الشمائل الحميدة والخصال الكريمة الفاضلة في زمان طغت فيه الماديات هي من المطالب العزيزة النادرة؛ ولمّا كانت كذلك وجدتها غاية العقلاء ومقصد الفضلاء، ففي تقلبك في أيام الدهر ولياليه تجد أفراداً يعز في الناس نظيرهم نالوا من تلكم الخصائل والشمائل أوفر الحظ والنصيب، فإذا جاد عليك الزمان بفذ من الأفذاذ كذلك فأنخ لديه ركابك وانهل من نبعه الصافي خلقاً وفضلاً وأدباً جمّاً. فكيف إذا جاد الزمان ليس بفرد وإنما أسرة بأكملها توارثت المجد والفضل كابراً عن كابر! فلها القدح المعلّى في كل خير وفضل أسرة دين وعلم وشهامة من سادات أهل الأحساء المباركة هم أسرة (آل مبارك) من بني تميم، فجعت السبت الماضي بوفاة رجل من رجالاتها وسّيد من ساداتها وهو العم الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ مبارك رحمه الله رحمة الأبرار وعظّم أجر ذويه ومحبيه، بلغني الخبر قبيل ساعة دفنه فأسفت غاية الأسف وقصدت الأحساء معزياً في الفقيد ابنه معالي شيخنا الشهم د. قيس بن محمد بن عبداللطيف آل الشيخ مبارك - عضو هيئة كبار العلماء، حفظه الله - والأسرة الكريمة، وصلت الأحساء وكل من سألته عن مكان العزاء ذكرهم بخير ودلني حتى بلغته، بم ارتفع ذكرهم؟ وسبقهم صيتهم الحسن حتى إلى خارج البلاد؟ لم يكن بمال أو جاه أو مناصب؛ إنما كان بحسن الخلق وطيب الشمائل وبذل المعروف، عرفت معالي الشيخ قيس فما وجدت إلا الخلق النبيل والتواضع الجم وعفة اللسان وبذل المعروف والنجدة وحب الخير للناس فهو - حفظه الله - ذو شخصية آسرة قل في الناس نظيرها.. ورأيت في مجلس العزاء من (آل مبارك) جميعاً من الخلق وطلاقة المحيا ولطف التعامل مع المعزين بل حتى فيما بينهم شيباً وشباباً ما يسر الخاطر ويبهج النفس ونهلت منه الدرس تلو الدرس: بأن الأخلاق والشمائل الحميدة يتوارثها الأبناء من الأباء جيلاً بعد جيل: فما يك من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطي إلا وشيجه وتغرس إلا في منابتها النخل فأنعم بها من أسرة كان هذا خلقها في أصعب لحظاتها في حين المصاب و العزاء فكيف بها في غيره؟! فإلى شيخنا قيس نجل الفقيد العم محمد - رحمه الله - وعموم أسرة (آل مبارك) أقول: عظّم الله أجركم وأحسن عزاءكم وغفر لفقيدكم وجمعنا وإياكم وإياه في دار كرامته في الفردوس الأعلى من جنته إن ربي لسميع الدعاء، وحقاً إن من خلّف أبناء صالحين أمثالكم هو حيٌ بين الناس بطيب الذكر وحسن السجايا والخصال: سلا القلب وإن كان لا يسلو بوارث مجد لخالفه يتلو إن كان أدمى القلب فقدك إنه شفاه قيام من لخلفك أهل