وزير الدفاع يستقبل وزير القوات المسلحة الفرنسية    لغز البيتكوين!    الوعد ملهم.. العام المقبل    وزير التجارة: الاهتمام بالجودة لم يعد خيارًا بل واجب وطني تجسد في رؤية 2030    95 % إشغال فنادق الرياض خلال إجازة منتصف العام    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    ترمب وحل الدولتين.. الاستراتيجية السعودية للتجديد في الشرق الأوسط    أعضاء حكومة ترمب.. الأهم الولاء والتوافق السياسي    الله عليه أخضر عنيد    «الأخضر» جاهز للقاء إندونيسيا.. ورينارد يكاشف الإعلام    الخليج يضرب أهلي سداب بفارق 21 هدفاً    كازا الرياض بطلاً للكأس الفضية للبولو    ستة ملايين عملية عبر «أبشر» في أكتوبر    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    المملكة تقود المواجهة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    سعودي يفوز بجائزة أفضل إخراج سينمائي في نيويورك    تدريب 123 شابا منته بالتوظيف    رصد اقتران القمر العملاق بكوكب المشتري في سماء عرعر    النصر يطرح تذاكر مواجهته امام السد القطري    طبيب الهلال يكشف الحالة الصحية لثلاثي الفريق    للمرة الأولى دعوة لاعتبار هجمات إسرائيل على غزة إبادة جماعية    للمملكة فضل لا يُحدّ    تكريم رجال أمن بالطائف    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف قوات الاحتلال لوكالة "أونروا"    دور التحول الرقمي في مجال الموارد البشرية في تحقيق رؤية المملكة 2030    الابتسام يتصدر ممتاز الطائرة    منتدى الاستثمار الرياضي في أبريل    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    احتفال أسرة الصباح والحجاب بزواج خالد    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    الخريجي وسفير أمريكا لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    المتشدقون المتفيهقون    السخرية    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    وطنٌ ينهمر فينا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللعبة السياسية واقتصاد أمريكا والأزمات المالية وراء ارتفاعات الذهب الحادة
هل الارتفاع الحاد مجرد فقاعة؟ أم له ما يبرره؟
نشر في الرياض يوم 11 - 09 - 2010

لعب الذهب دوراً هاماً ومؤثرا في المجالات النقدية والاقتصادية والمالية، أكسبت أسعاره حساسية تجاه المتغيرات السياسية والاجتماعية فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية التي تجتاح العالم، وهي ما منحته مكان الصدارة في اهتمامات الأفراد والمؤسسات والحكومات، لذلك تعتبر أسواق الذهب في كثير من الدول ذات تأثير بالغ على المتغيرات الاقتصادية الرئيسية مثل الاستهلاك والادخار والاستثمار، كما أن الذهب ما زال يمارس دوره في النظام النقدي الدولي باعتباره عمله عالمية وملاذاً استثمارياً آمناً يتم اللجوء إليه في فترات الأزمات كالأزمة المالية العالمية التي يعيشها العالم ويعاني من آثارها أو بوادر أزمة ديون حكومات انطلقت من اليونان، بالإضافة إلى انه لا يزال كثير من الدول تستخدم الذهب كجزء من احتياطاتها، وأخيراً فالكثير من المستثمرين أفراداً ومؤسسات يستخدم الذهب كجزء مهم من محافظهم الاستثمارية.
الذهب من أكبر الأوعية الإدخارية أماناً وارتفاعه رد على انخفاض الدولار وليس بسبب الطلب المتزايد
من جهة أخرى يلاحظ أن سبب الإقبال الشديد على الذهب في الوقت الحاضر لانه يعد من اكبر الأوعية الادخارية التي تتميز بالأمان مقارنه بالاستثمار في الأسهم والسندات حيث يلاحظ أن عائد الاستثمار في الأسهم والسندات كبير ولكن على المدى القصير أما بالنسبة للذهب فإن عائد الاستثمار فيه متزايد إلى حد ما بالإضافة الى تمتعها بقدر من الطمأنينة بالمقارنة مع مجالات الاستثمار الأخرى.
دور كبير للذهب في استقرار أسعار العملات
شهد العقد الحالي ارتفاعاً حاداً في أسعار الذهب اخترقت حاجز ألف دولار في شباط (فبراير) 2009 لتتجاوز 1260 دولاراً في (يوليو) 2010 السؤال الذي يحاول المحللون الإجابة عليه هو: هل الارتفاع الحاد الذي تشهده أسعار الذهب مجرد فقاعة ؟ أم له ما يبرره من عوامل أساسية، مثل الانخفاض الحاد في سعر صرف الدولار الأمريكي تجاه العملات الرئيسية الأخرى والارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار البترول والضغوط التضخمية التي تواجهها العديد من اقتصادات الدول المتقدمة والنامية وانخفاض سعر الفائدة الحقيقي على الدولار والعملات الرئيسية الأخرى؟ أو عوامل طارئة مثل احتدام شدة المضاربات والأزمات الاقتصادية والمالية والاضطرابات السياسية؟.
