صدارة المملكة العالمية للحوادث المرورية تقدم صورة مأساوية ومؤسفة لوعينا وثقافتنا المرورية، فهناك أرواح تروح وأجساد تصاب بعلل مختلفة، وخسائر مادية باهظة، تتطلب رفع سقف الوعي المروري على نهج أفضل من الحالي الذي يهدر الحياة في الطرق والشوارع، خاصة وأن الأسباب بشرية بالدرجة الأولى ولا تتعلق بتقنيات السيارات أو جودة الطرق رغم وجود ملاحظات طفيفة لا تؤثر كثيرا في ارتفاع الأضرار على هذا النحو القاتل. ولكل مراقب أو متابع يمكن أن يستشعر القلق حين يطلع على الإحصائيات الخاصة بالحوادث المرورية في المملكة والتي تكشف عن تسجيل حالة وفاة كل 70 دقيقة بسبب هذه الحوادث، ذلك يعني أننا لا نتعامل على نحو مثالي مع القيادة من حيث انها ذوق وفن واحترام لإرشادات وتوجيهات المرور أسوة بكل العالم، وحين نرى مشاهد للتعامل السلبي مع نظام ساهر يمكن أن نفسر جزءا من الحقيقة الكارثية للحوادث. تتعرض أجهزة نظام ساهر للعبث وتعطيلها لأنها تحرم بعض السائقين من متعة الموت من خلال السرعة العالية التي يضبطها النظام، وكأن العابثين يريدون ذلك الموت، ليس لأنفسهم ولكن أيضا لغيرهم، ومن المعلوم أن احترام آداب الطريق ونظم القيادة الوقائية والآمنة سلوك حضاري ينبغي أن نرتفع إليه إن لم نتحلّ به، وذلك يحدث وللمفارقة رغم البرامج التثقيفية والتوعوية الكثيفة التي تطلقها إدارات المرور وبعض الشركات الكبيرة من قبيل المسؤولية الاجتماعية، والله أعلم كيف كان يمكن للحال أن يكون لولا هذه البرامج. في العام 2014م أظهرت دراسة أن إجمالي التكاليف الشاملة للحوادث المرورية في المملكة تقدر بنحو 87.17 مليار ريال، وذلك هدر مادي كبير كان يكفي احترام القواعد المرورية لتقليله إلى حد أدنى مناسب واستثمار الباقي في الناتج المحلي، ولكن المتهورين لا يكترثون لذلك، ولكي تكتمل الصورة استشهد بإحصائية أخرى تشير إلى أن 90% من الحوادث المرورية الخطيرة التي تشهدها المملكة، تقع بسبب خمس مخالفات، وهي الانشغال بالجوال أثناء القيادة، وتجاوز الإشارة الحمراء، عدم ترك مسافة كافية بين السيارة والأخرى، وعدم الالتزام بالأولوية في الدوار، إضافة إلى التغيير المفاجئ لمسار السير. وحين ننظر إلى تلك المخالفات نجدها مؤسفة من واقع أنها متعمدة ومقصودة وتنطوي على مجازفات تنتهي نهايات سيئة، ولا يمكن أن تحدث حوادث خارجة عن الإرادة وتقدم لنا كل الحصيلة التي أشرت إليها سابقا، ولذلك فإن العامل البشري هو الأساس، والخطأ مقصود ما يجعلني اقترح على إدارة المرور تقديم جائزة عبارة عن سيارة فاخرة لسائق العام المثالي في كل منطقة عسى يساعد ذلك في تقليل الحوادث مستقبلا.