مع الأوامر الملكية التي صدرت أمس، تقف بلادنا على مستقبل جديد.. فالآن ندخل مرحلة مهمة في تاريخ بلادنا، مرحلة تتجلى فيها مؤشرات ومعطيات عديدة، وأهم المكتسبات التي نلتف حولها نجدها في تماسك ووحدة الكلمة داخل الأسرة المالكة، فقد أثبتت، وفي أحلك الظروف، أنها دائما تضع المصلحة العليا فوق كل اعتبار، وهذه الخصلة النبيلة ليست وليدة اليوم. ويذكر التاريخ لنا، كيف سلّم الأمير عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز نفسه إلى إبراهيم باشا في حملته على الدرعية، مضحيا بنفسه حفظا لأرواح الناس، (انتهاء الدولة السعودية الأولى عام 1233ه (1818م) وهذا ما تربى عليه قيادات وأبناء الأسرة المالكة، وهو الذي أعطاها القدرة على الاستمرار والثبات للقرون الثلاثة الماضية. الآن ندخل حقبة جديدة، أو مئة سنة أخرى، (مئوية جديدة) في عمر الدولة، وهناك من يصفها بأنها الحقبة الرابعة، أو الدولة السعودية الرابعة، وهذه من سيرورة التاريخ، فالحقب المتتابعة تضيف إلى بعضها بشكل تراكمي يعظم التجارب ويعززها، ولذا نجد أن الترتيبات التي تتم داخل بيت الحكم تجد التأييد والقبول، لانها تخرج بعد الحوار والاجماع عليها، وهو بلاشك اجماع يتم عبر التضحيات وتفاهمات البيت الواحد، فالهدف الاسمى هو أن تبقى بلادنا قوية منيعة وتمضي إلى المستقبل بثبات وسلام. هذا الاجماع لا يستغرب ولا يستكثر، فالثقة عالية بقدرة وحنكة الملك سلمان على تدبير أمور الدولة واختيار الأصلح والأنسب لاستمرارها، وأيضا لا يستغرب أن يجد الدعم والتأييد العام، لأننا جميعا، مواطنون وأسرة مالكة، بيدنا مكتسبات كثيرة، ومن مصلحتنا استمرارها وتعزيزها، وعدم تضييعها، والمستقبل بحول الله مشرق بالأمل ويحمل الكثير من المكتسبات الإيجابية الخيرة لأبنائنا وأحفادنا. هذه المكتسبات بيدنا حفظها وتعظيمها، والسبيل إلى ذلك يتحقق عبر التزامنا بقوة وسلامة الجبهة الداخلية، والظروف المحيطة بِنَا وتربص ومؤامرات الشياطين حولنا، توجب علينا، (فرض عين) أن يضع كل واحد منا نفسه بموقع المسؤولية الأخلاقية للحفاظ على مكتسبات الوحدة الوطنية، نرابط لهذا الهدف السامي كما يفعل جنودنا الساهرون على ثغور بلادنا. نحن ازاء تحقيق غايات عليا نبيلة، وهذه تتحقق عبر احياء ودعم القيم والنزعات الأخلاقية التي تأخذ النفوس إلى المواطن الكبرى للعطاء الإنساني، وليس هناك أعظم من الوقوف خلف المصالح العليا للبلاد عندما تكون الظروف تتطلب وقفات النفوس الكبار بأحلامها ومواقفها الصادقة المباشرة. الحقبة التي يطلقها الملك سلمان هي استجابة لاحتياجاتنا وتطلعاتنا، فتحديث وزارات ومؤسسات الدولة من ضرورات المرحلة، وادخال قيادات ووجوه جديدة له غايات وطنية، فالسنوات القادمة تتطلب خبرة الكفاءات وعزائم الرجال، والحمد لله ان بلادنا تزخر بأبنائها الذين تم تأهيلهم وإعدادهم للقيادة والإدارة، ونحن بحمد الله نحتفل كل عام بتخرج الآلاف من أبنائنا وبناتنا من أرقى مؤسسات التعليم العالي في الداخل والخارج. واجزم أن المستشارين والمسؤولين الذين يتولون انتقاء الكفاءات يجدون أنفسم في حيرة حين الاختيار، لقد تكاثرت عليهم الكفاءات! هذه هي البلاد التي تنشغل في البناء، وهي ثمرة القيادة التي تنشغل ب(ما ينفع الناس).