إن الإجابة على هذا السؤال تقضي إلقاء الضوء على دور الذهب في النظام النقدي الدولي والتطور التاريخي لأسعار الذهب.
تنامي طلب صناديق الاستثمار إلى 90 طناً خلال النصف الأول عام 2009
( دور الذهب في النظام النقدي الدولي)
خدم نظام المعدنين (الذهب والفضة) كنظام نقدي دولي لمدة طويلة، وعندما تبين انه نظام هش جرى استبداله عام 1880 بعد أن حسم الجدل في بداية القرن التاسع عشر لصالح الذهب ليحتل جوهر النظام النقدي الدولي بنظام جديد هو " معيار الذهب " والذي بموجبه تحققت أسعار صرف ثابتة، وبالتالي فلا يمكن لاسعار الصرف ان تختلف بأكثر من تكلفة شحن الذهب والتأمين عليه. وكان لثبات أسعار الصرف الذي تحقق في ظل نظام معيار الذهب أثر انضباطي قوي على الدول، فعندما تستورد دولة أكثر مما تصدر (أي إنها تعاني من عجز في ميزانها التجاري) ستدفع عملتها لتجار الدول الأخرى. فإذا جمعت الأوراق النقدية لهذه الدولة لدى أولئك التجار وليس لديهم ما يريدون شراءه من الدولة التي باعوا لها سلعهم، سيتوجهون إلى السلطة النقدية فتمثله بالبنك المركزي بالدول المستوردة يطلبون تبديل الأوراق النقدية بما يساويها من الذهب الذي ينقلونه إلى بلادهم، الأمر الذي يؤدي إلى خفض احتياطي الذهب بالدول المستوردة، ولكن في المقابل ستكون السلطة النقدية قد خفضت حجم عملتها الورقية عندما تستلم عملتها الورقية الموجودة لدى تجار الدول التي استورد منها.
ان انخفاض حجم العملة الورقية (السيولة المحلية) سيؤدي حتماً إلى خفض الطلب الكلي في اقتصاد الدولة المستوردة، وهذا بدوره يؤدي إلى خفض المستوى العام للأسعار (التضخم) وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري، ويمكن القول إن الدولة التي تعاني في عجز في ميزانها التجاري تضطر إلى تقليص حجم سيولتها النقدية المحلية، الأمر الذي يؤدي إلى خفض مستوى الطلب الكلي في اقتصادها مما يترتب عليه خفض المستوى العام للأسعار ( مستوى التضخم ) وإعادة التوازن للميزان التجاري.
في المقابل، كانت الدول ذات الفائض في ميزانها التجاري تلجأ إلى تطبيق سياسات التوسع النقدي أي زيادة حجم سيولتها النقدية المحلية مما يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي في اقتصادها، وهذا بدوره يؤدي إلى رفع المستوى العام للأسعار، ولما كان الالتزام الدولي في ظل هذا النظام باستقرار أسعار الصرف قوياً، الأمر الذي جنب أسواق الصرف الأجنبي من تقلبات أسعار الصرف، كما ساهم إلى حد كبير في السيطرة على المستوى العام للأسعار (التضخم) وتحقيق الاستقرار في ميزان المدفوعات، ومن ثم تحقيق الاستقرار الاقتصادي في معظم الدول، لذلك فان هذا النظام ظل قائماً بصورة مواتية حتى انهياره مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914.
إن اندلاع الحرب العالمية الأولى وما تطلبته من تغيير أساليب التمويل والمتاجرة والاستثمار في العالم وتنازلها عن إخضاع اقتصاداتها لاعتبارات التوازن الخارجي ونتيجة لتبدل الظروف التي يفترض توفرها من اجل التطبيق الفعال والسليم لنظام الذهب المتداول، وممارسة التنظيم الذاتي للعلاقات النقدية الدولية، أعفت بلدان العالم نفسها من متطلبات السياسة النقدية جميعها تحت وطأة الضرورات المستجدة وتمويل المجهود الحربي عن طريق إصدار كميات هائلة من الأوراق غير المستندة إلى قاعدة معدنية، وقد واجه هذا النظام (نظام قاعدة الذهب أو معيار الذهب) الكثير من العقبات أهمها عدم الالتزام والتعاون الدولي المواتي وعدم توفير احتياطيات كافية من الذهب في معظم الدول وعدم القدرة على مواكبة المتطلبات المتزايدة للسيولة الدولية وتغيير الخريطة الاقتصادية للدول المتحاربة، والإنفاق العسكري المحموم وغير العسكري بعد الحرب، غير عابئة بغطاء الذهب مما أدى إلى انخفاض مخزون الذهب (احتياطات الذهب) بحيث لم يكن يغطي سوى نصف العملة المتداولة، مما جعل العودة إلى نظام أسعار العملات ما قبل الحرب مستحيلاً، وهكذا تعرض نظام "معيار الذهب" إلى ضغط هائل.
