تتمتع المملكة العربية السعودية بنهضة كبيرة جداً في كافة المناطق وبجميع القطاعات سواء العمرانية أو الصناعية أو التجارية وغيرها، حيث تنفق الدولة مشكورة مبالغ مالية ضخمة على تنفيذ مشاريع البنية التحتية مثل الطرق والموانئ والمطارات والسكك الحديدية ومحطات الكهرباء وغيرها من الخدمات والمرافق التي يحتاجها المواطن أو تتطلبها المصانع والمنافع الأخرى. إن هذه النهضة المباركة تعتبر نجاحا كبيرا وأمرا إيجابيا جداً، ولكن في نفس الوقت فإن هذه المشاريع تطلبت خدمات هندسية متقدمة تبدأ من مرحلة الدراسة إلى التصميم ثم الإشراف على التنفيذ ثم الصيانة والتشغيل، حيث تعتبر هذه الأعمال الهندسية العقل المحرك والأساس العلمي لكل مشروع تنموي يتم تنفيذه.. لذا يتوجب طرح سؤال عن مدى تطور الخدمات الهندسية الوطنية لتكون متواكبة مع مقدار وطبيعة النهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية، لأننا نلاحظ أن حجم التنمية ومشاريعها لا يتوافق تماماً مع قدرات وإمكانيات المكاتب الهندسية السعودية وذلك من الجانب الفني أو المالي أو الخبرة العملية ولهذا السبب تذهب المشاريع الكبيرة لصالح شركات هندسية عالمية وبأسعار مرتفعة جداً ومن هذا المنظور الفني لا تستفيد المكاتب الهندسية السعودية حقيقة من المشاريع الكبيرة ولا تكسب خبرة أو معرفة يكون لها مردود مستقبلي على الوطن، وهذا بلا شك خسارة علمية وتضييع للفرص السانحة حالياً لكي ندرب أبناء البلاد من الشباب (ذكورا واناثا) على تطوير قدراتهم المهنية والفنية من خلال العمل الفعلي في المشاريع التي تُنجز في المملكة في العديد من القطاعات. إن تطوير الخدمات الهندسية الوطنية أمر حيوي جداً للتنمية المستقبلية لبلادنا العزيزة، حيث يتطلب الأمر نقل وتوطين التقنية بشتى مكوناتها الهندسية لتبنى لدينا خبرات ومعارف فنية وعلمية تستطيع القيام مستقبلاً بدراسات وتصاميم هندسية متخصصة في مجالات مطلوبة لدينا محلياً مثل قطاع النفط والغاز والكهرباء والتحلية وغيرها، بما يساعدنا على بناء قدراتنا الذاتية ومن ثم تطويرها لنصل إلى حد عدم الاعتماد على الشركات الهندسية الأجنبية بصورة كليه كما هو الوضع حالياً.. وإلى الأمام يا بلادي.