النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    الصقيع يجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    ترامب يعاقب المحكمة الجنائية الدولية بعد ملاحقة نتانياهو وغالانت    مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يناقش العنف في الكونغو    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    طقس بارد وصقيع في شمال المملكة ورياح نشطة على الوسطى والشرقية    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «تبادل القمصان»    «الشورى» يوافق على 5 مذكرات تفاهم مع دول شقيقة وصديقة    ناقتك مرهّمة؟!    «سدايا»: طورنا أقصى قيمة ممكنة في الذكاء الاصطناعي لتبني الاستخدام المسؤول    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يضم "FATALFURY" إلى قائمة بطولات الأندية لنسخة 2025    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    لأول مرة.. مبيعات التجارة الإلكترونية عبر «مدى» تتجاوز 1.000.000.000 عملية    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    أرض الحضارات    «قيصر» السوري يكشف عن هويته بعد أعوام من تسريب صور التعذيب    لصوص النت.. مجرمون بلا أقنعة    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    يا بخت من زار وخفف    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    فقط في المملكة العربية السعودية !    لا تحسد الثور على كُبر عيونه    العالم الصلب تسيل قواه.. والمستقبل سؤال كبير !    كيف كنا وكيف أصبحنا    أمانة القصيم تُقيم برنامجًا في الإسعافات الأولية مع هيئة الهلال الأحمر    القادسية يتغلّب على الرائد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    «أخضر 20» يخسر ودية إيران    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    جسر حضاري يربط المملكة بالعالم    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    "الرياض للجولف" يحتضن أبرز البطولات العالمية للرجال والسيدات    الحميدي الرخيص في ذمة الله    تغيير مسمى ملعب الجوهرة إلى ملعب الإنماء حتى عام 2029م بعد فوز المصرف بعقد الاستثمار    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    ملك الأردن : نرفض محاولة تهجير الفلسطينيين    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    "سدايا" تجمع روّاد الابتكار بمؤتمر" ليب".. السعودية مركز عالمي للتقنية والذكاء الاصطناعي    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    آدم ينير منزل شريف    الشريف والمزين يزفان محمد    سبعة مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى عالميًا    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب إبداعي ونقدي للقصة القصيرة السعودية.. من المسؤول؟
هل فقدت القصة القصيرة جاذبيتها..؟
نشر في اليوم يوم 25 - 04 - 2015

(القصة القصيرة لا تجذب أحداً، فهي ليست كالرواية لها المقومات الجاذبة)، مقولة قالها من يعتبر نفسه اليوم قاصاً، قالها في يوم القصة العالمي، عندما أجاب عن سؤال يقول: ما هي المعوقات التي لم تجعل للقصة القصيرة اليوم صيتاً كما هو للرواية أو للشعر؟
وأستغرب أن يدّعي كاتب، حمل مشروع القصة القصيرة على كاهله زمنا طويلاً، بل هي هوايته ومحبوبته، وقد طبع فيها كتباً، أن يقول هذا الكلام. إذ كيف يكون للقصة ذنبٌ في ذلك ما دامت منذ البدايات قد أظهرت مفهومها بنحو مميز، وثبتت قواعدها الفنية بشكل ملفت، في زمن كان مكتشفوها ومنظروها، فضلاً عن كتابها، أكثر جدة في فهمها، وتناولها، وتقديم المميز الإبداعي فيها، فأصبحت مادة مثيرة للدهشة، والجدل، واستقطاب الأقلام الكاتبة إليها، حتى أخذت بلباب العقول المفكرة على عاتقها الاعتكاف على قراءتها ونقدها ودراستها والبحث فيها وتداولها بنحو ملحوظ؟
نعم، كانت كذلك في زمن غطت فيه على الرواية والشعر أيضاً.
وأقولها بكل صراحة: إن من لا يعرف القصة القصيرة تماماً، ولم يقرأ أو يتابع ما عليه القصة اليوم في المشهد الثقافي ولدى المتلقي بالذات، بل من لا يمكن أن يرى نفسه مقصراً أبداً.. لا يمكن أن يقول عنها بلسان طلق إلا مثل هذا القول القاصر.
ومن هنا، وفي مقالي هذا، سأتعرض لأغلب وأهم المعوقات، بنحو مختصر، والتي أعتقد أن كلها لا تكمن في القصة، بل في غيرها، لترفع عنها قضبان التهمة، وهي كالتالي:
أولاً: من حيث الكاتب:
1. عدم فهمه التام لمفهوم وكُنه وتعريف القصة تماماً.
2. نتيجة لعدم فهمه للسرد، فإنه غير قادر تماماً على الإتيان بالسرد الفعّال المؤثر المدهش، بل والمتطور الذي يناسب العصر الذي يعيشه.
3. عدم فهمه لمجمل عناصر القصة وطريقة استعمالها في القص.
4. تخلّيه عن بعض أو أغلب خصائص وعناصر القص المطلوبة، لعدم قدرته على القيام به بالنحو المطلوب.
5. استسهاله للقصة، لكونها مشروعاً لا يستحق منه الكثير من الاهتمام، والأخذ بالجوانب الفنية وينصبّ اهتمامه على إخراج الجانب الموضوعي فقط، فتبتعد سمة السردية عنها.
6. خلطه للقصة، فيما بينها وبين الأجناس الأدبية الأخرى بطريقة ساذجة، فلا تكاد تعرفها؛ أهي خاطرة أم مقال أم كائن آخر.
7. عدم قدرته فيها على الإبداع الفني وتطويره والتجديد فيه.