وعقب نهاية الحرب العالمية الأولى تم العمل بتجربة أسعار الصرف العائمة خلال النصف الأول من العشرينات ولكن نتائج التجربة كانت مخيبه للآمال، لذلك فقد شهد النصف الثاني من العشرينات عودة تبني نظام قاعدة الذهب (معيار الذهب) مرة أخرى من قبل الدول الرئيسية ولكن مع إدخال بعض التعديلات وبهدف الإبقاء على ثبات أسعار الصرف في ظل نظام عالمي للمدفوعات متعدد الأطراف وبغية تحقيق مزايا الارتباط بقاعدة الذهب من دون التردي في عيوبها، أشترط صندوق النقد الدولي عند إنشائه ربط عملات أعضائه بالذهب كمبدأ جوهري للانطلاق نحو إقامة نظام نقدي دولي جديد يعيد للذهب مركزه التقليدي كأساس في تحديد أسعار تعادل العملات العالمية.
وفي محاوله لتحقيق نوع من الانضباط وتنظيم الأوضاع النقدية في عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى فقد نمى شعور قوي بضرورة العودة إلى النظام النقدي القائم على قاعدة الذهب على الرغم مما أفضت إليه الإصلاحات النقدية التي تمت في البلدان الرأسمالية الكبرى إلى الوصول إلى ذلك، إلا أن الظروف الاقتصادية والسياسية التي أحاطت باستئناف العمل بها والانهيار الذي أصاب الاقتصاد العالمي في نهاية العقد الثالث من القرن العشرين وما اقترن به من تمادي في اللجوء إلى تخفيضات تنافسية في أسعار الصرف واتخاذ الإجراءات الحمائية الهادفة إلى زيادة القدرات التنافسية ، أدى إلى التخلي نهائياً عن هذه القاعدة ومن ثم إيقاف قابلية تحويل العملة إلى ذهب.
ونتيجة للتجربة بين الحربين العالميتين فقد اجتمع في عام 1944 وزراء 44 دولة في مصيف بريتون وودز ( Bretton woods) الأمريكي حيث نتج عن هذا الاجتماع اتفاقية "بريتون وودز" ، وبموجب هذه الاتفاقية فقد أسس المجتمع الدولي نظام سعر تبادل ثابت للعملات ، حيث قررت هذه الدول ربط عملاتها بنسب محددة مع الدولار الأمريكي وربط الدولار الأمريكي بقيمة محددة من الذهب، حيث كانت كل أوقية ذهب تساوي 35 دولاراً أمريكياً (35 دولاراً للأوقية الواحدة). وبذلك يمكن القول ان النظام الذي انبثق من اتفاقية "بريتون وودز" استند شكلياً إلى الذهب وفعلياً على الدولار الأمريكي، وقد نجح نظام "بريتون وودز" الذي استمر من عام 1946 حتى عام 1971 في تحفيز النمو الاقتصادي في مناطق كثيرة من العالم وتقليص القيود على التجارة والعملات الأجنبية، وكمثال على هذا النجاح فقد حققت التجارة العالمية متوسط معدل نمو سنوي بلغ 6% بين عام 1953 و1963 و9% سنوياً بين عامي 1963 و1973.
وسار نظام "بريتون وودز" الذي شكل الدولار الأمريكي فيه العمود الفقري سيراً حسناً طالما الدولار قوياً وحظي بثقة العالم، بعد أن برزت الولايات المتحدة كأقوى قوة اقتصادية في العالم، كما كان لديها حوالي ثلثي الذهب النقدي العالمي في نهاية الحرب العالمية الثانية، ولذلك فقد كان بإمكانها ضمان قابلية تحويل الدولار إلى ذهب، كما أن ارتباط جميع العملات بالدولار وارتباط الدولار بالذهب كان مصدر استقرار مهم للعملات، والتجارة العالمية، وقد وجد البعض أفضلية الدولار على الذهب بحجة امكانية تحويل الدولارات إلى ذهب وفق السعر المعتمد وهو 35 دولاراً للأوقية.
