمنطقة والعالم برمته».