اكتست غابة خيرة الواقعة في محافظة بني حسن المتربعة في أعالي جبال السراة بمنطقة الباحة، حلة خضراء وغطاء نباتيا كثيفا يبهر زائريها بتنوع أشجارها وطبيعتها، جراء هطول الأمطار الكثيفة مؤخراً على منحدراتها وسفوحها. وتحتضن غابة "خيرة" متنزه الأمير مشاري الذي يضم شلال خيرة الممتد من أعالي جبال السراة حتى بئر القلت الذي زود بنحو 45 مظلة و15 جلسة و3 مواقع لألعاب الأطفال ودورات للمياه، إلى جانب العديد من الخدمات الأخرى. ويجد محبو الطبيعة في غابة "خيرة" وتنوع فصول السنة في يوم واحد بين البرد والضباب، وتخلل ضوء الشمس أغصان أشجار العرعر والطلح، ملاذاً لنيل قسط من الاستجمام والابتعاد عن صخب المدينة وضجيجها. و"خيرة "من القرى التي حباها الله جمال الطبيعة ووفرة في المياه، ويبدو أن اسم القرية اشتق من كثرة الخيرات ووفرة المياه»، وخيرة في معجم لسان العرب من «الخَيْر»، وخَيَّرَهُ: فَضَّله وجمع خَيْرَةٍ، وهي الفاضلة من كل شيء. وحفاظًا على استمرار جريان المياه وتدفقها وحرصًا من المزارعين على حماية مزارعهم ابتكر الأهالي بناء مجارٍ للمياه تحت الأرض وهي سراديب يسميها الأهالي «دبل»، تصل من أعلى الجبل حتى أسفل الوادي بطريقة هندسية فريدة تشق المدرجات الزراعية يصل طول بعضها إلى 100 متر تقريبًا، وعرضها حوالي 1 متر. وفي أعلى كل مدرج زراعي يوجد حوض لتجميع المياه وسقاية المزرعة تعرف ب»الكضامة»، وفي حال الانتهاء من السقاية يتم تحويل المياه عبر المجاري الأرضية للوادي الذي يليه حتى يصل المياه إلى قعر الوادي وتصب في بئر تسمى «القلت» وهي بئر طبيعية ذات تجاويف صخرية عميقة ناتجة عن عوامل التعرية ولم يتدخل البشر في بنائها وينحدر إليها أكبر وأطول شلالات المنطقة الجنوبية دائمة الجريان ويقل جريانها مع انقطاع الأمطار وتعطي الزائر لوحة بانورامية لتضفي متعة بصرية فريدة. وأضاف العم صالح: حاول الأهالي في الماضي معرفة عمق البئر بإنزال حبال إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك لعمق البئر واتساع قطرها. كما أنها تفيض بالمياه على مدى السنين، وقد قامت مديرية المياه بإنشاء سد وادي العامر أسفل الوادي ويجمع في حوضه الممتلئ فائض المياه المتدفقة ليضفي على المكان روعة أخرى. مشيرًا إلى أن قرية خيرة وغاباتها وشلالاتها تنتظر رجال الأعمال والمستثمرين من أبناء المنطقة لبناء منتجعات سياحية ومطاعم فاخرة ومطلات على حوض السد وأمام الشلالات المتدفقة. وتكثر بغابة خيرة أشجار العرعر دائمة الخضرة، والزيتون البري «العتم» حيث كان الناس في الماضي يستخدمون أشجار العتم في أعمال النجارة وصناعة الهراوات والعصي وعمل دعائم لبناء المساكن القديمة لقوته وصلابته ويستخرج منه القطران الذي يتم طلاء المواشي به ضد بعض الأمراض. كما يستخدم القطران للأواني المنزلية التقليدية القديمة ويستفاد منه في العلاج أحيانًا ويمكن أن يكون رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا في حال قامت الجهات المعنية بتلقيح الزيتون البري وإعادة النظر في الاستفادة من زيت القطران المستخرج منه وتسويقه. ويعتبر وداي خيرة أكثر الوجهات السياحية التي يقصدها محبو وعاشقو الطبيعة البكر، ويُعرف الوادي بأشجاره الظليلة ومياهه العذبة الجارية وتلاله الخضراء التي جعلت منه المكان المُحبب لأبناء منطقة الباحة. واللافت في القرية التقنيات الحضارية القديمة التي استخدمها الأهالي في بناء ممرات المياه من تحت الأودية وبأطوال مختلفة غاية في الإتقان والإبداع. مضيفًا: بامكان أمانة الباحة عمل شلال صناعي من أسفل بئر القلت الى أعلى الجبل لضمان استمرارية الشلالات وتدفقها طوال العام. يذكر أن الأمانة بدأت تجهيز الغابة بالمظلات وإيصال الطرق إلى أسفل الوادي، إضافة إلى إنارة كامل الطريق وكثيرًا ما تحظى شلالات خيرة بزيارات سياح ومصطافين من دول الخليج وعدد من المسؤولين من الداخل والخارج. وادي خيرة أكثر الوجهات السياحية التي يقصدها محبو وعاشقو الطبيعة البكر