في أواخر الخمسينات بدا واضحاً أن النمو في مخزون العالم من الذهب النقدي غير كاف لتوفير السيولة من الدولارات التي يحتاج إليها لتمويل النمو في الاستثمار والتجار الدوليين. كما أن العجز المتواصل في ميزان المدفوعات الأمريكي وكذلك العجز في الميزانية الفدرالية أدى إلى تزايد المديونية الأمريكية قصيرة الأجل. وبسبب السياسات النقدية التوسعية التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية لتمويل العجز في كلاً من ميزان المدفوعات والميزانية الفدرالية، تسارع نمو السيولة من الدولارات في داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحد الذي تكون فيه ما يسمى بفائض السيولة من الدولارات.
هل أن فك الارتباط بين الدولار والذهب إيذاناً بإنهاء دور الذهب في النظام النقدي الدولي؟
على ضوء ما تقدم، بات واضحاً أن الخزانة الأمريكية لا تستطيع تغطية الحجم المتزايد من سيولة الدولار بالذهب فقد أدرك العالم أن الدولارات المتراكمة في الخارج (السيولة العالمية من الدولارات) تفوق مخزون الذهب الأمريكي إذا ما أراد العالم تبديل دولاراته بذهب الخزانة الأمريكية، فسوف تفرغ هذه الخزانة خلال فترة قصيرة جداً، واستشعاراً بخطورة الموقف فقد سارعت إدارة الرئيس نيكسون في شهر أغسطس 1971 الى إصدار قراراً فردياً تضمن في إحدى فقراته إيقاف صرف الدولار الأمريكي بالذهب مما يعني ضمنياً انه تم عملياً إلغاء اتفاقية "بريتون وودز" وبذلك يمكن القول انه انزل الستار على الفصل في الدراما التي شهدت فقدان الذهب لدوره النقدي التاريخي نهائياً، والذي أكده "مؤتمر جامايكا" الذي أرخ لإلغاء السعر الرسمي للذهب ونزع الصيغة النقدية عنه وحظر أية وظيفة له في ترتيبات الصرف بين العملات الرئيسية أي الترتيبات المتعلقة بأنظمة سعر الصرف.
وبعد انهيار اتفاقية "بريتون وودز" أصبحت جميع الدول حرة في اختيار نظام سعر الصرف المناسب لها لتتأرجح بين قطبين احدهما التعويم والآخر الربط، أما أكبر خمسة دول صناعية (الولايات المتحدة ، اليابان، المانيا، انجلترا، فرنسا) والتي تشكل عملاتها الغالبية العظمى للاحتياطيات الدولية فقد اختارت منذ مطلع السبعينات ترتيبات أسعار الصرف وفق نظام العملات العائمة (نظام سعر الصرف العائم أو الحر) أي إنها تدع عملاتها تعوم مقابل بعضها كعملات رئيسية فيتحدد سعرها حسب آليات السوق (العرض والطلب).
فيما يتعلق بمعظم الدول الأصغر فقد اختارت ربط عملاتها بعملة واحدة من العملات الرئيسية او بسلة من العملات الرئيسية، كما أن هذه الدول لا تقوم بأية جهود تذكر لتطويع سياساتها الاقتصادية بغرض تقييد تقلبات أسعار صرف عملاتها ضمن حدود ضيقة فهي تسمح بحدوث تقلبات في أسعار صرف عملاتها ضمن هوامش واسعة لان سياساتها الاقتصادية وعلى رأسها السياسات النقدية والمالية موجهة بصفة رئيسية نحو خدمة الاقتصاد الداخلي لهذه الدول، فالسلطات النقدية والمالية في هذه الدول عندما تضع سياستها النقدية والمالية لا تضع استقرار صرف عملاتها بين أولوياتها إذ يمكن القول: انه بعد إيقاف صرف الدولار الأمريكي بالذهب أي منذ انهيار اتفاقية "بريتون وودز" شهدت أسواق الصرف الأجنبي تقلبات حادة في أسعار صرف العملات وبالذات الرئيسية منها، كما شهدت الدول الصناعية والكثير من دول العالم ارتفاعات متسارعة وغير مسبوقة في معدلات التضخم بالإضافة إلى حدوث أختلالات واضحة في ميزان المدفوعات للدول الصناعية الرئيسية والكثير من دول العالم .
