"كلنا منتجون" ولكن إلى أين وصل إنتاجنا من حيث الاستمرارية وتطوير هذا المنتج البسيط، الذي يفترض أن يمول أسرة محدودة الدخل لينقلها من خانة التعطل والعوز إلى مستوى الإنتاج وتحقيق الكفاية أولاً ثم الوصول إلى مستوى الربحية والاستثمار؛ هذا هو السؤال المفترض والستار يسدل عن معرض جمعية فتاة الأحساء، ضمن سلسلة معارضها الخاصة بتقديم هذه الأسر ومنتجاتها المتنوعة في مجال الأطعمة والخوصيات وأعمال الخياطة وغيرها، والتي تمثلت في معرض قصر إبراهيم التاريخي في الأحساء والذي نظمته الجمعية ودشن فعالياته سمو أمير المنطقة، فكلها أعمال جيدة ومحاولات تصنع البداية وتكسر حاجز الخجل المغلف بالعرف الاجتماعي؛ فالشكر فعلاً للجمعية على جهودها في هذا المجال، سوى أن البحث عن التطوير والاستدامة هو المقصد والهدف الأكبر لإنجاح مشروع هذه الأسر والوصول بها إلى المستوى المطلوب، وهذا لن يتأتى إلا بمشروع وطني كبير يستلزم حضور العمل المؤسسي والشراكات الفاعلة بين كل الأطراف المعنية وفق أنظمة مرنة ودعائم مستمرة، فهناك العديد من التجارب العالمية الناجحة في مثل هذا المجال الحيوي تحولت فيه أسر ومجتمعات محلية إلى مراكز إنتاج يصل منتجها إلى كل أنحاء العالم، ويضيف أرقاماً حيوية مميزة إلى الناتج المحلي لتلك المجتمعات واقتصادياتها، كما يوطن الخبرات ويحفظ للمنتجين حقوقهم الفكرية والأسماء التجارية الخاصة بهم، فالعديد من السلع والمنتجات ذات الأسماء العالمية كان وراءها قصص نجاح ودعم مؤسسي مميز؛ وهنا قد تكون الجمعيات التعاونية هي الحل الأمثل لدعم ممارسات هذه الأسر التي اكشفت مقومات العمل وتعاطت معها ولكن تبقى المرحلة المؤسسية هي الأهم لتحقيق الاستدامة والتواصل؛ فيجب تعميم فكرة الجمعيات التعاونية لتكون الذراع الداعمة لهذه الأسر، وتتولى عملية تحسين وتطوير إنتاجها وتوسيع دائرة تسويقه محلياً وخارجياً؛ ففكرة جمعية فتاة الأحساء في صناعة ضوء إعلامي حول مهنية هذه الأسر ومحاولة المشاركة العالمية كما أتيح لها وأسر عدد من المناطق الأخرى من المشاركة في معارض عالمية كمعرض الأسبوع الأخضر في العاصمة الألمانية برلين العام الماضي، فكلها محاولات تنقطع بها السبل ما لم تحظ بالتواصل والديمومة والإتقان في العرض، أعود إلى فكرة التعاونيات بنموذجها العالمي الذي يتولى التمويل والتأهيل والتدريب وتوفير مسوغات الصناعة وتولي التسويق أيضاً، وكذلك التنسيق بين نشاطاتها في المناطق فليس من المعقول أن نطالب أسرة بالعمل والمشاركة والتسويق وتولي كل مهام ومراحل الإنتاج والتسويق، بل يجب أن يكون هناك تكاملية في الأدوار وبحث عملي عن الفرص ودراسات لتطوير المنتج، فنحن نتعامل مع هذه الأسر بعاطفة ونُقبل على تشجيعها بالمعارض المحلية والتصفيق لها وتدبيج العناوين الإعلامية، بينما هناك سلسلة من المعارف والخطوات تضمن الاستدامة والإضافة لناتج الأسر وللمجتمع بشكل عام لنحقق فعلاً شعار «كلنا منتجون». كاتب وإعلامي