8. عدم قدرته على الإدهاش في إخراج الفكرة والموضوع بطريقة فنية أيضاً، قوامها السرد، بل لم يقدم جديداً فيهما على مستوى الموضوعات والأفكار التي باتت قديمة مستهلكة يجترها بين الحين والآخر.
9. لم يزل غارقاً في تقديم موضوعاته الذاتية تحديداً التي لا تهم أحداً سواه، ولم يخرج إلى المجتمع الذي ينتظر منه التفاعل مع موضوعاته وأفكاره وأحداثه ومتطلباته.
10. لم يلامس بشكل جدي الموضوعات التي لامستها الرواية وتطرقت إليها، بل وتجاوزت فيها الخطوط الحمراء.
11. ما زال يتبنّى فكرة أن الغموض المدقع والرمزية الفاقعة في النص، هما السبيلان لجعل النص جذاباً ومحركاً للعقلية القارئة والمتلقية والناقدة والمفكرة والباحثة والدارسة.
12. عدم قدرته الفائقة على إلقاء نصه على الجمهور وشد انتباههم للنص، وتشدّقه التام إلى اليوم بأن القصة لا تُسمع بل تُقرأ.
13. تعنّت ومكابرة وإصرار البعض على أخطائهم في حال تقديم النقد إليهم وعدم تقبّلهم له، بل وعدم اللجوء بأنفسهم لتعلم القصة في منابعها الصحيحة، وتدارسها بنحو جدي.
هذا هو أهم سبب رئيسي في معوقات جذب القصة القصيرة اليوم، ولذا أشدّ على يد من يرى نفسه محباً أو هاوياً أو حتى متطفلاً، فلابد أن يفهم هذه النقاط التي أوردتها آنفاً، لتكون انطلاقته الأولى إلى القص.
وفي مقال آخر مكمل لهذا المقال، سوف أذكر بقية المعوّقات لتكون إضافة للعلم وإنصاف القصة.
وهناك معوقات أخرى تفصيلها كالتالي:
ثانياً من حيث المؤسسات الأدبية والثقافية:
1- عدم إيجادها لورش ومحاضرات وندوات تهتم بالقصة القصيرة، تبقى مستمرة طوال العام.
2- ليس لها أي دور في إعطاء التوجيهات والملاحظات الهامة التي تقوّم الكاتب، ولو عن طريق جمع كل ما يتعلق بالقصة وطباعته في كتيبات صغيرة وسهلة التناول والفهم؛ لتُقدم للمبتدئ.
3- عدم إيجاد موظفين دائمين في المؤسسة، أو أعضاء بمكافأة مقطوعة، من خيرة النقاد الضالعين في القصة القصيرة ليعملوا على قراءة المنتج وتحفيز أو تطوير أو وضع القاص والمتلقي على طريق الجادة.
4- التساهل في إعطاء الموافقة على طباعة المجموعة القصصية التي تفقد فنيات القصة الحقيقية ذات الجودة والتطور والجدة، مما يجعل الكاتب يعتقد أن الموافقة تلك، هي شهادة بجدارته، بل وتعزز زهوه، وإصراه بأن ما قدمه هو الفعل الحق.
5- التساهل في اختيار طاقم المحكمين الذين إما لا يفقهون في القص تماماً أو هم ليسوا بأصحاب ضمير فيجاملون، أو ليسوا بذوي غيرة على مستقبل القصة فيحابون، أو لم تكن القصة في دائرة اهتمامهم فيناصرون، أو توجد لهم مصلحة فيمررون..
وهكذا، يتركز تحكيمهم على الاهتمام بالأخطاء المطبعية، أو ما يتعارض مع التابوهات الثلاثة الجنس والسياسة والدين ولو بلفظة فقط، فتتم إزالتها، وينتهي الأمر.
6- تحاول المؤسسة أن تظهر ذاتها بأنها مهتمة بذوي التجارب والواعدين، فتحتضن بالطباعة ما غث وسمن وتنسى الجودة. كل ذلك من باب أنها تريد أن تقول لنا: إنها مهتمة بالإصدارات وتطبع الكثير منها.
ثانياً: من حيث الناقد، إذ أصبح اليوم لا يهتم بالقصة القصيرة، فأصبح يرى فيها الكثير من عدم الإبداع ومما لا يعنيه أو يغنيه، وقد توجّه إلى أجناس أخرى، بأسباب موهومة، بل الحقيقة بأنه غاب تماماً عن كل الأجناس الأدبية.
ثالثاً: من حيث الجمهور:
1- من يعرف القصة منهم على نحوين، إما أنه يجامل الكتّاب الذين لا يعرفون القصة بدعوى مناصرة المبتدئين والواعدين. أو له مصلحة ما فيتجاوز عن أخطائهم، وكل ذلك على حساب القصة وجودتها.
2- ومن لا يعرف القصة أبداً، طبيعتهم التصفيق والتطبيل لئلا يُؤخذ عليهم عدم المعرفة، فيتم حسابهم أو التقليل من قيمتهم.
رابعاً: من حيث دور النشر التي تسعى إلى الكتاب الأكثر شهرة في الساحة، لتحقق من ورائه الأرباح الطائلة فقط، ولا تهمها أمور العمل الفنية.
ونتيجة كل ما تقدم ذكره، والكثير مما نعلمه أو لا نعلم به، أمست القصة اليوم ليست بالقصة التي يعرفها الأدب لتكون جاذبة، أي تقريباً فقدت هويتها، إلى جانب فقدها الكبير لجاذبيتها، تلك القصة التي هي بطبيعتها جنس منه قدّم مفهومه وثبّت قواعده في زمن مضى بشكل لافت وملحوظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.