يمكن القول: إن الذهب ساهم بوضوح من خلال دوره النقدي في استقرار أسعار صرف العملات وبالذات الرئيسية منها ( استقرار أسواق الصرف الأجنبي ) والمستوى العام للأسعار في الدول الصناعية الرئيسية والكثير في دول العالم كما ساهم في الحد من الاختلالات في ميزان المدفوعات للدول الصناعية الرئيسية،
وعلى الرغم من فقدان الذهب لدوره النقدي التاريخي نهائياً كما يعتقد الكثير، الا انه لا يزال للذهب دور مهم في النظام النقدي الدولي حيث عاد يمارس دوره التاريخي باعتباره عملة عالمية وملاذاً استثمارياً آمناً يتم اللجوء إليه كملاذ أخير في فترات الأزمات كالأزمة المالية العالمية الحالية التي لا يزال الاقتصاد العالمي يعيش آثارها من عدم استقرار في أسواق صرف العملات الرئيسية وتفاقم الضغوط التضخمية في العديد من الدول المتقدمة والنامية والركود الذي لا تزال تعاني منه العديد من اقتصادات الدول المتقدمة والنامية.
وأخيراً مازالت الكثير من الدول تستخدم الذهب كجزء من احتياطياتها بالإضافة إلى أن الكثير من المستثمرين أفراداً ومؤسسات يستخدم الذهب كجزء مهم في محافظهم الاستثمارية، وقد شهد العقد الحالي تنامي طلب صناديق الاستثمار على شراء الذهب من الأسواق العالمية الذي بلغ نحو 90 طن خلال النصف الأول من عام 2009 .
( التطور التاريخي لأسعار الذهب)
حققت مزايا الوظيفة النقدية لنظام قاعدة الذهب (لنظام معيار الذهب الدولي) وشروطها وعقلانيتها الآلية الذاتية إلى الحد من التقلبات الحاصلة في أسعار الذهب في الأسواق العالمية وحصرها في حدود ضيقة جداً وقريبة من مستوياتها الرسمية، إذ يمكن القول: إن أسعار الذهب تميزت بالثبات النسبي حتى بداية العقد الثالث من القرن العشرين، إلا انه قبل انتهاء سنة 1933 وبهدف معالجة ما أفرزته الأزمة الاقتصادية العالمية من كساد اقتصادي اجتاح العالم الرأسمالي ونتيجة لما أحدثه خروج المملكة المتحدة من قاعدة الذهب سنة 1931 وما تلاها من حركة الانهيار في النظم النقدية، قررت الولايات المتحدة الأمريكية رفع السعر الرسمي للذهب ليتحدد على وفق أسعار الذهب السائدة في الأسواق ليصل الى 35 دولار للأونصة الواحدة في نهاية عام 1934، هذا الارتفاع في أسعار الذهب قد يغري الى إلغاء تصديره ومنع تداوله وحيازته وهو الخطر الذي ظل سارياً حتى عام 1971 بعد ان بقى ثابتاً عند مستوى 20.67 دولاراً للأونصة الواحدة منذ سنة 1900 دولار عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً ابتاعها للنظام النقدي الذهبي.
في 17مارس 1968 تم الاعتراف بسعرين للذهب، احدهما حر (عائم ) تحدده قوى العرض والطلب في الاسواق الدولية للذهب وآخر رسمي يستخدم في التعامل بين الحكومات والبنوك المركزية كل هذه القرارات والإجراءات التي اتخذت تعني ضمنياً إلغاء مجمع الذهب، مما ترتب عليه ترك أسعار الذهب حرة (عائمة) تحددها قوى العرض والطلب، يعني بداية الانتقال إلى آلية حرة لتحديد أسعار الذهب، تتفاعل فيها المتغيرات الاقتصادية الدولية المؤثرة في قوى العرض والطلب.
وتعود التقلبات الحادة في أسعار الذهب في العقد السابع من القرن الماضي إلى تظافر عدة عوامل كان أبرزها الاضطرابات الاقتصادية والنقدية التي اجتاحت الدول الصناعية المتقدمة في بداية سبعينيات القرن العشرين وعدم استقرار أسواق صرف العملات الدولية والنقص الحاد في الكميات المعروضه من الذهب، وإلغاء اتفاقية " بريتون وودوز" وما ترتب عليها من فك ارتباط الدولار الأمريكي بالذهب، وارتفاع معدلات التضخم، في معظم دول العالم وبالذات في الدول الصناعية المتقدمة، والصدمات السعرية التي عمت أسواق النفط العالمية، وانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي أما معظم العملات الرئيسية وأخيرا انخفاض أسعار الفائدة الحقيقة في معظم الدول الصناعية المتقدمة ونتيجة لتغيير اتجاه معظم العوامل التي ذكرناها اعلاه، فقد اتصف سلوك أسعار الذهب بالتذبذب باتجاه الانخفاض خلال العقدين الثامن والتاسع من القرن الماضي لتصل الى أدنى مستوى لها في 20 تموز (يوليو) 1999 حيث بلغ سعر الاونصه الواحدة 252,8 دولار.
