بعد سبعة أسابيع من الصعود المتواصل تراجع سوق الأسهم السعودية بأقوى وتيرة له منذ شهرين ونصف الشهر تقريباً, حيث أغلق على خسائر سوقية بنحو 516 نقطة أي بنسبة 5.3%. وبهذا التراجع الكبير يكون السوق قد ألغى مكاسب 5 أسابيع ماضية ليعلن بشكل مؤكد أن المسار الهابط المنتظر قد بدأ بالفعل وأن السوق مقبل على تراجعات أخرى قد يكون عامل تراجع أسعار النفط وإعلانات الربع الأول من العام الحالي محركاً رئيساً لها خلال الأيام القليلة المقبلة. أما من حيث السيولة المتداولة فقد شهدت خلال الأسبوع المنصرم ارتفاعاً كبيراً، حيث بلغت مستوى 52.5 مليار ريال أي أكثر بحوالي 3.8 مليار ريال مقارنةً بالأسبوع الذي قبله. وهذا الارتفاع الكبير في السيولة هو الأكبر منذ مطلع شهر يناير الماضي وهذا يدل على أن المتداول الكريم يجب أن يتعامل مع السوق حالياً على أن في مسار هابط, بمعنى أنه يغلّب الجانب السلبي في تحركات الأسهم وأن السوق بصدد مواصلة مساره الهابط خاصةً إذا ما تم الإغلاق لأكثر من يومين تحت الدعم المفصلي والرئيس 9,000 نقطة الذي - في نظري - يمثّل محور تحركات السوق خلال الأشهر القليلة المقبلة لذلك لابد من مراقبة هذا الرقم جيداً. أهم الأحداث العالمية رغم التراجع الذي اجتاح خام برنت بداية الأسبوع الماضي، إلا أنه سرعان ما عاد ليمحو تلك الخسائر خلال جلسات نهاية الأسبوع, وذلك يدعو إلى التفاؤل بأن الخام قد يبدأ موجة صعود جديدة، لكن ذلك مرهون بشرطيَن، الأول: استمرار ثباته فوق دعم 50$ الذي بكسره قد يسجل الخام خلال العام الحالي مستويات دنيا جديدة ستعود بالضرر على الدول المنتجة. الثاني: اختراق مستوى 60$ والثبات أعلى منه حتى تتأكد الموجة الصاعدة الجديدة التي قد تلامس مستوى 70 دولارا، لكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن التوجهات السياسية للمملكة ستلعب دوراً كبيراً في هذا الجانب التي قد تحدده تطورات الأوضاع في الساحة السياسية في مناطق التوتر في المنطقة. أما خام وست تكساس فقد وصل خلال الأسبوع الماضي إلى هدفه السلبي المرصود عند 44 دولارا للبرميل، لكن هل يكتفي بهذا الهبوط؟ في رأيي أن الخام الأمريكي لابد من ثباته فوق مستوى 42 دولارا لأنه هو الفيصل لتحركات الخام خلال الأشهر المقبلة, فكسر تلك النقطة يعني أن الخام قد يهوي لمستويات لم يشهدها منذ مدة طويلة وهذا قد يدفع بالحكومة الأمريكية إلى اتخاذ عدة إجراءات اقتصادية للحد من تداعيات تلك المشكلة. أما في حالة بقاء الخام فوق المستويات الحالية فذلك يؤهله للعودة مرةً أخرى فوق مستويات 50 دولارا للبرميل وهو ما سيضع حداً للتدهور الكبير في القطاع النفطي الأمريكي. من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب بدأت نوعاً ما في التحسن التدريجي, فقد احترمت الأسعار خلال الأسبوع المنصرم مستويات 1,140 دولار للأوقية وهذا أمر إيجابي للأيام المقبلة، لكن حتى تتأكد الإيجابية لابد من العودة فوق مستويات 1,200 دولار ليتأكد عندها دخول المعدن الثمين في موجة صاعدة جديدة. لكن في الوقت نفسه لابد من الانتباه لدعم 1,140 دولار فكسر تلك المنطقة ترجح بشكل كبير تراجع الأسعار لما دون 1000 دولار للأوقية. أهم الأحداث المحلية أعلنت هيئة السوق المالية عن موافقتها على طرح 15 مليون سهم من أسهم شركة الشرق الأوسط لصناعة وإنتاج الورق للاكتتاب العام وتمثل (30%) من أسهمها وسيخصص جزء منها للصناديق الاستثمارية والأشخاص المرخص لهم. وستُطرح أسهم الشركة خلال الفترة من 19/06/1436ه الموافق 08/04/2015م إلى 25/06/1436ه الموافق 14/04/2015م. كما أعلنت الهيئة موافقتها على زيادة رأس مال شركة مجموعة أسترا الصناعية من (741,176,470) ريال إلى (800,000,000) ريال بمنح خمسة أسهم مجانية مقابل كل (63) سهما يملكها المساهمون المقيدون بسجل المساهمين بنهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية والتي ستحدد في وقت لاحق. أيضاً وافقت هيئة السوق على طلب بنك البلاد زيادة رأس ماله من 4 مليارات ريال إلى 5 مليارات ريال بمنح سهم مجاني مقابل كل (4) أسهم قائمة يملكها المساهمون المقيدون بسجل المساهمين بنهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية التي ستحدد في وقت لاحق. التحليل الفني من خلال النظر إلى الرسم البياني لسوق الأسهم السعودية نجد أن تحركات الأسبوع الماضي كانت ذات دلالة كبيرة للمحلل الفني لأن كل حركة حدثت خلال جلسة الأربعاء الماضي كانت تعني شيئاً ما. فالافتتاح دون مستوى 9,320 نقطة كان يشير إلى أن السوق سيتخذ المسار الهابط خلال تلك الجلسة, ثم أتى كسر دعم 9,200 نقطة ليؤكد أن الجلسة ستكون استثنائية في الهبوط وفعلاً حدث ذلك. لكن الأهم كان كسر دعم 9,000 نقطة التي كان من المفترض أن يقف عندها مسلسل التراجعات، لأنها كانت تشكّل دعما تاريخيا وليست دعما لحظيا، لكن ما حدث هو أن تم كسر تلك النقطة بكل قوة وهذا ما يفسّر وصول التراجعات تلك الجلسة في أدناها إلى حوالي 416 نقطة أي بنسبة 4.4%. وخلال هذا الأسبوع وما بعده أتوقع أن يكون هناك بعض الارتدادات الصاعدة التي لا تنفي كون المؤشر العام في مسار هابط ما لم يتم تجاوز قمة 9,700 نقطة التي لا أتوقع الوصول إليها، ثم بعد ذلك يُستأنف المسار الهابط وعندها لا بد من مراقبة الحركة السعرية حول مستويات 9,000 نقطة. فاحترام تلك المنطقة يعني أن الهبوط سيأخذ منحنى عرضيا، ثم سيبدأ موجة صاعدة جديدة وهذا في نظري سيناريو ضعيف. أما عند الفشل في الثبات فوق مستوى 9,000 نقطة فيعني أن الهبوط سيكون قويا وضاغطا حتى دعم 8,500 نقطة تقريباً, وهذا ما أتوقع حدوثه، لأن النزول دون مستوى 9,000 نقطة الذي حدث خلال جلسة الأربعاء الماضي يشير إلى أن كسر تلك النقطة حاصل لا محالة رغم أنه عاد خلال نفس الجلسة للإغلاق فوقها وهذا ما يُعرف في علم التحليل الفني بنظرية "الكسر المؤقت". أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية يسير بنفس حركة المؤشر العام وهذا يدل على أنه القطاع الأكثر تأثيراً على حركة السوق خلال الفترة الماضية. وقد كانت دلالات الهبوط قد بدأت - بعد أن فشل القطاع - في الثبات فوق مستوى 21,500 نقطة التي كانت شرارة النزول الأولى، ثم ما لبث أن فقد القطاع زخمه الشرائي وهو ما جعل نسبة البيوع تزداد وتيرتها. لكن من المهم ان يبقى القطاع فوق مستوى الدعم الأول عند 19,650 نقطة التي من المتوقع أن يصل اليها القطاع هذا الأسبوع وأهمية هذه النقطة تكمن في أن فقدانها سيدفع القطاع للهبوط حتى مناطق 19,000 نقطة وهو ما سيشكّل ضغطاً ملحوظاً على السوق بشكل عام، وقد تفقد معه شركات هذا القطاع القيادي نسبة لا يستهان بها من قيمته السوقية. من جهة أخرى أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد كوّن نموذجاً سلبياً أكّده خلال تداولات الأسبوع الماضي ليتجه معه لمستويات 5,200 نقطة بمعنى أن القطاع سيفقد حتى تلك المنطقة حوالي 13% تقريباً من قيمته السوقية، وأتوقع أن تفقد شركات هذا القطاع القيادي نفس النسبة تقريباً وهو ما سيضغط بطبيعة الحال على المؤشر العام للسوق. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي قطاعات التجزئة والطاقة والاتصالات والتطوير العقاري والإعلام. في المقابل أتوقع أن تكون قطاعات الاسمنت والزراعة والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والنقل والفنادق والسياحة ضمن قائمة القطاعات السلبية هذا الأسبوع.