أكد خبراء اقتصاديون سعوديون أن ما تشهده اليمن من انخفاض كبير في سعر صرافة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية هو نتيجة لما تشهده البلاد من أوضاع سياسية وحالة الحرب التي تعيشها الآن، ما أدى إلى نفاد احتياطات النقد الأجنبي، وتوقف شبه تام لصادرات النفط والغاز التي تشكل 70 بالمائة من إيراداته. وأوضح اقتصاديون ل «اليوم» أنه قد يتراجع سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الأمريكي، حيث وصل سعر صرافته إلى 225 ريالا يمنيا لكل دولار أمريكي، وكذلك بالنسبة إلى الريال السعودي وصل سعر الصرافة إلى 57 ريالا يمنيا أمام الريال السعودي. في البداية يؤكد الدكتور سالم باعجاجة مختص اقتصادي انهيار سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية بنسبة 15 بالمائة، وعلى رأسها الدولار الأمريكي الذي سجل رقمًا قياسيًا بالوصل إلى 225 ريالاً مقابل الدولار، الذي اختفى تمامًا مع عملات دولية أخرى من سوق الصرافة. ويرجع باعجاجة انهيار الريال اليمني إلى توقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة ونفاد عملات النقد الأجنبية من شركات الصرافة في اليمن وذلك يرجع إلى الإقبال الكبير الذي شهدته محلات الصرافة من قبل المواطنين على تحويل الريال اليمني إلى عملات أجنبية مع بداية عاصفة الحزم خوفا من انهيار سعر العملة المحلية. من جهته، يرى الخبير الاقتصادي محمد بن فريحان، أن انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية الأخرى جاء نتيجة حالة التدهور الاقتصادي التي تعشيها اليمن وذلك إثر الثورات التي مر بها البلد وفوضى الحوثيين فيها وحالة السياسة التي يمر بها اليمن في الوقت الحالي من حرب وغياب الحكومة الشرعية. ويتوقع بن فريحان أن الاقتصادي اليمني سوف يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يتعافى ويعود للانتعاش وذلك يرجع إلى حاجة البلد للاستقرار الحكومي وتشكيل حكومة قادرة على مسك زمام الأمور ومانعة لأي تعد يطول أراضيها واقتصادها، وأيضا إعادة البنية التحتية، ووصول الدعم الاقتصادي لها. يؤكد بن فريحان أن ما يشيع حول انضمام اليمن للاتحاد الخليجي سوف يساهم بشكل كبير في تعافيها اقتصاديا وسياسيا. ويؤكد المحلل الاقتصادي والمصرفي فضل البوعينين أنه منذ الانقلاب على الشرعية وسيطرة الحوثيين على اليمن ومؤسساته؛ وعلى وجه الخصوص البنك المركزي والمؤسسات المالية؛ والريال اليمني يواجه ضغوطا مستمرة أدت إلى انهياره أمام العملات الرئيسة؛ ويعزى هذا التدهور الحاد والسريع إلى أسباب رئيسة كثيرة. وأبان البو عينين أن تراجع احتياطي النقد الأجنبي بشكل لافت وخطير لتصل إلى 4.3 مليار دولار؛ وتوقف صادرات النفط والغاز التي تشكل 70% من إيرادات اليمن؛ وتوقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة والتطورات الأخيرة التي أدت إلى شل الحركة الاقتصادية وقطع علاقة اليمن بمحيطه الإقليمي وبالتالي انقطاع العلاقات المالية والتجارية؛ إضافة إلى ظروف التطورات السياسية والعسكرية التي أدت إلى انخفاض غير مسبوق لسعر صرف الريال اليمني أمام الدولار في سوق الصرافة خلال اليومين الماضيين؛ وهو أمر سببه الحوثيون وأعوانهم بعد انقلابهم على الشرعية وإصرارهم على عدم التراجع والاعتراف بالشرعية. وأكد البو عينين أن أهمية الاحتياط النقدي في البنك المركزي تكمن في استخدامها لحماية الريال من جهة؛ ولاستخدامها في تمويل استيراد المواد الغذائية ومشتقات البترول لتلبية احتياجات المواطنين؛ جزء من تلك الاحتياطيات هي وديعة سعودية بلغت مليار دولار قدمتها المملكة لدعم البنك المركزي وحماية الريال؛ ولولا وجودها لساءت الأحوال بشكل أكبر. احتياطيات اليمن الحالية لا تكفي لسد احتياجات الدولة لأكثر من أربعة أشهر تقريبا؛ وهذا ما يؤكد حدوث الانهيار التام للاقتصاد؛ وكارثة إنسانية غير مسبوقة تسبب بها الانقلابيون الحوثيون وأعوانهم. وأوضح البوعينين أن هناك شللا ماليا شبه تام في اليمن؛ وهذا فرض على المواطنين التعامل بالدولار الأميركي بدلا من الريال اليمني؛ وهو ما حمل البنك المركزي على إصدار تعميم للبنوك بوقف التعامل بالدولار؛ تخفيفا للضغوط التحويلية التي تؤثر سلبا على قيمة الريال؛ حيث بدأ اليمنيون بتحويل مدخراتهم من الريال إلى الدولار وهذا أسهم بالضغط علي الريال، انهيار العملة الوطنية تنذر بانهيار تام للاقتصاد؛ وتسهم في رفع نسبة التضخم بشكل كبير ما قد يزيد من مشكلات الشعب اليمني الذي يعاني حاليا بسبب ندرة المواد الغذائية والمكررات النفطية؛ وستزيد معاناته مع الارتفاعات الحادة في الأسعار. وأشار فضل البوعينين إلى أن استمرار المواجهة سيعجل في انهيار الريال وبالتالي الاقتصاد اليمني وهو أمر يجب أن يدركه الانقلابيون الحوثيون وعلي صالح وكل من عاونهم؛ وفي مقدمتهم الجيش اليمني الذي يتحمل الجزء الأكبر من الكارثة الإنسانية والاقتصادية والعسكرية التي ستحل باليمن؛ بسبب دعمه أعداء الوطن والشعب اليمني. اليمن في حاجة أولا إلى عودة الشرعية والأمن والاستقرار حيث يمكن للدول الداعمة أن تقدم الدعم المالي الذي سيدعم الريال وسيتوفر احتياطيات نقدية للبنك المركزي يمكن من خلالها تمويل احتياجات الدولة. إضافة إلى ذلك، وبعد الأمن وعودة الشرعية فاليمن في حاجة الى مشروع متكامل للدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار، وهذا من المسلمات التي ستتحقق بإذن الله مع عودة الشرعية، والأمن القاعدة التي يمكن أن يعاد بناء الاقتصاد اليمني ودعم العملة المحلية عليه. وبحسب ما ذكرته إحصائيات البنك الدولي يعد اليمن صاحب أضعف اقتصاد في شبه الجزيرة العربية الذي يعاني 54 بالمائة من سكانه من الفقر، في حين يواجه 45 بالمائة منهم صعوبة في الحصول على المياه والغذاء.