في عام 2002 يبدأ سعر الذهب رحلة الارتفاع الثانية ليتجاوز حاجز ال 300 دولار للاونصة الواحدة في 28 اذار ( مارس) 2002 ثم يرتفع الى 349,30 دولار في 27 كانون الأول (ديسمبر) 2002 وتواصل أسعار الذهب رحلة الارتفاع لتبلغ 416,2 دولار للاونصه الواحدة في كانون الأول (ديسمبر) 2003 و 454,2 دولار للاونصة الواحدة في كانون الأول (ديسمبر) 2004 ويتجاوز حد 500 دولار في كانون الأول (ديسمبر) 2005 ليبلغ 502,5 دولار. واصل سعر الذهب ارتفاعه ليبلغ 614,75 دولار في اذار (مارس ) ، كما تجاوز حاجز ال 700 دولار في أيار ( مايو) 2006 ليبلغ 715,50 و725 دولار، كما شهد سعر الذهب تقلبات مع اتجاه نحو الارتفاع حيث ارتفع سعر الذهب ليتجاوز حاجز 1000 دولار في شباط (فبراير) 2009 وفي الأسابيع الأخيرة من عام 2009 اقترب سعر الذهب من 1200 دولار للأوقية.
السؤال الذي يحاول المحللون الإجابة عليه هو: هل ان الارتفاع الحاد الذي تشهده أسعار الذهب مجرد فقاعه وان الذهب مثله مثل البترول والسلع الإستراتيجية الاخرى المقيمة بالدولار والتي شهدت أسعارها ارتفاعات حادة ثم عادت للتخفيض؟ أم ان هذا الارتفاع الحاد في أسعار الذهب له ما يبرره من عوامل رئيسية مثل الانخفاض الحاد في سعر صرف الدولار الأمريكي اتجاه العملات الرئيسية والارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار البترول والضغوط التضخمية التي تواجه العديد من أقتصادات الدول المتقدمة والنامية والانخفاض الملحوظ في سعر الفائدة الحقيقي للدولار ومعظم العملات الرئيسية وعوامل طارئة مثل الأزمة المالية العالمية وأثارها السلبية على الاقتصاد العالمي وتفاقم حدة المضاربات على الذهب يؤكد عدداً من المحللون أن مجرد النظر إلى السعر الفعلي (الحقيقي) للذهب، يصعب ان تجد له أدلة حقيقية على وجود فقاعة نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار الذهب.
(لماذا الارتفاع الحاد في أسعار الذهب ؟)
تدنت أسعار الذهب في نهاية عقد الثمانينات وأوائل عقد التسعينات، بسبب اختفاء نظام الحرب الباردة ، وسقوط الاتحاد السوفيتي حيث قامت الدول التي كانت جزءاً منه ببيع كميات كبيرة من الذهب الذي كان مكدساً كاحتياط في مصارفها المركزية إضافة إلى أن صناعة الذهب في مناطق عديدة من العالم قد توسعت في تلك الفترة وتم أيضا اكتشاف مناجم جديدة، فأصبح العرض أقوى من الطلب فتراجعت الأسعار، لكن منذ نهاية عقد التسعينات بدأت أسعار الذهب مسيرة معاكسة، أي بدأت بالارتفاع وواصلت ارتفاعها سنة بعد أخرى محققة معدل نمو سنوي بلغ 14,5 % خلال الفترة من 2000 الى 2009.
على ضوء ما تقدم يمكن القول: إن الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار الذهب منذ نهاية عقد التسعينات إلى الوقت الحالي يعزى إلى عوامل أساسية وعوامل طارئة، لنبدأ بإلقاء الضوء على أهم العوامل الأساسية التي تتمثل في الانخفاض الحاد في سعر صرف الدولار الأمريكي، حيث يعتبر الدولار أهم العملات الرئيسية لامتلاكه كل مقومات العملة الدولية حيث يعد أداة الاحتياط الأساسية ووحدة المدفوعات لمعظم العقود الدولية بالإضافة استخدامه في تقييم السلع الرئيسية وعلى رأسها الذهب والبترول، لذلك فان تقلبات سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى وبالذات الرئيسية منها يشكل عدم استقرار في الأسواق الدولية لهذه السلع مما ينعكس على جهاز أسعارها، واستمرار انخفاض سعر صرف الدولار خلال العقد الحالي تجاه معظم العملات وبالذات الرئيسية منها يعد سبباً رئيسياً في ارتفاع أسعار الذهب، لان ضعف قيمة الدولار يجعل من الذهب الذي يحدد سعره بالعملة الأمريكية في الأسواق الدولية أكثر جاذبية للأفراد والمؤسسات لاعتباره عملة عالمية وملاذاً استثمارياً آمناً ضد تقلبات سعر صرف الدولار واستمرار انخفاضه، كما ان تقلبات سعر صرف الدولار يفاقم من حدة المضاربة على الذهب مما يساهم أيضاً في رفع أسعاره.
