موقف مجلس الوزراء الذي جدد الادانة لتصريحات وزيرة خارجية مملكة السويد، هو تأكيد للموقف الذي تتفق معه وتدعمه الأغلبية في المملكة. فالانتقاد للنظام القضائي ولأوضاع المرأة في المملكة لا نقبله كسعوديين، والمؤسف انه يأتي، مع الإصرار، من وزيرة خارجية دولة صديقة نحفظ لها الكثير من مشاعر الود والتقدير. السعوديون لن يقبلوا الطعن في الشريعة الإسلامية أو الهجوم على الشريعة الإسلامية لأغراض تعكس مواقف خاصة. إنه استفز مشاعر المسلمين في السعودية وحول العالم، خصوصاً أن المملكة تطبق الشريعة في قضائها ولا سلطان على القضاة لأحد إلا كتاب الله وسنة نبيه. وزيرة الخارجية السويدية في تصريحاتها تقدم حالة غير مقبولة في العلاقة بين الدول، فالتصريح تدخل سافر في الشؤون الداخلية للسعودية وفيه تطاول على السيادة. مؤسف ان يأتي هذا التجاوز في العلاقة من دولة اتسمت سياساتها وعلاقاتها بالحكمة واحترام مشاعر الأصدقاء، وقد حظيت العلاقة بيت البلدين بمرحلة متقدمة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي. والمؤسف أن وزيرة الخارجية التي يفترض - ان تكون أكثر حساسية لصدقات بلادها - هي من تتولى تخريب العلاقة مع الاصدقاء! المملكة عندما اتخذت الرد السريع والحازم، فهذا يعود لضرورة الوقوف ضد تعمد وقصد التشويه للدين الإسلامي. إن الرد السعودي القوي ينسجم مع مكانة المملكة في العالم عموما وفي العالمين العربي والإسلامي كونها مهوى أفئدة المؤمنين أولاً، ولمكانتها السياسية والاقتصادية ثانياً، كما ان الرد السعودي الحازم يؤكد على أن المملكة لا تساوم في مبادئها ولا سيادتها. نتمنى ألا تأخذ العلاقة مع دولة مثل السويد مسارا سلبيا يقوض ما حققه البلدان في العقود الماضية، وإذا أصرت السويد على موقفها، فإن الخاسر الأول من التصعيد في العلاقات بين البلدين هو السويد، فالميزان التجاري بين البلدين لصالح السويد بمليارات الدولارات. في عالم مفتوح الاسواق في الصناعات العسكرية، المتضرر الأكبر من ايقاف السويد للتعاون العسكري مع المملكة سيكون الشركات والمصانع السويدية، وما بين البلدين من تعاون عسكري قد لا يكون كبيرا الآن، لكن فرص التعاون في هذا المحال مستقبلا لن يكون في صالح السويد اذا أخذنا في الاعتبار توجه المملكة لبناء قواتها العسكرية. إن إيقاف التعاون العسكري استجابة لموقف سياسي هو في حقيقته تدخل في شأن دولة أخرى، هذا التصرف يضر بمصداقية السويد، ويرفع المخاطر في التعامل التجاري معها، وربما ينعكس على التزاماتها مع الدول الأخرى، ويضعها على المحك، ومن المؤكد أن العديد من دول العالم سوف تعيد النظر في أي تعاون اقتصادي مع السويد مستقبلاً. لن تجد السويد من يقبل مثل هذا التصرف، فالمعاملات التجارية لا تستغل للمساومة على المواقف والقرارات والاجراءات السياسية السيادية، والدول التي تحترم سيادتها ومصالحها العليا لن تقبل الابتزاز ولي الذراع. الدول الديمقراطية العاقلة هي التي تقدر التنوع الثقافي وتحترم خصوصية الآخرين، ولا يمكن لأية دولة تدعي الديمقراطية ان تطالب الاخرين ان يكونوا نسخة منها. الدول الديموقراطية هي التي تقدر وتحترم الأديان وتقدير الاختلاف بين الثقافات والعادات والتقاليد بين الدول. في السعودية تأخذ المرأة مواقع متقدمة في الحياة العامة، كما أن المرأة أخذت حقوقها كاملة وفقا للشريعة الإسلامية، ووفقا لرؤية ولي الامر، وكما تقدمت في التعليم والطب وغيرهما، تأخذ مكانها في الحياة السياسية، والآن نسبة النساء في مجلس الشورى تفوق نظائرها في دول العالم الأخرى.