أصبح ارتفاع الدولار من أكثر الظواهر الاقتصادية التي يجري مراقبتها بحذر وعناية عالمياً، كونه أكبر المحفزات والمؤثرات العالمية بمختلف فئات الأصول وخلال الشهر الماضي ارتفعت العملة الأمريكية بنسبة 5% تقريباً مقابل سلة من 10 عملات عالمية رئيسية بعدما اقتربت آفاق النمو الأمريكي المتحسن إلى ارتفاع السعر الرسمي الأول في أكثر من عقد من الزمن. وكشف تقرير اقتصادي حديث صادر عن «ساسكسو بنك» الاختلاف بين البنوك المركزية إلى استحداث الطلب الحالي على الدولار بعدما أصبح البنك المركزي الكوري في هذا الأسبوع البنك المركزي الثالث والعشرين الذي يقوم بتخفيف السياسة النقدية خلال هذه السنة. حيث شعر العالم بالتأثير السلبي لارتفاع الدولار في قطاع السلع مع هبوط مؤشر بلومبيرج العام للسلع بمعدل 2.3% بينما ارتفع الدولار بنفس النسبة المئوية تقريباً مما جلب المؤشر إلى أدنى مستوياته في 12 سنة. كما تضرر قطاع الطاقة كذلك جراء إمكانية استمرار المخزونات الأمريكية في الارتفاع تزامناً مع ترقب المعادن الثمينة اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة المزمع في الأسبوع القادم، وبقي قطاع المواد الاستهلاكية تحت الضغط بسبب هبوط أسعار الكاكاو والسكر والقهوة نظراً لقوة الدولار مقارنة بعملات بعض المنتجين الرئيسين لهذه المواد. حيث كانت المعادن الصناعية متفاوتة بتوازن خسائر النيكل والألمنيوم مع ارتفاع أسعار النحاس ومع تباطؤ آفاق النمو الصيني وارتفاع المخزونات، تبقى النظرة المستقبلية لارتفاع الأسعار أكثر مما هي عليه محدودة في هذه المرحلة. وكان القمح أفضل السلع أداء حيث شهد أكبر صعود أسبوعي له في أربعة أشهر في حين تم تصحيح مستويات المخزونات بصورة هابطة بينما يظهر نقص الرطوبة في سهول الولاياتالمتحدة علامات على الضغط على محصول الشتاء نظراً لكونه على أعتاب الانطلاق من فترة الراحة. وفي ذات السياق تعرض الذهب لعدة مشاكل اقتصادية في سبيل الوقوف في وجه الدولار المرتفع وانخفض لمدة 9 أيام متتالية وهو الأمر الذي شهدناه لآخر مرة عام 1973 في حين تمثل العزاء الوحيد في الحقيقة القائلة إن هبوطه كان أقل من حجم ارتفاع الدولار ما نتج عنه أسبوع إيجابي للذهب المسعر باليورو. ويقبع معدل اليورو مقابل الدولار في هذه الآونة على مسافة قريبة جداً من التكافؤ ومع التوقعات التي أدلى بها بنك استثمار رئيسي حول الانخفاض، تتسم النظرة المستقبلية على المدى القريب للذهب بالضعف. حيث سيمثل اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة حدثاً رئيسياً للمعادن الثمينة تزامناً مع ترقب السوق لأية تلميحات حول توقيت رفع الأسعار الأمريكية. ومما لا شك فيه، فإن الارتفاع الحاد في الدولار سيجعل من الربع الأول غاية في الصعوبة في وجه شركات التصدير الأمريكية مع احتمال معاناة النمو مما يحمل في طياته احتمال أن تميل لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة لأن تكون أقل تشدداً بالنسبة لدعم موقف الذهب. حيث قدم السعر حول 1,150 دولار للأونصة الدعم في نوفمبر وهذا ما تمت إعادته حتى الآن؛ وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن يشير أي اختراق حركة إليها لنختبر سعر نوفمبر المنخفض عند 1,132 دولار للأونصة. ويبدو الاحتمال الصعودي في الوقت الحالي محدوداً عند 1,176 دولار للأونصة أو 1,185 دولار للأونصة بينما من المحتمل أن تتحرك مجدداً فوق 1,195 دولار للأونصة لإعادة الزخم مرة أخرى إلى الوضع الطبيعي. كما ذكر التقرير عودة خام غرب تكساس الوسيط إلى الوضع الدفاعي مرة أخرى بعد الانفصال عن سعر 50 دولارا والذي تم تداوله فيه في الشهر الماضي، واستمر كلٌ من الانتاج والمخزون الأمريكيان في الارتفاع بغض النظر عن الانخفاض الحاد في منصات النفط العاملة. حيث تسترعي قدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية على تخزين كل هذا النفط الخام الوفير الانتباه في الوقت الحالي تاركة مساراً أقل من المقاومة إلى الاتجاه الهبوطي مرة أخرى. في حين أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الصادر في 04 مارس إلى أن مرافق التخزين الأمريكية ممتلئة بنسبة 60% كما بتاريخ 20 فبراير.