ويمكن القول: إن ارتفاع سعر الذهب بنسب عالية منذ بادية العقد الحالي هو إزاء الدولار وليس إزاء عملات أخرى وإذا ما تمت مقارنة أسعار الذهب بأسعار صرف الدولار الآن، مع أسعار النصف الأول من عقد الثمانينات، فيمكن القول ان أسعار الذهب حتى عندما وصلت إلى 1000 دولار للأوقية لم تبلغ المستوى الذي بلغته في مطلع الثمانينات حتى وصل سعر الأوقية إلى 800 دولار، لذلك فان ارتفاع أسعار الذهب من الناحية الفعلية هو ارتفاع إزاء الدولار وليس إزاء العملات الدولية الأخرى، وهو ارتفاع اسمي وليس حقيقياً من هذه الناحية.
هناك ايضا الارتفاعات القياسية التي سجلتها أسعار البترول خلال العقد الحالي، حيث يؤكد الاقتصاديون أن ارتفاع أسعار البترول يفاقم الضغوط التضخمية عالمياً وبالذات في الدول الصناعية المتقدمة، وهذا يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي لان ارتفاع أسعار البترول يؤدي إلى زيادة تكاليف المواصلات والتدفئة والمنافع الأخرى بالإضافة إلى زيادة تكاليف إنتاج المنتجات النهائية من سلع وخدمات، وفي مثل هذه الحالات يتوجه الكثير لشراء الذهب مما يزيد الطلب عليه لاعتباره عملة عالمية وملاذاً استثمارياً آمناً يتم اللجوء إليه في فترات الازمات ( كالفترات التي تتزايد فيها معدلات التضخم ), بالإضافة إلى أن الذهب يمتاز بدرجة سيولة عالية جداً.
ان زيادة الطلب على الذهب يؤدي حتماً إلى دفع أسعاره للارتفاع بالإضافة إلى انه عندما تتفاقم الضغوط التضخمية عالمياً تشتد حدة المضاربات على الذهب مما يساهم في رفع أسعاره، وقد شهد معظم العقد الحالي انخفاض حاد في سعر صرف الدولار رافقه ارتفاعات قياسية في أسعار البترول، ونتج عن ذلك ارتفاعات ملحوظة لمعدلات التضخم في معظم الدول الصناعية المتقدمة والنامية، مما خلق البيئة المناسبة لنمو متسارع في الطلب على الذهب وتفاقم حدة المضاربات عليه. الامر الذي ساهم في الارتفاع الحاد لأسعار الذهب.
ويأتي تدني مستويات سعر الفائدة الحقيقي كعامل اساسي ثالث في ارتفاع اسعار الذهب، حيث تعتبر الفرصة البديلة للاحتفاظ بالأرصدة النقدية سائلة من قبل الوحدات الاقتصادية، وبناء على ذلك فان ارتفاع سعر الفائدة الأسمى بمعدل يفوق معدل التضخم يعني ضمنياً ارتفاع مستوى سعر الفائدة الحقيقي، وهذا الوضع يؤدي إلى زيادة الطلب على الأرصدة النقدية السائلة (أي الطلب على النقود الورقية) من اجل استخدامها كودائع ذات عائد وأيضا لشراء أصول مالية كالسندات. مما يؤدي الى خفض الطلب على الذهب فتنخفض أسعاره، وعلى العكس عندما ينخفض مستوى سعر الفائدة الأسمي دون معدل التضخم فإن ذلك يعني انخفاض مستوى سعر الفائدة الحقيقي مما يترتب على ذلك انخفاض الطلب على الأرصدة النقدية السائلة (أي الطلب على النقود الورقية) وفي المقابل زيادة الطلب على الذهب والأصول العينية والمالية الأخرى، وقد شهد العقد الحالي انخفاضا ملحوظا لسعر الفائدة الاسمي في الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول المتقدمة والنامية، حيث سجلت أسعار الفائدة مستويات متدنية رافق ذلك ارتفاع معدلات التضخم مما ترتب عليه انخفاض حاد لأسعار الفائدة الحقيقية في هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الوضع أدى إلى انخفاض الطلب على النقود الورقية (أي الطلب الكلي على الأرصدة النقدية السائلة) وزيادة الطلب على الذهب مما ساهم في رفع أسعاره خلال هذا العقد.
