بعد أن أعلنت وكالة ناسا الأمريكية لعلوم الفضاء ترشيحها لزميل دراستي رائد الفضاء العقيد البحري المتقاعد سكوت كيلي وترشيح وكالة روسيا الفدرالية الفضائية لرائد الفضاء ميخائيل كورنينكو لقضاء عام كامل في محطة الفضاء الدولية، قامت وكالة ناسا بتقديم الدعوة لعدد محدود لأقارب وأصدقاء رائدي الفضاء ليكونوا متواجدين إما في مدينة بيكانور بكازاخستان؛ لمراقبة إطلاق صاروخ سيوز والذي يحمل رائدي الفضاء أو في مبنى المراقبة بمركز جونسون لعلوم الفضاء التابع لوكالة ناسا بمدينة هيوستن الأمريكية. ولكن لضيق الوقت فقد تم إعطاء الأولوية للذهاب إلى كازاخستان ومرافقة رائد الفضاء سكوت كيلي لأخيه التوأم مارك والذي هو رائد فضاء أيضا وابنتيه وأصدقاء آخرين. ولهذا قرر المنظمون أن أكون متواجدا في مركز المراقبة لوكالة ناسا بمدينة هيوستن، حيث إنه سبق لي أن رأيت عملية اطلاق صاروخي وكان ذلك عندما تم إطلاق أول مكوك فضائي (كولومبيا) في بداية الثمانينيات بولاية فلوريدا. وفي يوم وساعة الاطلاق والذي صادف الساعة الثالثة عصرا من يوم الجمعة بتاريخ 27 مارس بتوقيت الوسط الأمريكي، أقلع صاروخ سيوز من قاعدته بكازاخستان وبدأ مركز المراقبة عمله في وجود شاشات مراقبة كبيرة وكمبيوترات يراقبها علماء وأطباء وغيرهم. ومن ثم قام والد رائد الفضاء بدعوتنا للعشاء وليرجع الجميع بعدها لمراقبة وصول صاروخ سيوز للمحطة الدولية بعد سبع ساعات من عملية الاطلاق لتلتحم المركبتان ويدخل الطاقم إلى محطة الفضاء الدولية وتبدأ أحد أهم وأصعب مهام التجارب في الفضاء الخارجي. وللعلم فستنطلق من ولاية فلوريدا مركبة فضائية محملة بإمدادات جديدة للمحطة الدولية. وما هو مختلف في هذه الرحلة هو تواجد اثنين من رواد الفضاء لمدة عام كامل في المحطة الدولية رغم أن هناك أطقما مكونة من اثنين إلى ثلاثة من رواد الفضاء ستأتي للمحطة الدولية لمدد مختلفة. ولكن الأهم هو التجارب العديدة التي سيتم إجراؤها في ظل غياب الجاذبية الأرضية. ومن أهمها مقارنة التطورات والتغيرات في حركة القلب وكمية العضلات المفقودة أو المكتسبة وكذلك تأثر العظام لرائد الفضاء الأمريكي ومقارنة ما يحدث له في الفضاء الخارجي وما يحدث لرائد الفضاء التوأم المتواجد على سطح الأرض. وهذه خطوة تعتبر مهمة للاستعداد لذهاب الإنسان إلى الفضاء السحيق مثل الرحلات التي يخطط لها علماء الفضاء للهبوط على كوكب المريخ والذي يتطلب المكوث في ظل غياب جاذبية أرضية لمدد طويلة. لقد كان التواجد في مركز المراقبة تجربة فريدة. وهذا المركز من أهم مراكز المراقبة للأقمار الصناعية والأجرام السماوية ويخضع لحراسة مشددة لدرجة أنك لا تتحرك إلا ومعك مراقبون ملاصقون لك. وقد تواجد الكثير من محطات التلفزيون ووسائل الإعلام, إلا أن جريدة اليوم كانت الوحيدة المتواجدة من العالم العربي والشرق الأوسط في وسط حدث علمي لن يتكرر مرة أخرى ولن يعرف العالم نتائجه إلا بعد 27 مارس من العام 2016م. كاتب ومحلل سياسي