شدد الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الاطراف بالمملكة العربية السعودية على ضرورة تضافر الجهود في مواجهة الإرهاب والتطرف، الذي بات يشكل وباء خطيرا يهدد أمن المنطقة الأمر الذي يتطلب تعاونا بناء لمواجهته والقضاء على تنظيماته التي تطال الجميع بتهديداتها. ولفت في كلمته أمام مؤتمر الأمن الإقليمي والتحديات التي تواجه المنطقة العربية في القاهرة، إلا أن ما يقوم به تنظيم داعش والجماعات الارهابية الأخرى من أعمال إرهابية مخزية ضد المدنيين والأبرياء وهو دليل على ما يمكن أن يصل إليه الإرهاب من عنف ووحشية، الأمر الذي يتطلب تعزيز التعاون والجهود لمواجهته دون تردد. مضيفا : إن ما يردده بعض هذه التنظيمات من ادعاءات تنسب لهذا الدين هي بعيدة كل البعد عن حقيقة الإسلام وتسامحه، فالإسلام براء مما تقوم به هذه المجموعات من أعمال عنف وإرهاب وانتهاكات ضد الأبرياء وأعمال غير انسانية خارجة عن روح الإسلام الحقيقية وتعاليمه السمحة. وشددت المملكة على ان السلام والاستقرار لا يأتيان بتكديس أسلحة الدمار الشامل أو تهديد دول الجوار أو استخدام منطق القوة والتدخل في شؤونها وإنما يأتي عن طريق التعاون وبناء الثقة بينها وترسيخ روابط التفاهم والصداقة بين شعوبها والأخذ بالاعتبار مصالح دول الجوار الحيوية ومشاغلها الأمنية. وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني قال وكيل الخارجية : رغم حق إيران في الحصول على الطاقة الذرية للاستخدامات السلمية، إلا أن هذا يجب أن يكون تحت رقابة دولية كافية، وضمن المعايير الدولية المطلوبة لعدم إنتاج أسلحة نووية. كما انه من الضروري ضمان الشفافية والتعاون الجاد مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية، وأن يشمل ذلك عدم تدخل ايران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة أو السعي لزعزعة استقراراها أو الإخلال بأمنها. وأوضح ان التفاوض الحالي بين كل من ايران والدول دائمة العضوية والمانيا حول برنامج ايران النووي من أجل الوصول الى اتفاق يجب ان يلبي جميع مستلزمات أمن واستقرار المنطقة الذي هو جزء من الأمن والسلام الدوليين، وأن يكون كاملاً وشاملاً لجميع المتطلبات التي تضمن عدم قدرة ايران مستقبلاً على انتاج أسلحة نووية لما في ذلك من خير وسلامة المنطقة وشعوبها. وشدد على أن أمن المنطقة واستقرارها وتنميتها لا يمكن تحقيقها إلا بالتعاون البنَاء والتكامل على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، بما في ذلك تفعيل ميثاق جامعة الدول العربية وبقية الآليات والاتفاقيات التعاونية المبرمة بين الدول العربية. ونوه الأمير تركي بن محمد إلى أن المملكة العربية السعودية في طليعة الدول التي تقوم بمحاربة الإرهاب والتطرف والتعاون للقضاء عليه وتجفيف منابعه وردع مؤيديه، وأكدت دائما رفضها الشديد وإدانتها الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وأيا كان مصدره وأهدافه، وقامت على المستوى الوطني بسن الأنظمة والقوانين واتخاذ كافة التدابير التي تكفل مواجهة الإرهاب ومنع تمويله ومجابهة الفكر الضال المؤيد له. كما انضمت المملكة إلى جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية الساعية لمحاربة الإرهاب وحظر تمويله، ومنها الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1996م والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998م. واستضافت أول مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض في شهر فبراير 2005م، الذي أقر العديد من التوصيات التي طرحتها المملكة منها إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، الذي جرى لاحقا إنشاؤه تحت مظلة الأممالمتحدة في نيويورك. حيث تبرعت المملكة بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي لإنشائه، ثم قدمت لاحقا تبرعا سخيا قدره مائة مليون دولار أمريكي لتمويل أنشطة المركز وفعالياته، معربا عن أمله في ان تتمكن الدول من الاستفادة من امكاناته والتنسيق والتعاون معه لدحر الارهاب ومرتكبيه. واستعرض الأمير تركي بن محمد بن سعود الجهود العربية من أجل حماية الأمن القومي، لافتا الى ان الدول العربية قامت كذلك بجهود كبيرة لدعم المساعي الرامية الى جعل منطقة الشرق الأوسط منزوعة من كافة أسلحة الدمار الشامل. ورغم إخلاص النوايا والمساعي الحثيثة التي بذلت إلا أن هذا المشروع لم يكتب له النجاح حتى حينه، بسبب رفض إسرائيل الانضمام لاتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية أو الإفصاح عن منشآتها النووية، وسعيها المستمر لعرقلة الجهود الدولية في هذا الشأن. بالإضافة الى عدم جدية ايران التعاون مع الآليات الدولية للرقابة والتفتيش وإضفائها الغموض وحجبها الشفافية حول برنامجها النووي، واستمرارها في التعامل مع دول المنطقة بمنطق القوة والهيمنة والتدخل في شئونها الداخلية. وأشار الى انه رغم هذه العراقيل، إلا أن الدول العربية تواصل جهودها لعقد المؤتمر الدولي لجعل الشرق الأوسط منطقة منزوعة من أسلحة الدمار الشامل رغم تأجيل انعقاده في نهاية 2012م.