بعد توالي الأخبار حول الإنجازات في برامج علوم الفضاء في هذه الأيام والحديث عن مدى التطور الهائل في علوم الفضاء وتطلع وكالات الفضاء العالمية إلى التخطيط للقيام برحلات إلى المريخ, طفا إلى السطح بعض الاستفسارات حول مواقع إطلاق الصواريخ الفضائية من ولاية فلوريداالأمريكية بالنسبة لوكالة (ناسا) وعن مدينة بيكانور في كازاكستان بالنسبة للصواريخ الروسية وغيانا الفرنسية قرب خط الاستواء بالنسبة لبرنامج الفضاء الأوروبي. فأما بالنسبة لمركز إطلاق الصواريخ الروسية, فقد تم اختيار المكان أثناء الحرب الباردة بسرية تامة لبعده عن المدن الكبرى مع أنه ليس قريبا من خط الاستواء. ولم يكن يوجد لدى الاتحاد السوفييتي في تلك الفترة خيار غير ذلك. وفي الوقت الحالي تدفع روسيا مبالغ مالية سنوية لاستخدام المنشآت الروسية رغم أنها تبحث الآن عن مكان يكون داخل روسيا. والروس لا يريدون إطلاق الصواريخ من بيكانور سواء من الناحية العلمية أو السياسية ولكن في الوقت الحالي ليس لديهم أي خيار آخر. واما بالنسبة للولايات المتحدة واوربا فإن اختيار المكان هو الافضل من الناحية العلمية. فالمواقع القريبة من خط الاستواء هي الأكثر سرعة أثناء دوران الأرض لأن هذا يعطي دفعة أقوى باتجاه الفضاء.. وفي بداية برنامج الفضاء الأمريكي كان إطلاق الصورايخ يتم في ولاية (نيومكسيكو) ولكن بعد أن تطور علم الفضاء احتاج الأمريكان إلى مناطق تكون قريبة من المحيط وفي الجزء الجنوبي الشرقي الأقرب لخط الاستواء. وقد كانت مواقع الاطلاق في ولاية فلوريدا في ذلك الوقت بها مساحات غير مأهولة ولكن يوجد بها طرق متطورة بسبب قرب احدى القواعد الجوية للموقع في ذلك الوقت. وما ينطبق على وكالة ناسا للفضاء ينطبق على موقع الإطلاق لوكالة الفضاء الأوروبية. بحيث انه ما أن يتم إطلاق اي صاروخ باتجاه الفضاء ويصل إلى ارتفاع محدد فليقوم بعدها يتجه إلى الشرق مع دوران الكرة الأرضية التي تعطيه قوة دفع أو ما يسمى ب(لينير فيلوسيتي). ولهذا لو تم إطلاق الصواريخ الأمريكية من الغرب الأمريكي, فإن الصواريخ تحتاج إلى قوة دفع أكبر وتستهلك وقودا أكثر وكذلك لا بد لها من التحليق شرقا فوق الأراضي الأمريكية أثناء بداية دخولها لمجال الفضاء الخارجي. ولهذا من الملاحظ أن صواريخ الدفع في برامج الفضاء الروسية وسابقا السوفييتية تكون أكبر وأقوى من الصواريخ الأمريكية لحاجتها لقوة دفع أكبر. وفي الوقت الحالي فبرنامج الفضاء الروسي يرغب في تغيير مكان الإطلاق الذي لم يعد تحت سيطرة موسكو بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. ولا تزال هناك مباحثات بين البلدين (روسيا وكازاخستان) حول هذا الموضوع مع ان روسيا لا تزال تحتاج لمنصات الإطلاق ومنشآت البنية التحتية لإطلاق صواريخ من نوع (سيوز) في بيكانور والتي مهمتها الطيران إلى المحطة الدولية. ولهذا فوكالة ناسا الفضائية الأمريكية وغيرها من الدول تقوم باستخدام صواريخ سيوز الروسية قوية الدفع لنقل أي معدات أو رواد فضاء إلى المحطة الدولية. وفيما يخص أهمية القرب من مسطحات مائية فإن تواجد مسطحات مائية في شرق إطلاق منصة الصواريخ يكون أكثر أمانا بحيث يمر الصاروخ أثناء ارتفاعه على مسطحات مائية. وكذلك فبرنامج المكوك الفضائي والذي بدأ قبل حوالي (30) عاما وتوقف قبل عدة سنوات يقوم بإلقاء خزانات الوقود المستهلكة في المحيط ليتم انتشالها وإعادة استعمالها.