قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يوما ما: إنه "سيحمي إسرائيل دائما"، لكنه قد يعيد النظر في هذا الوعد إذ يدرس مساعدوه الخيارات رداً على تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حل الدولتين لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط. وقال مسؤولون أمريكيون: إنه بعد تحذير أوباما من أن الولاياتالمتحدة "ستعيد تقييم" علاقتها مع إسرائيل، فإن الإدارة الأمريكية لا تعيد التفكير في الغطاء الدبلوماسي الذي تقدمه منذ وقت طويل لإسرائيل في الأممالمتحدة فحسب، وإنما تبحث أيضا عدداً من الاحتمالات الأخرى للضغط على حليفتها التاريخية الوثيقة. وقد يشمل هذا حماية إسرائيل بقدر أقل في المنتديات الدولية وإيجاد سبل جديدة لتعزيز معارضة الولاياتالمتحدة لتوسيع المستوطنات اليهودية. ومع استمرار المناقشات الداخلية الجمعة، فإن البيت الأبيض لم يتعجل فيما يبدو لتخفيف حدة أسوأ أزمة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل منذ عقود، والتي تفجرت بعد إعلان الحملة الانتخابية لنتنياهو قبل انتخابه مرة أخرى أن إقامة دولة فلسطينية لن تكون على جدول أعماله. وأوضح البيت الأبيض لليوم الثاني على التوالي أنه لا يثق كثيرا في جهود نتنياهو لتغيير موقفه منذ أن فاز بالانتخابات، يوم الثلاثاء، إذ أكد على أنه يؤيد حل الدولتين الذي يمثل حجر الزاوية لسياسة واشنطن في منطقة الشرق الأوسط. لكن لم تظهر إشارة على أي خطوة وشيكة لتحويل لهجة تصريحات الإدارة الأمريكية الحادة ضد نتنياهو إلى تغيير ملموس في السياسة. ونتيجة ذلك تساءل بعض المحللين عما إذا كانت واشنطن ستكتفي بوضع رئيس الوزراء الإسرائيلي في موضع الدفاع، بينما تلوح في الأفق مهلة آخر مارس الخاصة بجهود تقودها واشنطن للتوصل إلى اتفاق إطار نووي مع إيران وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة. وقال دانيال كيرتزر السفير الأمريكي السابق في إسرائيل: "إن الإدارة تضع كل شيء على الطاولة باستثناء المساعدة الأمنية.. وسيمنح هذا نتنياهو الوقت للتراجع عن تصريحاته بمصداقية أكبر." وأضاف: "لن أتوقع أيضا أي قرارات قبل أن يصبح الموقف فيما يتعلق بالمفاوضات مع إيران أوضح." تفاقم الشقاق وفي الأحاديث الخاصة يدرك المسؤولون الأمريكيون أن العاصفة الدبلوماسية قد تؤدي إلى تفاقم الشقاق بين الإدارة والمعسكر القوي الموالي لإسرائيل في الولاياتالمتحدة، وقد تثير المشاكل للديمقراطيين الذين ينتمي إليهم أوباما مع اقتراب الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2016. وعبر مسؤول أمريكي عن تشككه في أن تغير الإدارة موقفها تجاه إسرائيل بدرجة كبيرة، قائلا: إنه رغم انزعاج البيت الأبيض من نتنياهو، فإن الثمن السياسي الداخلي لإبعاد الأمريكيين الموالين لإسرائيل سيكون باهظا بشدة على الأرجح. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية: "لا أثق في إعادة التقييم". لكن دينيس روس كبير مستشاري أوباما السابق في الشرق الأوسط قال: إن ضغط البيت الأبيض له دوافع أخرى أيضا. وتابع مشيراً إلى رغبة الولاياتالمتحدة في أن تفرج إسرائيل عن أموال الضرائب الفلسطينية المجمدة، وغير ذلك من بوادر حسن النوايا "هناك جهد لممارسة النفوذ على الإسرائيليين حتى يتحرك رئيس الوزراء بشأن بعض الأمور عندما يشكل حكومة جديدة." إعادة النظر وسيكون تغير موقف واشنطن في الأممالمتحدة من بين المخاطر الجسيمة على إسرائيل. وتعارض الولاياتالمتحدة منذ وقت طويل جهود الفلسطينيين لاستصدار قرار من الأممالمتحدة يعترف بالدولة الفلسطينية، ولوحت باستخدام حق النقض (الفيتو) كما وفرت لإسرائيل الحماية من جهود لعزلها دوليا. لكن الحكومات الأوروبية الساخطة من تصريحات نتنياهو أثناء الحملة الانتخابية ضد قيام الدولة الفلسطينية قد تنضم إلى مسعى جديد وراء مثل هذا القرار. وقال ديفيد ماكوفسكي، وهو عضو سابق في فريق أوباما في محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي انهارت العام الماضي: إن السؤال هو "هل ستفكر الولاياتالمتحدة في عدم استخدام الفيتو بدلا من اتفاق للوضع النهائي مع الفلسطينيين؟" وأضاف ماكوفسكي الذي يعمل حاليا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "لا يوجد شك أن هذا الأسلوب سيؤدي إلى عاصفة بين الحكومتين إذا مضى قدما." وقال مسؤول أمريكي: إن خيارا آخر قد يكون قيد البحث ومثيرا للجدل أيضا. فربما يتضمن تقرير تقدمه الإدارة للكونجرس في الأسابيع المقبلة عبارات تنتقد البناء في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة. وسيتناول القرار ضمانات القروض الأمريكية لإسرائيل بما في ذلك المبلغ الذي ينفق على المستوطنات. وليس من المرجح أن تغير واشنطن معارضتها لانضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية الشهر المقبل، لكنها قد تصبح أقل حدة في انتقاد الخطوة. وهدد بعض أعضاء الكونجرس بالفعل بالسعي لوقف المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية إذا مضت الأخيرة في تهديدها بالسعي لتوجيه اتهامات جرائم حرب إلى إسرائيل فيما يتعلق بالحرب على قطاع غزة العام الماضي. وتشمل الاحتمالات الأخرى أن يحجم أوباما عن اللقاءات الثنائية مع نتنياهو. ولم يدع مسؤولو البيت الأبيض مجالا كبيرا للشك في أن السفير الإسرائيلي في واشنطن دون ديرمر أصبح منبوذا إلى حد كبير من قبل قطاعات في الإدارة، بسبب دوره في التخطيط للكلمة التي ألقاها نتنياهو أمام الكونجرس هذا الشهر وانتقد فيها سياسة أوباما تجاه إيران.