من حُسن حظي أن عملت مع أربعة من رؤساء مجلس إدارة دار اليوم، وبهذا قد أتساوى قليلا مع زميلنا الأستاذ عتيق الخماس، وحين أتطرق إلى الحظ أقصد حين تتعامل مع «الكبار» وتستفيد منهم، من تجاربهم، من العمل معهم، حتى وإن كنت من قيادات الصف الثاني، كيف..؟ لن ابدأ بالشيخ حمد آل مبارك «غفر الله له» مؤسس هذه الدار، ولا برئيس المجلس الحالي الأستاذ الوليد بن حمد آل مبارك، بل لن اتطرق للرئيس الجديد وأنا موظف بالدار، لأنها ستحسب تزلفا وهذا ليس من عاداتي، وان كان الرئيس الجديد يستحق ذلك وهو الذي يمتلك طموح التجربة الإعلامية والعملية وطموح الشباب الدائم. سأبدأ بخريج النفط والصناعة، الشيخ أحمد الزامل «غفر الله له»، المدرسة والدقة والقيادة في دفع العمل المؤسسي المنظم والمحترف، «أبوطلال» جمع تجربته في وزارة البترول وفي أهم الصناعات في القطاع الخاص ليضخها في رئاسة هذه الدار، يبحث دوما عن الرقم الأخير، ويبتعد عن التفاصيل. أما معالي المهندس عبدالعزيز الحقيل -حفظه الله- فهو من يضع بصمته الأخيرة على كل مشروع، وينصح «اعملوا تجربة قبل الانطلاق»، وميزة اخرى لديه في دفع العنصر المواطن ليس في الدار فقط، بل في كل محطات مسيرته العملية، «أبومحمد» جاء في اليوم التالي من انتهاء رئاسته مجلس إدارة «اليوم» للمبنى ليصافح الجميع ويشجعهم لإكمال المسيرة. أما الراحل الكبير الشيخ حمد آل مبارك فقد كتبت عند رحيله -رحمه الله- في الأول من يناير2003، ولم أكن وقتها أعمل في «اليوم» التالي: عرفت الشيخ حمد -رحمه الله- في سن مبكرة حين كان التاكسي يأخذني إلى جريدة «اليوم» في المبنى القديم قرب خط السكة الحديد. هو رئيس مجلس إدارة وأنا المحرر الصغير حيث لا رابط بين رئيس ومحرر صغير لا اسم له. في ذلك المبنى قدمني الاستاذ مساعد الخريصي إليه وكان سؤاله الأول (اسريا) أما التالي فقد كان صارما بما فيه الكفاية وعلى طريقة: هل أكملت دراستك الجامعية؟ إذا ها هو الشيخ رئيس مجلس الإدارة.. أحسست بصرامة الأب وأنا الذي افتقدت ذلك، بعدها جاءت مناسبات عديدة التقيت فيها مثل غيري من محرري الدار معه إلا أنني سرعان ما أدركت أنني لست الوحيد الذي يرتبط بهذا الشيخ ولست الوحيد الذي يعرف قدر تواضعه ولست الوحيد الذي يجد في الشيخ حمد خصلة وفاء وفطرة لطبيعة البشر، كما أنني لست الوحيد الذي يدرك صرامته. كان مجموعة من الخصال والمدارس العفوية، وكان رغم ما تمتع به من نعمة وسمعة قوي الشخصية شديد التواضع يبعد رأسه قبل أن تقبله وهذه خصلة العظماء. هكذا كان الشيخ حمد آل مبارك للجميع مجلسا عامرا بكل طبقات المجتمع خاصة تلك الطبقات العفيفة التي لا تجامل في حبها إلا لمن يبادلها الحب، وهكذا كان الشيخ حمد آل مبارك لم يغتر باسم أو جاه. وما بين محطاتي مع (اليوم) وغيرها استوقفني أكثر من مرة وسأل أكثر من مرة ولو لم تكن تلك من الخصوصية التي لا يصح الكتابة عنها لكتبت عنه رحمه الله وعن تلك المحطات، ولكن أعرف أيضا أن ل(ابو خالد) محطات عديدة مع اناس آخرين اجتمعوا على حب هذا الرجل.رحمك الله في محطتك الأخيرة وغفر الله لك بها. لقد كان الشيخ حمد مدرسة للكبار، وبالطبع كما قاد «آل مبارك» هذه الدار في أصعب الأوقات، ولان العاقل دوما يفهم أن السوق في كل مرحلة هو أصعب الأوقات فإننا متفائلون أن يقود الرئيس الجديد بطموح الشباب مركب الدار إلى آفاق أوسع من التميز والنجاح، مستكملا مسيرة مؤسس وراعي انطلاقة هذه الدار، فهو ابن التجربة.