ويعد انخفاض إنتاج الذهب عالمياً خلال العقد الحالي من اسباب ارتفاع اسعاره حيث شهد العقد الحالي انخفاضا ملحوظا في إنتاج الذهب مما ترتب عليه انخفاض المعروض من الذهب عالمياً وفي المقابل حقق الطلب نمواً متسارع خلال العقد الحالي، حيث سجل متوسط معدل نمو سنوي بلغ 9% للفترة من عام 2000 إلى 2009 حيث ان الفجوة الواضحة بين الطلب على الذهب والمعروض منه ساهمت في دفع أسعار الذهب للارتفاع، ومن أهم الأسباب التي أدت إلى خفض إنتاج الذهب خلال العقد الحالي، انخفاض إنتاج الذهب في جنوب أفريقيا التي تعد من أكبر منتجي الذهب في العالم وذلك بسبب إغلاق الكثير من المناجم فيها من أجل إعادة هيكلتها ليستمر بذلك انخفاض الإنتاج الذي تشهده جنوب أفريقيا خلال العقد الحالي حيث تراجع الإنتاج بما يزيد على الثلث، والانهيار الذي أصاب الكثير من مناجم الذهب في اندونيسيا عام 2003 وسوء والأحوال الجوية في أمريكا واستراليا وهما من اكبر الدول المنتجة للذهب.
(العوامل الطارئة)
فيما يتعلق بالعوامل الطارئة التي ساهمت في الارتفاع الحاد لاسعار الذهب خلال العقد الحالي فيمكن ايجازها في رغبة دول مثل روسيا والارجنتين وجنوب أفريقيا في زيادة ما بحوزتها من الذهب بالرغم من إعلان البنوك المركزية الأوروبية لبيعها أكثر من 100طن من احتياطات الذهب الموجود لديها، بالاضافة الى زيادة الطلب من تركيا والصين حيث سجل في عام 2008 معدل نمو بلغ 28% في تركيا و13% في الصين وتنامي طلب صناديق الاستثمار على شراء الذهب الذي بلغ 87 طن خلال النصف الاول من عام 2008 وارتفاع الطلب العالمي على الذهب خلال الربع الثالث من عام 2008 بنسبة 9% مقارنة بنفس الفترة من عام 2007
كما ساهمت المضاربات العالمية في بوصة الذهب إلى ارتفاع أسعاره لان الصناديق الادخارية العالمية أصبحت تضم الذهب داخل محفاظها الاستثمارية وبالتالي يتم شراء كميات كبيرة من الذهب عند إنشاء تلك الصناديق الأمر الذي
ساهم في ارتفاع الأسعار، وكان للأزمات الاقتصادية والمالية والاضطرابات السياسية دور رئيسي في ارتفاع الذهب مثل الأزمة المالية العالمية وأزمة المفاعل النووي الإيراني والأعاصير التي ضربت خليج المكسيك والعجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي.
لقد ساهمت عدة عوامل في دفع أسعار الذهب إلى الأعلى ومن بينها الطفرة في أسعار النفط وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي وقيام المصارف المركزية في آسيا بتخفيض احتياطاتها من الدولار ودعم ودائعها بالذهب وخوف المستثمرين من آثار التضخم بسبب ضعف قيمة العملات ونظرة المستثمرين إلى الذهب باعتباره ملاذا آمناً لرؤوس الأموال وازدياد الطلب من قبل الصاغة والمستهلكين مقابل تراجع ما يعرضه المنتجون ورغم احتمال ارتفاع سعر الذهب إلى مستويات قياسية قد تتجاوز 1260 دولاراً للأوقية بسبب تضافر هذه العوامل، يأتي السؤال: هل تستقر الأسعار عند هذه المستويات؟ أم أنها ستدخل مرحلة تصحيح؟ يبقى الأمر رهين الظروف الاستثمارية والسياسية ومدى استمرار الطلب القوي على الذهب في المستقبل القريب، كما سيكون لأسعار صرف العملات الرئيسية خاصة مقابل الدولار دور في هذه العملية، أما سياسياً فإن التطورات في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تدفع المستثمرين إلى شراء الذهب، على الجانب الآخر هناك من يرون أن الطفرة الحالية في أسعار الذهب جاءت نتيجة استثمارات عفوية وليست نتيجة عرض وطلب وهي أشبه بفقاعة قد تتلاشى في أي وقت إلا إن التوقعات صعودا أو هبوطاً ينبغي أن تأخذ في الاعتبار حالة عدم الاستقرار التي قد تطرأ على أسعار المعادن النفيسة كلها وبصورة مفاجئة لسبب أو لآخر.
*الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد
– جامعة الملك عبدالعزيز
والمستشار الاقتصادي للغرفة
التجارية الصناعية في جدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.